أسس تقييم النظرية الاجتماعية في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


أسس تقييم النظرية الاجتماعية في علم الاجتماع:

يختلف الموقف النظري في العلوم الطبيعية عنه في العلوم الاجتماعية بصفة عامة وفي علم الاجتماع بصفة خاصة، ففي العلوم الطبيعية كعلم الحياة، مثلاً يوجد واقع بيولوجي له وجود موضوعي مستقل عن العالم الذي يبحثه ظاهرات الحياة من جهة ومن جهة أخرى توجد نظرية عامة تصور هذا الواقع في جوهر وتضم القوانين التي تحكم تغيره وتطوره، كما توجد نظريات نوعية أو فرعية تصور كل جانب من جوانب هذا الواقع على حدة، مثل نظريات وظائف الأعضاء أو التشريح أو الأجنة، ولكنها تستند على النظرية العامة وتستمد منها مسلماتها الأساسية.

حيث لم يعدّ هناك تعدد في النظريات العامة في العلم الطبيعي الواحد بل أصبحت هناك نظرية واحدة ثبت صدقها بالأدلة الأمبيريقية وأصبحت مهمة العلماء تطويرها والإضافة إليها واستخدامها في تفسير كافة الأحداث التي تدخل ضمن نطاقها.

أما في علم الاجتماع وغيره من العلوم الاجتماعية فإنه على الرغم من وجود واقع اجتماعي له وجود موضوعي مستقل عن العالم الذي يبحثه الظاهرات الاجتماعية، فإننا نجد نظريات عامة متعددة كل منها يقدم تصويراً لهذا الواقع يخالف ذلك الذي يقدمه غيرها.

وبالتالي فإننا أن نرى تفسيرات متنوعة لنفس الظاهرة الاجتماعية الواحدة، وهنا يقابل أي دارس لهذه النظريات بموقف حتمي يتعين عليه فيه أن يقارن بين هذه النظريات المتنوعة، وينتقي من بينها ما يرى أنها الأصلح أو أنها الأكثر إقناعاً، إلا أن عملية المقارنة هذه تتطلب بالضرورة تقييماً لكل منها على حدة، فعلى أي أساس يتم هذا التقييم.

ففي أحياناً كثيرة يدفع دارسوا النظريات الاجتماعية إلى متابعة هذه النظريات واﻷفضل ما بينها على أسس غير معروفة، ويتعاملون مع هذه النظريات كنا لو كانت سلعاً أو أشياء مما تقابلهم في حياتهم اليومية يعتمد اختيارهم ﻷحدها دون الأخرى على المزاج الشخصي أو مدى جاذبيتها الانفعالية فبعضهم يتبنى نظرية ما ﻷنها الأكثر رواجاً أو انتشاراً في ذلك الوقت مثلما يشتري سلعة ما ﻷنها المودة أو ﻷن كل الناس المرموقين يشترونها.

وبعضهم يتبنى نظرية أخرى ﻷن أشخاصاً معينين يثق فيهم ويحترمهم كالأساتذة مثلاً يتبنوها، والبعض الآخر يتبنى نظرية ثالثة ﻷنها تبدو بسيطة واضحة، أو حتى ﻷنها تبدو عميقة غامضة يصعب على الآخرين فهمها، كما أن بعض دارسي النظريات الاجتماعية يتبنى نظرية ما ﻷنها ظهرت في الغرب الذي يحبه لا في الشرق يكرهه أو العكس، ولا يندر أن نقابل شخصاً ما له وزنه في علم الاجتماع يقر لك صراحة أنه يرفض حتى مجرد قراءة نظرية معينة ﻷنها رأسمالية أو ﻷنها اشتراكية أو ﻷنها أجنبية ومستوردة ولا يقبل إلا نظرية محلية حتى ولو كانت قديمة وعفى عليها الزمن.


شارك المقالة: