الاستعدادات لوقعة الحرة

اقرأ في هذا المقال


ما سبب وقعة الحرة

كانت بداية وقعة الحرة قيام أهل المدينة بعزل الخليفة يزيد بن معاوية، وبدأها أهل المدينة حين قاموا بإخراج والي المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان الذي ولاه  يزيد بن معاوية، وبدلا منه قاموا بمبايعة عبد الله بن حنظلة وجعلوه أميراً وقائدًا لهم، ثم قاموا بمحاصرة من بقي في المدينة من بني أمية.

الاستعدادات لوقعة الحرة

اجتمع بنو أمية ومن معهم وكان عددهم يصل إلى ألف رجل، بعدما تجمعوا قاموا  بالذهاب إلى دار الخليفة المستقبلي مروان بن الحكم وبقوا فيه، كما قاموا بكتابة رسالة إلى يزيد بن معاوية يطلبون منه المساعدة به فأحضروا الرسول الذي سيرسل الرسالة ليزيد، فعندما  قرأ الرسول الكتاب تمثل بـ: “لقد بدلوا الحلم الذي في سجيتي فبدلت قومي غلظة بليان”، ثم قال: “أما يكون بنو أمية ألف رجل”. فقال الرسول: “بلى والله وأكثر”، قال: “فما استطاعوا أن يقاتلوا ساعة من النهار فبعث إلى عمرو بن سعيد فأقرأه الكتاب وأمره أن يسير إليهم في الناس”، فقال: “قد كنت ضبطت لك الأمور والبلاد، فأما الآن إذ صارت دماء قريش تهرق بالصعيد فلا أحب أن أتولى ذلك”.

ثم قام الخليفة يزيد بن معاوية بإرسال مبعوث إلى عبيد الله بن زياد وأمره بالذهاب إلى المدينة المنورة والقيام بمحاصرة ابن الزبير الذي كان موجودا في مكة فقال: “والله لا جمعتهما للفاسق، قتل ابن رسول الله وغزو الكعبة” ثم أرسل يزيد اعتذارًا لعبيد الله بن زياد، فبعث مبعوثا آخر إلى مسلم بن عقبة المري الذي كان يعرف بذلك بالمسرف وقد كان شيخ كبير تظهر عليه بعض الأمراض فأخبره المبعوث بالأمر فقال: “أما يكون بنو أمية ألف رجل”.

فقال مسلم المري: “بلى” قال: “فما استطاعوا أن يقاتلوا ساعة من النهار ليس هؤلاء بأهل أن ينصروا فإنهم الأذلاء دعهم يا أمير المؤمنين حتى يجهدوا أنفسهم في جهاد عدوهم ويتبين لك من يقاتل على طاعتك ومن يستسلم”، قال: “ويحك إنه لا خير في العيش بعدهم فاخرج بالناس”، وقيل إن معاوية بن أبي سفيان قال ليزيد: “إن لك من أهل المدينة يوماً، فإن فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة فإنه رجل قد عرفت نصيحته”.

فلما قام أهل المدينة بخلع يزيد قام يزيد بأمر مسلم بالذهاب إليهم فنادى في القوم وطلب منهم أن يكونوا جاهزين لرحلتهم إلى الحجاز وأن يجلبوا معهم أموال ومعونة تقدر بمائة دينار فجمعوا كلهم حوالي اثنا عشر ألفاً، وبدأ الجيش مسيره بقيادة مسلم فقال له يزيد: “إن حدث بك حدث، فاستخلف الحصين بن نمير السكوني” وقال له: “ادع القوم ثلاثاً فإن أجابوك وإلا فقاتلهم فإذا ظهرت عليهم فانهبها ثلاثاً فكل ما فيها من مال أو دابة أو سلاح أو طعام فهو للجند، فإذا مضت الثلاث فاكفف عن الناس وانظر علي بن الحسين، فاكفف عنه واستوص به خيراً، فإنه لم يدخل مع الناس، وإنه قد أتاني كتابه”، وعندما عرف عبد الملك بن مروان أن يزيد قام بعملته وأرسل الجنود إلى المدينة قال: “ليت السماء وقعت على الأرض إعظاماً لذلك”.

ثم أكمل مسلم مسيره حتى وصل أهل المدينة أخبرهم فشد أهل المدينة حصارهم لمن بقي عندهم من بني أمية بدار مروان وقالوا: “والله لا نكف عنكم حتى نستنزلكم ونضرب أعناقكم أو تعطونا عهد الله وميثاقه أن لا تبغونا غائلة ولا تدلوا لنا على عورة ولا تظاهروا علينا عدواً، فنكف عنكم ونخرجكم عنا”.

فوعدوهم بذلك فأخرجهم أهل المدينة منها، وكان أهل المدينة قد قاموا بعمل زقا من قطران وعور في كل مكان بينهم وبين الشام ، فأرسل الله تعالى مطرا لهم من السماء فلم يشربوا منه  حتى وصلوا المدينة، فلما قام سكان المدينة بإخراج بني أمية ساروا بأحمالهم حتى تلاقوا هم ومسلم بن عقبة في وادي يدعى وادي القرى.

فدعا بعمرو بن عثمان بن عفان أول الناس فقال له: “خبرني ما وراءك وأشر علي” فقال: “لا أستطيع قد أخذ علينا العهود والمواثيق أن لا ندل على عورة ولا نظاهر عدونا”، فانتهره وقال: “والله لولا أنك ابن عثمان لضربت عنقك وايم الله (لا أقيلها قرشياً)بعدك”، فخرج إلى أصحابه وقال لهم ما عرف فقال مروان بن الحكم لابنه عبد الملك: “ادخل قبلي لعله يجتزئ بك عني”.

فدخل عبد الملك فقال: “هات ما عندك” فقال: “نعم، أرى أن تسير بمن معك، فإذا انتهيت إلى ذي نخلة نزلت فاستظل الناس في ظله فأكلوا من صقره فإذا أصبحت من الغد مضيت وتركت المدينة ذات اليسار ثم درت بها حتى تأتيهم من قبل الحرة مشرقاً ثم تستقبل القوم فإذا استقبلتهم وقد أشرقت عليهم الشمس طلعت بين أكتاف أصحابك فلا تؤذيهم ويصيبهم أذاها ويرون من ائتلاف بيضكم وأسنة رماحكم وسيوفكم ودروعكم ما لا ترونه أنتم ما داموا مغربين، ثم قاتلهم واستعن الله عليهم”.


شارك المقالة: