الاتجاه الفينومينولوجي عند جارفينكل في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


الاتجاه الفينومينولوجي عند جارفينكل في علم الاجتماع:

يلاحظ نقاد الاتجاه الفينومينولوجي أن هذا الاتجاه ينصف أصلاً بالاهتمام على تعليم المعاني والكفاءة التي تشترك بين المواطنين في المجتمع، بكونها أصلاً للحياة الاجتماعية، وبإغفال التنوعات والصراعات الحقيقية ضمن المجتمع.

ويتعارض ذلك تمام التعارض مع التحليل العلمي الواقعي للمجتمع الذي الذي يبين بالأدلة القاطعة أن العالم تمزقه الصراعات على كافة المستويات، وأن القدر المتاح من المعاني والخبرات المشتركة بين المواطنين في المجتمع الواحد، أو في مجتمعات العالم أقل بكثير من التنوعات والصراعات، فهناك صراعات كثيرة بين الصبيان والشيوخ والنساء والرجال الأغنياء والفقراء الأميون، والمتعلمون أصحاب السلطة والقوة والخاضعين لهم، دعاة السلام ودعاة الحرب، الاشتراكيون والرأسماليون، والعالم الثالث والبلدان المتقدمة، أي أن المسلمة الرئيسية التي تقوم عليها التفسيرات الفينومينولوجية عن طبيعة الواقع الاجتماعي الخبرات الفكرية المشتركة لا تدعمها الأدلة الأمبيريقية بل هناك أدلة تنفيها.

وقد أنكر أصحاب الاتجاه الفينومينولوجي موضوع الصراع الطبقي الشديد في مجتمعاتهم، وامتنعوا حتى أن ينظروا أو يرمزوا إليه أو يحللوه، على الرغم من أنه كان يلزم نفسه على الكافة، مثال ذلك تجاهل أحد أقطاب هذا الاتجاه وهو الفرد شوتز لضرب العمال بالمدفعية في فينا عندما كان دولفوس رئيساً للوزراء، كما أنهم تجاهلوا الواقع الاجتماعي الاقتصادي للمجتمع ودرسوا الخبرة اليومية وأسلوب التفكير كما لو كانا منفصلين عن هذا الواقع ولا يتأثران به.

وقد كانت النتيجة الحتمية لكل ذلك تحول علم الاجتماع الفينو مينولوجي إلى دراسات ميكروسيولوجية، أي دراسات اجتماعية للوحدات الصغيرة وليس للبناء الاجتماعي، تركز أساساً على الخصائص الكلية للأفعال والمعاني الشائعة، كما هو الحال في المنهجية الشعوبية، ممّا يؤدي إلى قصر اهتمام علم الاجتماع على دراسة ذلك الحيز المحدود من الحياة الخاصة كما لو كان منعزلاً تماماً عن كل ما يحيط به.

ويشترك الاتجاه الفينومينولوجي مع الاتجاه الوظيفي وخاصة عند بارسونز في أنه يعاني من تضخّم لفظي يتزايد باستمرار على حد تعبير دافيد مارتن، كما أنه يتصف بقدرة على وصف مجموعة من الحقائق البديهية التي نعرفها جميعاً سوياً دون أن يضيف إلى معرفتنا شيئاً جديداً.

وممّا لا شك فيه أن ظهور علم الاجتماع الفينومينولوجي قد زاد من حدة أزمة علم الاجتماع الغربي، فعلى الرغم من أن أصحابه قد قدموه كمحاولة لإيجاد بديل للنظريات القائمة، إلا أن النتيجة النهائية لظهوره هي إضافة اتجاه جديد يزيد من تعدد وتنوع الاتجاهات في النظرية الاجتماعية.


شارك المقالة: