الأوضاع الخارجية في عهد المنصور

اقرأ في هذا المقال


الأوضاع الخارجية في عهد المنصور:

العلاقة مع البيزنطيين:

لقد تميزت الحروب بين المُسلمين والبيزنطيين في ولايةِ عهد المنصور بالمهادنة السلام إذ لم تتعدَّ المناوشات الحدودية المحدودة؛ وذلك بسبب اهتمام العباسيين ببناء مركزهم الداخلي. بالمقابل، كان اهتمام الأمبراطور البيزنطي قسطنطين الخامس يعد منصباً على التجهيز لحرب البلغار في البلقان من جِهة، ومشكلة عبادة الأيقونات من جهة أخرى.

حيال هذا الواقع، كان الخليفة العباسي يركز جل اهتمامه إلى إعادة بناء ما تهدم من حصون وثغور، مُستغلاً الهدوء الكبير المتوقع. والواضح أن المنصور اتبع؛ تجاه الدولة البيزنطية، السياسة التي تناسب مع الوضع الهجومي القيادي الذي نفّذه الأمبراطور البيزنطي، وهي عملية إيقاف الهجوم من خلال إعادة تحصين الثغور وترميم المخربة منها وإعادة بناء المهدمة ثم تنظيم وسائل الدفاع عنها. والجدير بالذكر أن مناطق الثغور كانت تنقسم إلى قسمين:

  1. منطقة التغور الجزرية، وهي التي خصصت للدفاع عن الجزيرة أي شمالي العراق ومن أهم حصونها ملطية، المصيصة، ومرعش.
  2. منطقة الثغور الشامية، وتقع غربي الثغور الجزرية؛ وقد خصَّصت للدفاع عن بلاد الشام ومن أهم حصونها طرسوس وأذنة وعين زربة.

لقد حصَّن المنصور وشيَّد هذه المناطق وقام بتخصيصها بحكم إداري مستقل؛ وجمع فيها آلاف المقاتلين والمرابطين. ومنحهم المزارع والإقطاعات وقام ببناء لهم البيوت والاصطبلات وأنفق عليهم الأموال ووضع لهم نظاماً عسكرياً يطبقونه. هذا وقد تميّزت منطقة الثغور الشامية بأن الحملات التي كانت تنبعث منها برية وبحرية في آن واحد. وقد أدّت أساطيل مصر والشام دوراً مُشتركاً هاماً انطلاقاً من هذه المنطقة.

وبهذا النظام الثغري استطاع المنصور أن يضع حداً لمطامع البيزنطيين. وشهدت مناطق الحدود فى عهده مُناوشات تراوحت بين الكرّ والفرّ من كلا الجانبين، كانت تخف حيناً وتنشط أحياناً متأثرة بالأوضاع الداخلية لكليهما. ففي عام (133 هجري)/(‎750‏ ميلادي) تعرّضت ملطية لهجوم بيزنطي عنيف بقيادة الأمبراطور الذي تمكن من دخولها فقهر أهلها وهدم سورها.

ولما كانت هذه المدينة ذات أهمية استراتيجية، فقد استعادها الخليفة ورمَّمها وشحنها بالمقاتلة
كما رمَّم قلوذية وشحنها بالمرابطين وبنى المصيصة؛ ورمم مرعش. ونَقّذ البيزنطيون عدة غارات على مناطق الحدود فى أوقات متقاربة أو متباعدة ورد المسلمون بإرسال الصوائف، التي استمرت طيلة عهد المنصور واصطدمت آخر صائفة في عام (158‏ هجري)/(755 ميلادي)، بقيادة معيوف بن يحيى، بجيش بيزنطي في المنطقة الواقعة بين الحدث ونهر جيحان.


شارك المقالة: