أنواع الملاحظة في البحث الاجتماعي:
الملاحظة نوعان، إما ملاحظة بسيطة وإما ملاحظة منظمة والملاحظة البسيطة هي ذلك النوع الذي يتم بطريقة محددة والإيحاط بظروف وضوابط معينة، ولكن يحدث فيه أن تتم الملاحظة تلقائياً وبدون ضبط علمي، فكل منا في حياته يلاحظ، ويلاحظ حتى دون أن يشعر بأنه يلاحظ، ﻷن ملاحظته في هذه الحالة ليست موجهة نحو هدف معين، وهذا النوع من الملاحظة لا يمكن أن يسعى ملاحظة علمية، وﻷننا قد نلاحظ وننفعل بموضوع الملاحظة ونتحيز لموقف أو آخر، بينما الملاحظة العلمية لا بدّ أن تبتعد عن الإنفعال والتحيز.
والنوع الثاني، وهو الملاحظة المنظمة أو العلمية، أو المضبوطة فهو يعتمد على خطة علمية محددة وأبعاد واضحة ومعينة سواء بالنسبة للباحث أو مجتمع البحث أو الظاهرة موضوع الدراسة، ولذلك فهي أكثر تنظيماً ودقة وتتطلب حصر الموضوعات ونوع الاستجابات المطلوبة والتي تخدم أهداف البحث.
أقسام الملاحظة المنظمة في البحث الاجتماعي:
تنقسم الملاحظة المنظمة إلى قسمين، ملاحظة بدون مشاركة، وفيها لا يشترك الباحث في أي نشاط خاص يزاوله الأفراد موضوع البحث كما لا يشارك في القيم السائدة، أو النظم المعمول بها، ولهذا النوع عيوبه ومن أهمها عدم توفر عنصر الألفة بين مجتمع البحث، والقائم بالملاحظة، وبالتالي يتم التحفظ نحو الشخص، الأمر الذي يؤثر في نتيجة البحث.
والقسم الثاني، هو الملاحظة بالمشاركة، وهو يتضمن مجالاُ واسعاً من درجات مشاركة الملاحظة في حياة المجتمع الذي يدرسه، وهذه المشاركة تتراوح بين العضوية العادية في تنظيمات المجتمع، وبين القيام بوظيفة رئيسية فيه، وفي هذا النوع من الملاحظة يتعين على الباحث أن يكون حريصاً، ﻷن أي خطأ سوف يؤدي إلى الإساءة إلى وضعه في المجتمع وينعكس في نتائج سلبية لدراسته إن لم يهدمها من أساسها.
فقد قام أحد علماء الاجتماع ويدعى كوديل بدراسة العلاقات الاجتماعية داخل مستشفى للأمراض العقلية، فقام متخفياً بدور مريض عقلي، وعاش بين المرضى لمدة شهرين دون علم المرضى أو الأطباء، وبعد عام ونصف قام بجمع بيانات علنية من نفس المستشفى، ثم بعد ذلك جمع ملاحظاته في مستشفى للأمراض العقلية،وأسفرت دراسته عن أن من المهم النظر إلى المستشفى على أنه مجتمع صغير يؤثر في سلوك الأفراد الذين يقيمون ويعملونفيه، ومن هنا دعى إلى الاهتمام بالعلاقات الإنسانية داخله، بدلاً من الأخذ بالنظام الطبقي الجامد والسائد في المستشفى في هذا الوقت.
وهكذا نرى أن الملاحظة وسيلة أو أداة هامة من أدوات جمع البيانات في البحث الاجتماعي، رغم أن لها عيوباً ومميزات.