الاتجاهات الاجتماعية المفسرة للإدمان

اقرأ في هذا المقال


هناك عِدَّة أنماط واتجاهات اجتماعية لتفسير مشكلة الإدمان، وتهتم هذه الاتجاهات بتفسير الإدمان من وجهة نظر اجتماعية، معتمدةً على السلوكيات الاجتماعية وعلى وجود مشكلات اجتماعية أدَّت إلى مشكلة الإمان.

أفكار واتجاهات اجتماعية لتفسير مشكلة الإدمان

1- الدور الاجتماعي: يرى أصحاب هذا الاتجاه أنَّ الانحرافات السلوكية بشكل عام، وإدمان المخدرات والكحوليات بشكل خاص تَنتج عن مشاعر القلق المتزايد التي تظهر عند بعض الأشخاص الذين يفشلون في أداء أدوارهم الاجتماعية بالطريقة التي يتوقعها منهم المجتمع، فمن المعروف أنَّ للدور الاجتماعي مكانةً كبيرة في شعور الفرد بذاته وتقديره لنفسه. وكلّما قام الفرد بأدواره الاجتماعية بالطريقة المُتوقعه منه في المجتمع كلما تناقصت كمية القلق لديه، وبالتالي قَلَّ احتمال الانحرافات السلوكية لديه.

وهذه الظاهرة نُعرّفها بأنَّها الفشل في تحقيق أداء الدَّور كما يتوقّعه المجتمع، وتكاد هذه المشكلة لا تكون موجودة في المجتمعات البدائية البسيطة، حيث أنَّ الأدوار فيها مُنسَّقة ومتكاملة فيما بينها، بينما نَجِد المجتمعات المُعقّدة لا تسير فيها الأدوار بتناسق أو تكامل مثل ما هي في المجتمعات البدائية، وهذا بدوره ينعكس على طبيعة أداء الأفراد لأدوارهم ودرجة نجاحهم في تحقيق ما يتطلَّبه المجتمع.

2- الخلل الوظيفي: يرى أنصار هذا الإتجاه أنَّ وجود مشكلة اجتماعية في مكان ما يعني بالضرورة وجود خلل وظيفي في النّظام كاملاً، وعليه فإنَّ كل اهتماماتهم تتَّجه نحو دراسة الآثار المترتبة على أيِّ انحراف أو جنوح أو خلل وظيفي اجتماعي. فإذا كان ذلك يُسبب خللاً وظيفياً للمجتمع فعلاً؛ فإنَّهم يعتبرونه مشكلة اجتماعية، وهم لذلك يُركّزون في دراساتهم عن الإدمان على أعداد المدمنين، وتوزيعهم المكاني أو الجغرافي، وفئاتهم العمرية وإنتاجيتهم في العمل وانتشار البطالة بينهم.

3- العوامل الأيكولوجية: يهتم أصحاب هذا الاتجاه بالرّبط بين انحرافات السلوك المختلفة للفرد وبين البيئة “الفيزيقية ” التي يعيش بها والتي تتضمّن ضغوطاً مختلفة سيئة وأوضاعاً مُتخلّفة حضارياً بحيث تساعده على اكتساب أنواع عديدة من السلوك المَرضي أو المُعادي للمجتمع والقانون.

وتتميز هذه المناطق كما يتبين في العديد من الدراسات الاجتماعية المختلفة بما يلي:

أ- شيوع المساكن الرديئة والضّيقة والمزدحمة التي لا تتوافر فيها الشروط الصحيَّة، والتي عادةً ما تكون في أطراف المدن.

ب- انتماء السُّكان إلى أنماط ثقافية مختلفة فمنهم النازحون إلى المدينة من الريف ومنهم المهاجرون الذين أغراهم رخص إيجارات هذه المناطق والسَّكن فيها.

ج- ارتفاع نسبة البطالة ومن ثمَّ انخفاض المستوى الاجتماعي الاقتصادي.

د- وجود صراع ثقافي بين هذه المناطق والمناطق المجاورة.

ه- عدم استقرار قواعد الضبط الاجتماعي فيها.

4- التّعلّم الاجتماعي: يرى أصحاب هذا الاتجاه أنَّ السلوك بصفة عامّة هو سلوك مُتعلَّم عن طريق التفاعل الاجتماعي بين الفرد والآخرين. وأنَّ معظم أنواع السلوك يتم تعلّمها من خلال جماعة ما، قد تكون الأسرة أو المدرسة أو جماعات الأصحاب.

وأنَّ الشخص يكتسب مجموعة من الاتجاهات والمعتقدات المؤيدة أو المعارضة تِجاه الموضعات المختلفة وذلك بحسب ما تُمليه البيئة المحيطة به، كما أنَّ سلوك المدمن يُفسَّر بناءً على التَّعلم الاجتماعي للسلوك.

5- السلوك مُحصّلة للتفاعل بين الفرد والمجتمع: يعتمد هذا الاتجاه على دراسات علم النّفس الاجتماعي والطبّ النفسي وعلم النفس العام، فالفرد والمجتمع وجهان مختلفان لعُملة واحدة هي التفاعل الاجتماعي. والشخصية تقوم في أساسها على تبادل شخصيات مفككة مضطربة. وإنَّ سوء وقوة الفرد ترتبط إيجابياً لسوء وقوة العلاقات التي تتضمنها الجماعة التي ينتمي إليها فالعلاقات المتبادلة بين الفرد والمجتمع هي الأساس في سواء السلوك أوعدم سوائه.

المصدر: علم المشكلات الاجتماعية، معن خليل عمر، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان الأردن، 1998.علم الاجتماع والمشكلات الاجتماعية، عدلي السمري ومحمد الجوهري وآخرون، دار المعرفة الجامعية، القاهرة، 1998.المشكلات الاجتماعية المعاصرة، مداخل نظرية، تجارب عربية، أساليب المواجهة، الدكتور عصام توفيق قمر، الدكتورة سحر فتحي مبروك، الدكتورة عبير عبد المنعم فيصل، ط 4، 2016.


شارك المقالة: