الاستمرارية والتغيير في المشاكل الاجتماعية

اقرأ في هذا المقال


الاستمرارية والتغيير في المشاكل الاجتماعية هي نظرة واقعية ومحفزة على العديد من القضايا التي تواجه المجتمع اليوم، كما يوحي موضوع الاستمرارية والتغيير في المشاكل الاجتماعية أنها مستمرة، لكنها تحسنت في الماضي ويمكن تحسينها أيضًا في الحاضر والمستقبل، بشرط أن تمتلك الأمة الحكمة والإرادة لمعالجتها.

الاستمرارية والتغيير في المشاكل الاجتماعية

المشاكل الاجتماعية أولاً وقبل كل شيء مستمرة، ولقد استمرت لعقود وحتى قرون ولم تظهر أي علامة على الانتهاء في أي وقت قريب، وبالنظر إلى التاريخ الطويل للمشاكل الاجتماعية واليقين من استمرارها لبعض الوقت في المستقبل والعواقب الوخيمة فمن السهل أن يشعر علماء الاجتماع بالإرهاق عند القراءة عنها، والتفكير في إنه لا يمكن فعل الكثير حيالها، وحتى الشعور بالاكتئاب قليلاً، ونتيجة لذلك من السهل على الطلاب الخروج من دورات المشكلات الاجتماعية بنظرة متشائمة إلى حد ما.

وهذا هو السبب في أن علماء الاجتماع يركزون على التغيير، فعلى الرغم من أن المشكلات الاجتماعية مستمرة بالفعل، فمن الصحيح أيضًا أن بعض المشكلات أقل خطورة الآن مما كانت عليه في الماضي، لذلك التغيير ممكن، وكواحد فقط من العديد من الأمثلة، عند التفكير في الظروف التي يواجهها العمال، حيث أن العديد من العمال اليوم عاطلون عن العمل ولديهم أجور منخفضة أو يعملون في أماكن عمل دون المستوى وحتى خطرة، ومع ذلك فإنهم في وضع أفضل بما لا يقاس مما كان عليه قبل قرن من الزمان.

وذلك بفضل الحركة العمالية التي بدأت خلال سبعينيات القرن التاسع عشر، إذ يتمتع العمال الآن بثماني ساعات في اليوم، والحد الأدنى للأجور والحق في الإضراب وأماكن العمل أكثر أمانًا مما كانت عليه عندما بدأت الحركة العمالية.

كيف يحدث التغيير في المشكلات الاجتماعية

أحد مصادر التغيير في المشكلات الاجتماعية هو نظرية العلوم الاجتماعية والبحث، فعلى مدى عقود أشارت النظرية والبحث في علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية الأخرى إلى أسباب المشكلات الاجتماعية، والطرق التي يحتمل أن تكون ناجحة لمعالجتها، والسياسات الفعلية التي نجحت في معالجة بعض جوانب المشكلة الاجتماعية، ووفقًا لذلك يستند علماء الاجتماع إلى نظرية وبحوث العلوم الاجتماعية السليمة، لتوضيح كيفية مساهمة النتائج المستخلصة من أبحاث علم الاجتماع وغيرها من أبحاث العلوم الاجتماعية في السياسة العامة المتعلقة بالمشكلة الاجتماعية أو لديها القدرة على القيام بذلك.

شاركت عالمة الاجتماع مارغريت ميد في أن التغيير ليس بالأمر السهل، لكنه يمكن أن يحدث ويحدث بالفعل، وأدركت في ضوء التاريخ أن هناك أمثلة من جميع أنحاء العالم لأشخاص يصنعون اختلاف في وظائفهم وأنشطتهم التطوعية والمشاركة في جهود التغيير الاجتماعي، ويحدث التغيير أيضًا في المشكلات الاجتماعية لأن صانعي السياسات المسؤولين المنتخبين أو المعينين وغيرهم من الأفراد يمررون قوانين أو يسنون سياسات تعالج مشكلة اجتماعية بنجاح.

وغالبًا ما يفعلون ذلك فقط بسبب ضغط حركة اجتماعية، لكن في بعض الأحيان لديهم رؤية للتصرف دون مثل هذا الضغط، وصحيح أيضًا أن العديد من المسؤولين يفشلون في اتخاذ إجراءات على الرغم من ضغوط الحركة الاجتماعية، لذا ينبغي الإشادة بمن يتخذون الإجراءات، والمصدر الأخير للتغيير هو الدروس المستفادة من تجارب الدول الأخرى مع المشاكل الاجتماعية، ففي بعض الأحيان تكون هذه الدروس بالنسبة لبعض الدول دروسًا إيجابية، كما هو الحال عندما تتعامل دولة أخرى مع مشكلة اجتماعية بنجاح أكبر من دولة آخرى.

وفي بعض الأحيان تكون هذه الدروس سلبية، كما هو الحال عندما تواجه دولة أخرى مشكلة أكثر خطورة من دولة آخرى أو ارتكب أخطاء في معالجة هذه المشكلة، ويمكن أن تتعلم من الأمثلة الجيدة لبعض الدول الأخرى، ويمكنها أيضًا أن تتعلم من الدول السيئة، لهذا السبب يناقش علماء الاجتماع مثل هذه الأمثلة، وفي هذا الصدد لدى العديد من الدول الكثير لتتعلمه من تجارب الديمقراطيات الأخرى القديمة مثل كندا ودول أوروبا الغربية وأستراليا ونيوزيلندا.

وعلى الرغم من ثروتهم الكبيرة إلا أنهم يحتلون مرتبة أقل من معظم أقرانها الديمقراطيين في العديد من المؤشرات الاجتماعية، مثل الفقر والصحة وما إلى ذلك، وأحد الأسباب الرئيسية لهذا الاختلاف هو أن الحكومات الديمقراطية الأخرى أكثر نشاطًا بكثير، من حيث الاهتمام والإنفاق وفي مساعدة مواطنيها، ونظرًا لأن لديهم الكثير ليتعلموه من مثالها الإيجابي، فإن علماء الاجتماع يناقشون جميع السياسات التي تمكن بعض الديمقراطيات من معالجة بعض المشكلات الاجتماعية بنجاح أكبر بكثير مما تعاملت به ديمقراطيات أخرى.

المشكلات الاجتماعية لا تقلل الاستمرارية والتغيير بالتأكيد بسبب استمرار المشكلات الاجتماعية، ولكنها لا تتجاهل أيضًا إمكانيات التغيير التي يوفرها البحث الاجتماعي وأنشطة المواطنين العاديين الذين يعملون لإحداث فرق، فهناك العديد من الأمثلة على كيفية تحسين المشكلات الاجتماعية والاستراتيجيات التي تنطوي على إمكانات كبيرة لحلها اليوم وفي المستقبل وإظهار مدى ملاءمتها لقضايا الحياة الواقعية.

الأعمال التي توضح كيفية تغيير المشكلات الاجتماعية وإمكانية تغييرها

يوفر علماء الاجتماع العديد من الأعمال التي توضح كيفية تغيير المشكلات الاجتماعية وإمكانية تغييرها بدون ترتيب معين، وهي كما يلي:

1- تطبيق البحث الاجتماعي

وفيها يوضح علماء الاجتماع كيف يساهم تطبيق البحث الاجتماعي في السياسة العامة المتعلقة بتغيير المشكلة الاجتماعية.

2- تطبيق دروس من الأمم الأخرى

وفيها يوضح علماء الاجتماع كيف يساهم تطبيق دروس نجحت فيها أمة أو دول أخرى في معالجة المشكلة الاجتماعية وبتالي الوصول إلى التغيير.

3- الجهود التي يبذلها بعض الأفراد والتي تحدث فرق

وفيها يوضح علماء الاجتماع كيف تساهم المنظمات غير الهادفة للربح أو مجموعات التغيير الاجتماعي أو الحركات الاجتماعية المتعلقة بالمشكلة الاجتماعية في عملية التغيير.

4- تأثير المشكلات الاجتماعية على الأطفال

وفيها يوضح علماء الاجتماع كيف تؤثر المشكلة الاجتماعية بشكل خاص على الأطفال، ويحددون تداعيات المشكلة على حياتهم كمراهقين وكبار، ويعزز تأثير المشكلات الاجتماعية على الأطفال وأهمية معالجة هذه المشكلات من أجل رفاهيتهم ورفاهية الأمة.

5- تطبيق عملية اتخاذ القرار

وفيها يوضح علماء الاجتماع كيف تساعد هذه الأعمال على ربط المناقشة النظرية للفصل بمواقف الحياة الواقعية المحتملة.

6- تطبيق الأنشطة والاستراتيجيات

لمعرفة المزيد حول معالجة المشكلة الاجتماعية وفيها يوضح علماء الاجتماع كيف تساعد هذه الأعمال في مواجهة مشاعر الكآبة التي لا يمكن فعل الكثير حيال المشكلات الاجتماعية.

لذلك أراد مؤسسو علم الاجتماع منذ قرن أو أكثر مناقشة هذه الأعمال في مدن مختلفة للحد من عدم المساواة الاجتماعية وتحسين حياة الأشخاص الملونين وبشكل أكثر عمومية لإيجاد حلول لأكثر المشكلات الاجتماعية إزعاجًا في عصرهم، واستخدموا دراسة منظور الاستمرارية والتغيير في المشكلات الاجتماعية لتقديم فهم اجتماعي للمشاكل الاجتماعية السابقة والحالية والحلول الممكنة لهذه المشاكل.


شارك المقالة: