الآراء المؤيدة للرعاية الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


نتج عن اتّباع الأفكار السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة المُعارضة للتّدخّل الحكومي في الرعاية الاجتماعيّة كثيراً من المُشكلات المجتمعيّة، والتي حتّمت تغيير هذه المُعارضة والدّعوة للتّدخل الحكومي لتنظيم الرعاية الاجتماعيّة.

ويمكن أن يُعزى هذا التغيير الفكري في الأفكار السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة المُستحدَثَة، والتي نلخصها فيما يلي:

الأفكار السياسية المؤيدة للرعاية الاجتماعية

بيّنت هذه الآراءُ بزوغَ تيّارٍ اشتراكيٍّ جديدٍ في العالم مُناهض للنّظام الرأسمالي، وبالتّالي بدأت الحكومات الغربيّة تمُدُّ بصرَها لِمجال الرعاية الاجتماعيّة خوفاً من ذلك الغزو الفكري السياسي الجديد.

كما أنَّ القِيمَ السياسية تعرضت لبعض التغييرات هي الأُخرى، ولعلّ أبرزها أنَّ النظام الديمقراطي القائم على الانتخابات أعطى للمُواطن سلطة تغيير وظيفة الدولة، وإجبارِها على التدخل في مجال الرعاية الاجتماعيّة. كما أدَّت الحروب المُتوالية لحتميّة تدخل الدولة؛ لأنَّ الحماية والأمن هي من الوظائف الأساسيّة لها، وتلي فترة إنتهاء الحروب تحويل مبالغ طائلة لِبرامج مُكافحة الفقر.

الأفكار الاجتماعية المؤيدة للرعاية الاجتماعية

بيّنت التجربةُ الرأسماليّةُ ظهورَ بعضِ المساوِئ والسلبيات، وكانت أعظم هذه المساوئ، تلك التجاوزات والسلبيات الاجتماعيّة التي صاحبت الثورة الصناعيّة، بجانب حركة إنشاء المُدن الصناعيّة الجديدة وتفشي الأمراض فيها؛ لازدحامها، وبجانب المشكلات الاجتماعيّة المُصاحِبَة للأزمة الاقتصاديّة مثل البطالة والانحراف.

الأفكار الاقتصادية المؤيدة للرعاية الاجتماعية

أظهر التطبيق الرأسمالي للاقتصاد اللّيبرالي تضاؤل الأمن الاقتصادي نتيجة للاعتماد على الأفراد اقتصاديّاً، وهو ما دعى لِتدخل الدولة لتنظيم الرعاية الاجتماعيّة، كما أنَّ تنظيم الأفراد في اتّحادات وتكتُّلات اقتصاديّة قضى على المُنافسة الاقتصاديّة، ممَّا استوجب تدخل الدولة، وهو ما دعاها إلى توفير الرعاية الاجتماعيّة؛ لامتصاص القدرة الإنتاجيّة المُتزايدة، بجانب عجز النظام الاقتصادي الحرّ عن تحقيق التنمية الاقتصاديّة في كثير من دوَل العالَم النَّاميَة.

جوانب أساسية تتبناها الرعاية الاجتماعية

1. تحقيق العدالة الاجتماعية

ترى العديد من الأفراد أن الرعاية الاجتماعية تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية. من خلال تقديم الدعم للفئات الأكثر احتياجًا، يمكن للرعاية الاجتماعية تقليل الفجوات الاجتماعية وتوفير فرص متكافئة للجميع، مما يعزز المساواة في فرص الحياة.

2. تحسين جودة الحياة

يعتبر العديد من المؤيدين أن الرعاية الاجتماعية تسهم بشكل كبير في تحسين جودة حياة الأفراد. من خلال توفير خدمات الرعاية الصحية والتعليم والدعم الاجتماعي، يمكن أن تسهم هذه الجهود في تحسين الحياة اليومية للأفراد وتعزيز شعورهم بالرفاهية.

3. تعزيز الاستقرار الاقتصادي

تؤكد الآراء المؤيدة أن الرعاية الاجتماعية تساهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي عبر تقديم دعم للفئات الضعيفة اقتصاديًا. من خلال برامج الضمان الاجتماعي والمساعدات المالية، يمكن أن تلعب الرعاية الاجتماعية دورًا فعّالًا في تعزيز الاستقرار المالي للأسر والأفراد.

4. تعزيز التضامن الاجتماعي

يرون مؤيدو الرعاية الاجتماعية أنها تسهم في بناء مجتمع مترابط ومتضامن. عندما يعلم الأفراد أن هناك نظامًا يقوم بدعم الجميع، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعزيز روح المشاركة والمساهمة في الخدمة المجتمعية.

5. تعزيز الإنتاجية الاقتصادية

يشدد مؤيدو الرعاية الاجتماعية على دورها في تعزيز الإنتاجية الاقتصادية للمجتمع. عندما يحظى الأفراد بدعم صحي وتعليمي جيد، يصبحون أكثر قدرة على المساهمة في الاقتصاد وتحقيق التنمية. هذا يؤدي إلى تحفيز النمو الاقتصادي وتحسين فرص العمل.

6. تعزيز السلامة الاجتماعية

يعتبر مؤيدو الرعاية الاجتماعية أنها تسهم في تعزيز السلامة الاجتماعية، حيث تخفف من الضغوط والتوترات التي قد تظهر في حالات الحاجة الماسة. بتوفير شبكة من الخدمات الاجتماعية، يمكن أن تكون الرعاية الاجتماعية وسيلة للتصدي للتحديات الاجتماعية والنفسية.

7. الحد من التفاوت الاجتماعي

تشير آراء مؤيدة إلى أن الرعاية الاجتماعية تلعب دورًا مهمًا في الحد من التفاوت الاجتماعي. من خلال تقديم الفرص والخدمات للجميع، بغض النظر عن الظروف الاقتصادية، يمكن تحقيق توازن أكبر في المجتمع وتقليل الفجوات بين الطبقات.

تجمع هذه الآراء المؤيدة حول أن الرعاية الاجتماعية تشكل أساسًا أساسيًا لبناء مجتمع يعتمد على التضامن والعدالة. إن تعزيز صحة الفرد وتوفير الفرص يخلق بيئة يمكن للجميع فيها الازدهار، مما يعكس الرؤية الشاملة للرعاية الاجتماعية في تعزيز رفاهية المجتمع بأسره.


شارك المقالة: