الآلية السيميائية لتحليل بنية النص ورموزه

اقرأ في هذا المقال


يجادل بعض المنظرين بأن الآلية السيميائية تشير إلى أن المواقف موجودة بالفعل داخل بنية النص ورموزه، حيث أن السرد أو الصور دائمًا ما تدل أو تبني موقفًا أو مواقف يمكن قراءتها أو عرضها، وما أطلق عليه كولين ماكابي الشهير النص الواقعي الكلاسيكي هو تنسيق لإحداث الخاتمة.

الآلية السيميائية لتحليل بنية النص ورموزه

حيث يتم قمع التناقضات ويتم تشجيع القارئ على تبني موقف يبدو منه كل شيء واضحًا، ويفترض هذا الموقف كلاً من أن النص متجانس وأن له معنى واحدًا فقط ذلك الذي قصده صانعوها، بينما يؤكد المنظرون المعاصرون إنه قد يكون هناك عدة مواقف موضوعية بديلة حتى متناقضة يمكن أن يكون للنص معنى.

في حين أن هذا قد يتوقعه المؤلف في بعض الأحيان، إلا إنه لا يتم تضمينه بالضرورة في النص نفسه، وليس كل قارئ هو القارئ المثالي الذي يتخيله منتج أو منتجو النص والعبارة، وتحديد موقع الموضوع تعني ضروري وبالتالي فهي إشكالية حيث توجد دائمًا بعض حرية التفسير، على سبيل المثال قد يتم اختيار اعتبار مجموعة التعليمات المترجمة بشكل سيئ لتجميع الأثاث ذي العبوات المسطحة كنص تم إنشاؤه فقط من أجل التسلية.

وإن الفكرة القائلة بأن الآلية السيميائية لتحليل بنية النص ورموزه تتشكل وتُبنى بواسطة هياكل معطاة مسبقًا هي سمة عامة للبنيوية، وإنه يشكل معارضة جذرية للموقف الإنساني الليبرالي أو البرجوازي الذي يقدم المجتمع على إنه يتكون من أفراد أحرار ينجم تحديدهم الاجتماعي عن جوهرهم المعطى مسبقًا مثل الموهوبين والكفؤ والكسول.

وكان الفيلسوف الفرنسي الماركسي الجديد لويس ألتوسير أول منظّر أيديولوجي يعطي أهمية لمفهوم الآلية السيميائية لتحليل بنية النص ورموزه، وبالنسبة له كانت الآلية السيميائية عبارة عن نظام تمثيل للواقع يقدم للأفراد مناصب موضوعية معينة يمكنهم شغلها.

وأعلن بشكل مشهور أن ما يتم تمثيله في الآلية السيميائية هو ليس نظام العلاقات الحقيقية الذي يحكم وجود الأفراد، ولكن العلاقة الخيالية لهؤلاء الأفراد بالعلاقات الحقيقية التي يعيشون فيها، وأوضح الآلية السيميائية للاستجواب.

حيث أن أيديولوجيا الأفعال أو الوظائف بطريقة تجعلها تجند الأفراد بين الأفراد تجندهم جميعًا أو تحول الأفراد إلى ذوات، كما إنها تحولهم جميعًا من خلال تلك العملية الدقيقة جدًا التي أسماها الاستجواب أو الترحيب، والذي يمكن تخيله على غرار أكثر شيوعًا.

ويستخدم منظرو الإعلام الماركسيون مفهوم الآلية السيميائية لتحليل بنية النص ورموزه للاستجواب لشرح الوظيفة السياسية لنصوص وسائل الإعلام، ووفقًا لهذا الرأي فإن الموضوع كالمشاهد والمستمع والقارئ يتكون من النص، وتكمن قوة وسائل الإعلام في قدرتها على وضع الموضوع بطريقة تُعتبر تمثيلاتها انعكاسات للواقع اليومي.

الحتمية النصية من قبل السيميائية الاجتماعية المعاصرة

تعكس الأطر البنيوية لتحديد المواقع موقفًا من الحتمية النصية التي تم تحديها من قبل السيميائية الاجتماعية المعاصرة، الذين يميلون إلى التأكيد على الطبيعة متعددة المعاني للنصوص أي تعددية المعاني جنبًا إلى جنب مع تنوع استخدامها وتفسيرها من قبل جماهير مختلفة أي تعدد السلالات.

ومع ذلك قد يكون التمييز مناسبًا هنا بين الرسالة والرمز، في حين أن المقاومة على مستوى الرسالة ممكنة دائمًا، فإن المقاومة على مستوى الكود تكون عمومًا أكثر صعوبة عندما يكون الرمز مهيمنًا، ويقود الإلمام بالرموز في النصوص الواقعية خاصة النصوص الفوتوغرافية والفيلمية إلى تعليق عدم الإيمان بشكل روتيني حتى وإن لم يكن بالضرورة في المحتوى الظاهر.

ويؤكد التعرف على المألوف تحت ستار الطبيعي مرارًا وتكرارًا الطرق التقليدية في الرؤية، وبالتالي يعزز الإحساس بالذات بينما يساهم في نفس الوقت بشكل غير مرئي في بنائه، وعند قول تُرى ما تعنيه الصورة فإن هذا الفعل يضع المرء في نفس الوقت في مكان من المعرفة ويضعه في مكانه باعتباره موضوعًا لهذا المعنى.

وإن الوقوع في مكانه في نص واقعي هو تجربة ممتعة يرغب القليلون في تعطيلها من خلال التحليل الانعكاسي الذي من شأنه أن يضع أمن الإحساس بالذات موضع تساؤل، وهكذا فإن المرء يستسلم بحرية للعمليات الأيديولوجية التي تبني الإحساس بالنفس كفرد يتمتع بالتفكير الحر.

الكود النصي

الكود النصي الأساسي المتضمن في بناء الموضوع هو النوع، والأنواع الأدبية ظاهريًا محايدة، وتعمل على جعل الشكل أعراف النوع أكثر شفافية لمن هم على دراية بهذا النوع، وفي مقدمة المحتوى المميز من النصوص الفردية، من المؤكد أن النوع يوفر إطارًا مرجعيًا مهمًا يساعد القراء على تحديد النصوص واختيارها وتفسيره.

بالإضافة إلى مساعدة الكتاب على التأليف اقتصاديًا في الوسط، ومع ذلك يمكن أيضًا اعتبار النوع الأدبي على إنه يجسد قيمًا وافتراضات أيديولوجية معينة ويسعى إلى تأسيس رؤية معينة للعالم، وقد تعكس التغييرات في اتفاقيات النوع وتساعد على تشكيل المناخ الأيديولوجي السائد في ذلك الوقت.

ويرى بعض المعلقين الماركسيين النوع كأداة للرقابة الاجتماعية التي تعيد إنتاج الأيديولوجية السائدة، وضمن هذا المنظور يُنظر إلى النوع على إنه وضع الجمهور من أجل تطبيع الأيديولوجيات المحافظة المطمئنة التي عادة ما تكون مضمنة في النص.

ومن المؤكد أن الأنواع الأدبية بعيدة كل البعد عن الحياد الأيديولوجي، وتنتج الأنواع المختلفة مواضع مختلفة للموضوع وتنعكس في طرق معالجتها، ولاحظ توني ثويتس وزملاؤه إنه في العديد من الأعمال الدرامية التلفزيونية يعمل المحققون الخاصون اللطفاء أو الأثرياء من أجل الأثرياء.

ويحلون الجرائم التي ترتكبها الشخصيات التي غالبًا ما تكتبهم سماتهم الاجتماعية وأنماط سلوكهم كأعضاء في طبقة إجرامية ويحصل الأشرار على مكافآتهم العادلة ليس كثيرًا لأنهم يخالفون القانون، لكنهم مختلفون تمامًا عن البرجوازية التي تحترم القانون، وهكذا يعيد هذا النوع التلفزيوني إنتاج أيديولوجية مهيمنة حول الفرد في المجتمع الطبقي.

وهكذا علاوة على المحتوى المحدد للنص الفردي، يمكن اعتبار الأطر العامة على أنها تشارك في بناء قرائها، وأكد دو سوسور أن نظام اللغة معطى يسبق مستخدميه وهو خارج عن سيطرة الإنسان، عند تطوير هذا الموقف.

وجادل المنظرون البنيويون لما بعد سوسوري بأنه خلافًا للفكرة القائلة بأن النظم السيميائية هي أدوات آلية تخضع بالكامل لسيطرة الفرد، فإن الموضوع يُبنى من خلال النظام السيميائي للغة والأيديولوجيا والأسطورة.

وتنعكس هذه الحتمية الهيكلية والاستقلالية، على سبيل المثال في إعلان ليفي شتراوس حيث كيف يفكر الرجال في الأساطير، ولكن كيف تعمل الأساطير في أذهان الرجال دون وعيهم بالحقيقة، وإنه واضح بالمثل عند ماركس ألتوسير.

حيث يلاحظ ماركس أن ما يحدد التكوين الاجتماعي في الحالة الأخيرة ليس روح الجوهر أو الطبيعة البشرية، وليس الإنسان ولا حتى الرجال بل العلاقة، العلاقة بعبارة أخرى كما قال كورد وإيليس الإنسان ليس أصل المجتمع، بل المجتمع هو أصل الإنسان.


شارك المقالة: