نبذة عن إيمان الملك عبد العزيز:
كان الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله قوي الإيمان في الله ولا يشرك به أحد، فقد كانت هذه القوة في بعض المواقف تجعله يرتفع إلى مستوى عالي، كان يعتمد في كل أمور حياته على الله وحده، وكان على ثقة في نصره له، فحين قام الملك في استرداد الرياض، سار مع جشيه حتى اقترب من أبواب المدينة حيث استمر سيرهم لمدة ساعة ونصف، كما أنه كان في مقدمة جيشه، وكان عدد الجيش حينئذ يبلغ ستين رجلاً.
لم يكن يخطط للهجوم على خصومه؛ وذلك لأن عدد الجيش الذي معه كان قليل جداً، فقام بتقسيم جيشه إلى مجموعتين كان هو وسبعة من الرجال في مجموعة، وأخاه محمد مع الباقين حيث قام الملك في توصيته إذا لم تأتي أخبار حتى يوم التالي، أعلم أننا قد تم القضاء علينا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
كان الملك عبد العزيز آل سعود في حياته اليومية كما ذكره بعض الكتاب منهم عبد الرحمن الخطيب والعديد غيره، فقال: إنّه يستيقظ من نومه يومياً قبل صلاة الفجر كان يبدأ يومه في الصلاة وقراءة القرآن الكريم، وكان لسانه دائماً رطباً في ذكر الله في كل الأوقات، كان يحمد الله في السراء والضراء، وعندما يبعث خطاباً لأي شخص يبدأه في ذكر الله، يشكر الله على جميع نعمه.
كما أنّ الملك من حكام التاريخ الإسلامي الذي يتميز في تقوى الله، وخشيته له ويتميز الملك أيضاً بأنه على علم واسع في جميع أمور الدين والشريعة الأسلامية والمبادئ العامة التي يقوم عليها الدين الأسلامي لذلك وصف بأنه المختلف عن غيره من الحكام الذين تولوا العهد، فقد يقوم في إرشاد شعبه إلى الاهتمام في دينهم والمبادئ الذي يقوم عليها.
ذكر المقربين من الملك والأشخاص الذين يقومون في خدمته وحراسته، بأنه ينام إلى ما قبل الفجر، ويقوم بعدها في قراءة القرآن، والصلاة، حتى يقوم المؤذن في رفع الصلاة وبعد الصلاة يعود ويقرأ القرآن الكريم حتى شروق الشمس، فيسترح قليلاً، وعندما تشرق الشمس يقوم ويصلي ركعات عديدة من الصلاة لشكر الله أيضاً، فكانت كلماته وخطاباته في العديد من المناسبات تعبر صدقاً عن قوة إيمانه، وتوكله على الله، وكان يقوم في النصح لشعبه وتوجيههم إلى طاعة الله، فقد آتاه الله من العلم والدين حظاً وافراً.
كان الملك عبد العزيز يفهم الإسلام فهماً صيحاً، مما جعل الكثير من الناس يحتاجونه في هذا الوقت، وبعد العديد من سنوات حكم الملك عبد العزيز قام بعض الجهلة في ادعاء الكذب بعدم قيامه بمراعاة الأحكام الشرعية فيما قام به من إصلاحات وعلاقات مع غيره، حيث كان في الحقيقة خادماً للحرمين الشريفين، وكان أيضاً إماماً للمسلمين في عهده حيث كان وقتها يحكم الحجاز ونجد، وكان حريصاً كل الحرص على الالتزام بكتاب الله وسنة نبيه وأتباع السلف الصالح.
وقد كان الملك يحكم في الشرع في كل الأمور التي تتصل في الدين، ولم يمنع الملك التقدم والتطور في البلاد التي تؤدي إلى نفع أهلها، ولم يقم الملك عبد العزيز في حظر استخدام ما يجعل حياة المسلمين ميسرة، كان دليلاً على ذلك قوله ” لقد قام المسلمون اليوم في الاستيقاظ من نومهم، فيجب عليهم أن يستحلوا في الأسلحة التي بين أيديهم، وهي نوعان: سلاح التقوى وطاعة الله، وثانيهما: الأسلحة المادية من طيارات وسيارات”، لذلك قام في استخدام هذه الأسلحة، وذلك لم يعجب بعض الجهله الذي أخذوا ذلك حجة لهم وقاموا في انتقاد الملك بأنّه لم يطبق أحكام الشريعة الأسلامية.
وفي سنة 1345 هجري الموافق 1927 ميلادي قام الملك في الخطب في أهل مكة، حيث قام في تذكيرهم على وجوب شكر الله على نعمه عليهم، حتى لا يصبح حالهم كما حال عاد وثمود، التي لم تتخذ الوعض من الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث نبه الناس بأن النعم الحقيقية لا تزول، وهي نعمة الايمان بأن لا إله إلا الله، فجاء في خطاب الملك إلى الناس: “نحن لم نجئ إلى هذا المكان إلى هدف الطمع، أو لتلقب بلقب الملك وتمتع في نعمه، فنحن نبرأ إلى الله من ذلك” ثم يقوم ويقول للناس: ” للإنسان مال وولد وأقارب وأعمال، وكل ذلك يذهب ما عدا الأعمال، فالأعمال تحتاج إلى النية الصافية والإخلاص واتباع كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم”.
قال الملك عبد العزيز من تواضع إلى الله زاده الله في رفعه، حيث كان يقوم أيضًا في تفسير بعض آيات القرآن الكريم في خطبته والمناسبات التي يحضرها، وكان في معظم خطبته وكلماته، يظهر اهتمامه في التوحيد الخالص لله تعالى،حيث قام في توجيه الناس إلى الإخلاص إلى الله تعالى في القول والعمل، وحذر الناس من الفرقه والبغضاء بينهم، وهذا لم يصدر عن ملكاً إلا وكان يتحدث بقلب سليم إلى شعبه. وكانت كلماته وتوجيهاته ونصائحه إلى الناس من سمة الملك الصالح الذي يتميز عن كل ملوك عصره، وحتى ما قبل عهده.
كان خطاب الملك عبد العزيز الذي يوجهه إلى شعبه يتميز في العاطفة التي تظهر في كلامه، حيث لم يعهد ذلك في كلام الملوك والرؤوساء، وحتى توجيهاته لا تخلو من محبته لهم، فقول في خطابه لأهل الحجاز في عام 1360 هجري الموافق 1941 ميلادي ما يلي:” لقد تحدثت لكم مرارً أنني أُحب هذا البلد وأحب أهله، وأُفضل البيت الحرام والقرب من مقر هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويشير الملك عبد العزيز إلى ثلاث أمور ينبه الناس منها وهي: (المخافه من الله والحجة علينا بما أعطانا الله من النعم والأمر الثالث هو النصيحة). ويوجه الملك شعبه على ترك المعاصي والطاعه الخالصة لله وحده.
وصف الملك عبد العزيز آل سعود لنفسه:
كان الملك يتحدث عن نفسه ويقول أنه عربي، ومن أخيار الأسر العربية، ولم يكن متطفلاً على الحكم والمُلك، ويقول أن آبائه من الرؤوساء والملوك المعروفين من قديم الزمان، ويقول أنه لم يتكئ على غيره في القيام والنهوض، وإنّما كان أساسًا متوكلاً على الله وحده، وأن الآخرين يتؤون عليه ويستندون إليه، ويلجؤون إليه في كثير من الأمور إن شاء الله.
لقد كان الملك عبد العزيز آل سعود من الصادقين في القول عن أنفسهم؛ وذلك لأنه من العارفين بالله وبعد ذلك يعرف نفسه، وقد كان يرى البعض الذين يبحثون في سير الملوك والعظماء أن إيمانهم في الله وتقواهم، وخشوعهم له أمر خاص لهم وحدهم، وهذا القول خطأ شديد فإن نوايا الإنسان تظهر في أقواله وأعماله، ولقد كانت نوايا الملك عبد العزيز في أولها وآخرها، هي الإيمان في الله والإيمان في حكمه، حيث كان لها أثر في جميع أفراد شعبه إلى يومنا هذا، حيث كان يؤمن بالله ولا يشرك به أحد ويلتزم في حكم الله في جميع الأمور من صغيرها إلى كبيرها، وكان معتزاً في الإسلام والعروبة، مما جنب شعبه التجارب الفاشلة في عهده وما بعده.
لقد أصلح الله تعالى دين الملك عبد العزيز فقد كان ذلك ينعكس على شعبه حيث صَلح شعبه في ذلك الوقت، كان الملك من الحكام والرؤساء الذين يتميزون عن غيرهم في الكثير من الأشياء، فكان الملك عبد العزيز على سعة واسعة من العلم والدين لذلك قام في توجيه شعبه وإرشادهم إلى الطريق الصحيح وهو الطريق الوحيد الذي يصلح به جميع رعاياه وتتيسر أمورهم من خلاله وهو طاعة الله تعالى وتطبيق أحكامه الشرعية واجتناب المعاصي والآثام التى تؤدي إلى التهلكة.
كان الملك رجلاً صالحاً تقياً، لذلك أنار الله فكره في العلم والمعرفة، حيث قام والد الملك عبد العزيز الإمام عبد الرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود في تعليمه أمور الدين منذ صغره، فقام في العمل بما علمه له، وكان الملك عبد العزيز يجالس العلماء. فقد استفاد منهم واستقبل ما عمله إياه والده في عقل كبير وصدر رحب، ونفس زكية، مما أدى إلى امتلاء قلبه في الإخلاص لله ولدينه، حيث انطلق لسانه في الحكمه والموعظة الحسنة لذلك أخذ الملك عبد العزيز آل سعود على نفسه مهمة وهي توجيه جميع شعبه إلى التوحيد والطاعة والامتثال إلى أوامر الله، وقال الملك عبد العزيز آل سعود أن رفعة الأمم هي في اتباع شرعية الله تعالى والأحكام الشرعية.