أسرة آل صباح في دولة الكويت

اقرأ في هذا المقال


أهمية أسرة آل صباح في تاريخ دولة الكويت:

لقد كانت أبرز الأسر التي حكمت دولة الكويت منذ ظهورها في عام 1613 ميلادي إلى يومنا هذا هي أسرة آل صباح، فتعتبر من أكبر الأسر العربية الحاكمة من قبيلة عنزة، حيث يرجع إليها الفضل في قيادة مسيرة التطور والتقدم التي حظيت بها دولة الكويت، فقد كانت مجرد ميناء صغير، يرتكز نشاطه الأساسي على صيد اللؤلؤ وتجارة العطور إلى الهند، فتطورت على يد تلك الأسرة وأصبحت دولة مستقلة غنية بالبترول.

وكان المؤسس الأول للأسرة الحاكمة هو صباح الأول، فقد تمكن من الوصول إلى حكم تلك المنطقة بسياسة حكيمة منه وبموافقة الأهالي ورضاهم بعيداً عن استخدام القوة، فقد تواصل حفاظ آل الصباح على تلك السلطة بقفل محكم بالشكل الدائم للأسر الكبيرة والقبائل، كما نجحوا في الاحتفاظ بعلاقة متوازنة ربطتهم بالقوى الخارجية والمجاورة لهم، وبالأخص العثمانيون والبريطانيون والقوى الداخلية في داخل إطار الجزيرة العربية.

وكان انتقال الحكم بداخل الأسرة الحاكمة يتم بشكل سلس وبموافقة من جميع أفرادها، وفي ذلك دليل على قوة العلاقة الرابطة بينهم، وفي عام 1896/1334 ميلادي وصل الشيخ مبارك إلى السلطة، وأصبح بذلك سابع من تولى الحكم في دولة الكويت من آل الصباح.

وفي أثناء تولي الشيخ مبارك الحكم في الدولة، كان حريصاً بشكل كبير على تحقيق وكسب الحماية البريطانية، فذلك لم يتحقق إلا في عام 1319/ 1899 ميلادي، من خلال المعاهدة السرية التي جرت بين الطرفين، حيث جاء بموجبها عملية استبعاد دولة الكويت عن تبعيتها لأي قوة خارجية أخرى، وفي ذلك الوقت لم يتم استقبال ممثلي هذه القوى في الكويت إلا بعد موافقة بريطانيا على ذلك، وبموجب تلك الاتفاقية أصبحت شؤون دولة الكويت من ضمن اختصاص المقيم السياسي البريطاني في بوشهر.

لقد كانت لهذه الاتفاقية أثر كبيرة في توثيق العلاقات التي تربط بين الكويت وبريطانيا، فقد استطاع من خلالها الكويتيين الحفاظ على استقلالهم، واستطاعتهم مواجهة الضغط العثماني، وبالأخص خلال الحرب العالمية الأولى، وكذلك استطاعت في الوقت نفسه زيادة عملية الازدهار والتطور التجاري الذي شهدته البلاد في تلك الفترة.

اهتمام القوى الخارجية في دولة الكويت في عهد الشيخ مبارك:

وفي عام 1900 ميلاي بدأ الاهتمام المتزايد للقوى الخارجية لدولة الكويت في الظهور بكل وضوح، وذلك من خلال زيارة مجموعة من مهندسي السكك الحديدية الألمان للمنطقة، ليقوموا بالبحث عن مكان مناسب؛ ليتخذوه محطة نهائية لامتداد مشروع خط سكة حديد برلين إلى بغداد في الخليج، فقد قامت الدولة العثمانية بمنح ذلك الامتياز للحكومة الألمانية.

وفي عام 1906 ميلادي رفض الشيخ مبارك هذا المشروع، ولم يقبل بأي امتيازات لمد هذا الخط، لاقتناعه بأنّها محاولة لتوسيع النفوذ العثماني على بلاده، وبأنه لا يستطيع التنازل عن الكويت للدولة العثمانية. وفي عام 1908 أرسل شيخ الكويت مبعوثين إلى لندن لطلب التحالف مع بريطانيا.

وبعد العديد من المفاوضات بين الطرفين اتفقت الحكومتان البريطانية والعثمانية، في عام 1913 ميلادي على مشروع يتعلق بمصالحهما في الخليج، بحيث مثّل وزير الخارجية إدوار جري عن حكومته البريطانية وعن الدولة العثمانية إسماعيل حقي باشا، حيث اعتبرت دولة الكويت بموجبها بأنّها دولة تتمتع بالحكم المستقل في قلب الدولة العثمانية، ويقوم حاكم دولة الكويت بالاستمرار بالعمل بناء على صلاحياته الإدارية فيها باعتباره قائم قاماً.

وفي عام 1914 ميلادي وقفت الحكومة البريطانية بجانب الشيخ مبارك ضد القوات العثمانية في شمال الكويت، فقد قامت بمنح الشيخ مبارك مجموعة من الامتيازات الإضافية، وكان من أبرزها اعترافها للكويت بأنها دولة مستقلة تحت الحماية البريطانية، ولم تكن الدولة العثمانية هي التهديد الوحيد لاستقلال دولة الكويت، فقد جذبت ميزات ميناء الكويت باعتباره منقذ لتجارة جبل شمر انتباه آل رشيد الذين دخلوا في منافسة مع آل سعود، وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين نشأ الكثير من الصراعات على الحكم في شمال شرقي الجزيرة العربية.

وفي عام 1915 ميلادي توفى الشيخ مبارك الصباح، حيث جاءت وفاته لتضع نهاية لمرحلة حاسمة ومهمة في تاريخ دولة الكويت، حيث بينت الخطوط الكبيرة لسياسة وتوجهات حكومة دولة الكويت في القرن العشرين، حيث تولى خلف الشيخ مبارك في حكم دولة الكويت ابنه الأكبر جابر بن مبارك الصباح، وذلك بناء على وصية والده، ولكنه لم يستمر في الحكم وقت طويل؛ فقد وافته المنية في عام 1917 ميلادي.


شارك المقالة: