أهمية الثقافة في حياة الأمم:
في هذا المقال سيتم التذكير التام بالأهمية أو مدى أهمية الثقافة وارتباطها بالعلم والحضارة، ويجب أن نركز الضوء في البداية على مفهوم الثقافة من خلال المعاني المتعددة التي يرمز لها هذا المفهوم، فيمكن اعتبار الثقافة بأنها عبارة عن لغة المعاجم وهي الفطنة والذكاء وسرعة التعلم والفهم وتقويم العوج وتسويته، ولهذه الكلمة دلالات تدور حول الأمور الحسية والمعنوية، فتقويم المعوج وإصلاحه وتهذيبه يعتبر ثقافة بالمعنى المادي، وسرعة التعلم والفهم والإدراك والفطنة والذوق والأدب يعتبر ثقافة بالمعنى المعنوي.
الأمور الثقافية الأساسية:
كذلك لا بد من المعرفة بأنه من الممكن القول بأنه يتواجد ضمن حياة كل أمة من الأمم أمور ثقافية أساسية تحرص على تثبيتها وتطبيقها وتعميق إدراكها في نفوس أبنائها، وذلك في كافة المجالات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، ولتحقيق ذلك فإن الأمة تتخذ وسائل مختلفة، فتؤلف الكتب وتعقد المؤتمرات وتضع مناهج التربية والتعليم وتستخدم كل وسائل الإعلام لتوضيح هذه المفاهيم الثقافية وشرح وبيان وجوه النفع فيها.
ولا بد من معرفة أن مجموعات المعاني وما يرتبط بها هي تمثل ثقافة الأمة أو حضارتها، ولا يمكن أن تبقى الأمة دون تواجد ثقافة مستقلة بها، مثال ذلك الدول التي تأثرت بالغرب فحلت الثقافة الغربية محل ثقافتها الأصلية، إذ أخذت هذه الدول عن الغرب الميراث والطلاق والأحوال الشخصية.
كذلك لا بد من أن نوضح كيفية المحافظة على الثقافة بالتركيز الكامل على أنها عبارة عن هوية وطنية مميزة وغير قابلة للتحالف مع ثقافات غربية أخرى، وهنا نتذكر على سبيل المثال بداية فترة وجود طالب للدراسة في دولة أوروبية حيث راودته فكرة متسلطة بالعودة إلى الوطن بعد أيام قليلة من وصوله، لكنه كان مؤهلاً ومهيئاً لتحمل آثار الصدمة الثقافية.
ومن أجل المحافظة الكاملة على تميز ثقافة ما ينبغي أن نذكر التحديات التي مرت بها هذه الثقافة، ومن أبرز هذه التحديات بشكل عام هو الغزو الثقافي بشتى مؤسساته ووسائل إعلامه، وقد اتخذ هذا الغزو شكلين: الغزو المسلح الذي نتج عنه الاستعمار لمعظم الدول، وكذلك الغزو الفكري والثقافي، وقد ساعد الغزو المسلح الثقافة على تمهيد الطريق أمامها من أجل طمس الهوية للمجتمع الأصلي، وذلك عن طريق المدارس ووسائل الدعاية الأخرى من كتب وأقمار فضائية وقنوات إعلامية ووسائل اتصال تقنية.