اقرأ في هذا المقال
من المعروف بأن الدولة الإسلامية وصلت لبالغ الاتساغ في عهد هشام بن عبد الملك، فكانت هذه المساحات الشاسعة مليئة بالبشر من مختلف الأجناس والمذاهب، ومنهم من دخل الطاعة رغماً عنه، ومنهم من دخلها خوفاً.
الأحوال الداخلية في العراق وشرق الدولة الإسلامية:
كان الحكم في العراق من أهم الزوايا في سياسة الأمويين، وكان جميع خلفاء الدولة الأموية يركزون عليها كثيراً، وكان العراق يشمل العراق الحالي ويتبع إليه حكم الشرق الدولة الإسلامية وخراسان وحتى بلاد ما وراء النهر والسند، وبالإضافة إلى شبة الجزيرة العربية.
وكان عمر بن هبيرة الفزاري أميراً على العراق عندما تولَّى هشام بن عبد الملك الخلافة، ولأن كلمة هشام كانت مسموعة لدى أهل اليمن، ويستطيع الحفاظ على التوازن بين حزبيّ القيسية واليمنية، ولذلك قام بعزل عمر بن هبيرة عن العراق؛ لأنه قام بإثارة حفيظة اليمنية لاستخدامة سياسة الحزب القيسي المتطرف، ولأن ينقذ العراق من الفتن كان يجب عليه أن يختار رجلاً ليس لديه عصبيه قبلية.
وقام هشام بإختيار خالد بن عبد الله القسري لولاية العراق بدلاً من عمر، وكان من قبيلة بجيلة، وهي قبيلة صغيرة ليس فيها أي عصبية، وعندما أُسندت الولاية لخالد اتخذ واسط مقراً لولايته، وكان خالداً شجاعاً وذو شخصية قوية وسديد الرأي، وقد عمل على وضع حد لكل من يثير الفتن.
ومن أعظم الخدمات التي قدمها خالد للعراق، اهتم بالزراعة وعمارة الأرض، وعمل على شق الطرق، وحفر الأنهار وأحيا الكثير من الأراضي الواسعة وجعلها تصلح للزراعة، وبذلك تكون قد ازدهرت الحياة الاقتصادية في العراق.
الأحوال الداخلية في أرمينيا وأذربيجان:
كانت أرمينيا وأذربيجان تعتبر ولاية واحدة، وكان الجراح بن عبد الله الحكمي والياً عليها في بداية خلافة هشام، وكانت له الكثير من الغزوات التي انتصر فيها في اللان، ولكن في سنة 107هـ قام هشام بعزل الجراح وولَّى بدلاً منه أخوه مسلمة بن عبد الملك.
وقام مسلمة بإرسال نائب للغزو على الترك، فافتتح ببلاد الترك، وفي سنة 110هـ ذهب مسلمة بنفسه نحو باب للان إلى الترك، حتى التقى ملكهم، وحدثت حرب عنيفة استمرت لشهر وانتهت بإنتصار المسلمين وهزيمة الترك، وفي سنة 111هـ قام هشام بعزل مسلمة ورد الجراح للإمارة، فدخل الجراح بلاد الخزر وقام بفتحها.
وبعدها قام الخزر بجمع الجيوش لملاقاة الجراح، وكان معهم الترك الذين في اللان، فتواجه الجراح ومن معه من بلاد الشام وأذربيجان معهم وقاتلوهم، وكان عدد الخزر كثيراً وقاموا بالضغط على الجراح وصحبه، وانتهت بقتل الجراح ومعظم الذين معه بمرج أردبيل وذلك سنة 112هـ.
وبعد انتصار الخزر طمعوا كثيراً، فبدأوا بالتغلغل داخل البلاد حتى وصلوا لقرب الموصل، وعندما سمع هشام بذلك أرسل إليهم سعيد الحرشي وكان معه قوة كبيرة من الجنود، فوصل الخلاط وافتتحها واستمر في زحفه لفتح جميع الحصون والقلاع التي في طريقه، حتى وصل إلى مدينة برذعه، وكان حينها ابن ملك الترك في أذربيجان يقوم بالإغارة على البلدان.
وعند قدوم سعيد الحرشي كان ابن الترك حينها يحاصر مدينة ورثان، وعندما سمع بقوم الحرشي هرب ومن معه، وبعدها وصل الحرشي إلى أردبيل، وعلم أن الخزر على مقربة منه، فوضع خطته ليغير ليلاً عليهم، فانقسم الجيش لأربعة أقسام وهجموا عليهم، وخلصوا أسرى المسلمين بما فيهم أبناء الجراح.
وجمع الخزر موعهم واستردوا قوتهم، واستعدوا لقتال المسلمين وقام جيش الحرشي بمواجهتهم بالقرب من يرزند، وكان لقائهم شديداً وانهزم فيها الخزر هزيمة منكرة، وبهذا يكون الحرشي قد أذل الخزر واستعاد منهم ما أخذوه بعد حربهم مع الجراح.