التطورات الإدارية والحضارية في الحجاز

اقرأ في هذا المقال


التطور في مجال الصحة:

قام الإمام عبد العزيز في العديد من الخطوات التي تهتم للأمور الصحية، فبقي على الخدمات الموجودة قبل عهده وعمل على تحديثها وتطوير أدائها وكان أكثر ما يهدد الصحة في مكة المكرمة الأمراض لأنها تعد منطقة مفتوحة للحجاج، وقد أدرك الإمام عبد العزيز كبر المسؤولية التي وقعت على عاتقه في قطاع الصحة بالشكل العام، ومن الواجب عليه حماية مواطنيه والحجاج من تلك الأمراض، وعدم تعريض حياتهم لمخاطرها، فقام بتكليف مجموعة من الأطباء ليقوموا بتنظيم هذا الجانب المهم، بما يكفل سلامة الأهالي والقادمين إليها، حيث استعان بذلك في الخبرات الدولية بالمجال الطبي.

مديرية الصحة العامة في مكة المكرمة:

وفي عام 1924 ميلادي أسّست مديرية الصحة العامة في مكة المكرمة بأمر من الملك عبد العزيز، وفي أولوية واجباتها ومهامها الإشراف على تنظيم الشؤون الصحية في داخل الدولة السعودية، والنظر في الأمور المتعلقة بالصحية الدولية، وفي عام 1926 صدرت التعليمات الأساسية التي جاء بموجبها أنّ الصحة العامة ضمن الأمور الداخلية، وتُدار من قبل النيابة العامة بالشكل المباشر، وتسير وفقاً للأوامر والتعليمات الصادرة منها.

وفي عام 1927/1345 ميلادي صدر أمر ملكي بالموافقة على نظام مصلحة الصحة العامة والإسعاف ليقوم بتنظيم الشؤون الصحية، وبموجب هذا النظام أطلق على إدارة الصحة مديرية الصحة العامة والإسعاف، وترتبط بالشكل المباشر بالنيابة العامة، وبموجب هذا النظام تكون مجلس صحي في مكة المكرمة برئاسة النائب العام، وكانت مهمته الأساسية إصلاح الأحوال الصحية، واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة وتصدي للأمراض الوبائية ومعالجة المصابين بها، وتأمين الصحة العامة في  في أثناء موسم الحج.

فقد يجتمع  المجلس الصحي مرة في الشهر أو أكثر عند الحاجة، بحيث تتخذ القرارات برأي الأغلبية، ويتم تنفيذها من قبل الدوائر ذات الاختصاص بعد تبليغها لتلك الدوائر من قبل النيابة العامة، كما أصدر النائب العام تعليمات بالقيام بعملية تنظيم ممارسة مهنتي الطب والصيدلة ليتم منع تسلل الجهلاء إلى هذه المهن الهامة.

نظام الطب والصيدلة:

وفي عام 1347/1928 صدر نظام الطب والصيدلة بقرار من مجلس الشورى، وتضمن ست مواد تضمنت عدم السماح بممارسة مهنة الطب إلا بوجود تصريح يمنح من قبل مديرية الصحة العامة، بالإضافة إلى تحديد رسوم لمن يقوم بإصدار تلك الرخصة، وهناك نظام عقوبات على من يخالف النظام، وقد امتدت الخدمات الصحية لتتضمن المرضى المتواجدون بالسجون، فقد تضمن قرار مجلس الشورى عام 1349/1930 بقيام مديرية الصحة العامة بالعناية بهم ونقلهم إلى مستشفياتها عند الضرورة.

جمعية الإسعاف الخيرية:

وفي عام 1936 ميلادي تشكلت جمعية الإسعاف الخيري برئاسة الأمير فيصل، وكان من أبرز أهدافها قيامها بتقديم الإسعافات الطبية للمصابين بإعاقات أو ضعف أو عجز، يصيبهم في الطرق، ونقلهم بعد إجراء الإسعافات الأولية، ثم تقديم المساعدة بكل الطرق الموجودة لديها في حال انتشار الأوبئة ووقوع الكوارث الكبرى كالحريق وغيره، وذلك بالتعاون مع مديرية الصحة فيما يتعلق بالأمور الصحية.

كذلك قامت المملكة العربية السعودية بالاهتمام بالحجاج بالشكل الكبير، وخاصة فيما يتعلق بالجوانب الصحية، فكانت تعمل على توفر أكبر عدد ممكن من المتخصصين والإداريين في كل موسم حج، ليقدموا ما يستطيعون تقديمه من خدمة صحية لأولئك الحجاج من العلاج والتزويد بالأدوية، حيث كان علاجهم طوال فترة إقامتهم  بالشكل المجاني، ومن مظاهر الاهتمام بصحة الحجيج أنّ مصلحة الصحة والإسعاف كانت تقوم بإرسال بعثات طبية إلى بحرة وينبع، حيث تعد ينبع محطة كبرى للقوافل التي تنقل للمدينة المنورة، وكذلك تواجد هناك مراكز صحية منتشرة بين منى وعرفات ومزدلفة ومكة المكرمة.

وكان يتواجد في كل مركز من تلك المراكز طبيب وممرضون ورجال صحة، وتتوافر فيها العديد من وسائل نقل المرضي، كما اهتمت مديرية الصحة العامة بالإجراءات الوقائية المتعلقة بالحجاج، ومنها الاهتمام بالتطعيم وبأماكن الإقامة والنظافة العامة وعناية المطوفين بشؤون حجاجهم وتوعيتهم وتزويدهم بالنصائح والإرشادات الطبية التي تضمن وقايتهم من الأمراض والتعرض للخطر، كما نصحتهم بمراجعة المراكز الصحية في حال وجود أي مرض بهدف التوعية في المجال الصحي.

قام الملك عبد العزیز بالطلب من ابنه الأمير فيصل قيامه بتوجيه المطوفين بالاهتمام بالحالة الصحية للحجاج، وأنه واجب على كل مطوف أن يزود المستوصف المسؤول بعدد الحجاج وحالات سكنهم، وذلك حفاظاً على صحتهم، ومن أهم الطرق الصحية والوقائية في موسم الحج أيضاً الحجر؛ للتأكد من سلامة الحجاج قبل دخولهم الأراضي المقدسة واختلاطهم بغيرهم، وتم تأسيس إدارة خاصة بالمحاجر الصحية مركزها في جدة ويتبعها العديد من المحاجر.

كان الملك عبد العزيز قد طلب من ابنه الأمير فيصل في عام 1344 /1926 ميلادي الإسراع في تصليح آلة تقطير المياه الموجودة في جزيرة أبي سعد مع آلة توليد الكهرباء، ليتمكنوا من استخدامهم، كما أمر بتعيين مهندس ليقوم بتشغيلهما وترميم غرف جزيرة الواسطة لتكون قابلة للسكن.

وفي عام 1926/1345 ميلادي صدر الأمر الملكي الذي جاء بموجبه فصل المحاجر الصحية عن مديرية الصحة العامة، واعتبارها مستقلة عنها بجميع أعمالها، لتخفيف الضغط عنها، ولقد شهدت الأوضاع الصحية لمنطقة الحجاز في ظل النيابة العامة ازدهاراً بالشكل الواضح، فأنشأت المستشفيات والمستوصفات الطبية في جميع المناطق، ومنها مستشفى الطائف، حيث قام الأمير فيصل بوضع حجر الأساس للمستشفى الأهلي بالطائف في سنة 1353/ 1934 ميلادي، وكان الأمير فيصل يقوم بتفقد المستشفيات في مكة وجدة والمدينة المنورة والطائف بالشكل المستمر.

كذلك قامت حكومة المملكة العربية السعودية بالاهتمام بالمستشفيات التي كانت متواجدة بالحجاز، ومنها مستشفى أجياد حيث أمر الملك عبد العزيز بإصلاحه، وتم إجراء بعض التعديلات والتوسعات عليه.

التطور في مجال التعليم:

كان اهتمام الملك عبد العزيز في مجال التعليم واضحاً منذ بداية سيره في طريق توحيد البلاد تحت نفوذه ، وكان لكل منطقة من مناطق الدولة السعودية أوضاعها التعليمية الخاصة؛ بسبب الظروف السياسية والاجتماعية السائدة فيها، غير أنّ منطقة الحجاز كانت تتقدم عن غيرها في نشاط الحركة التعليمية، إذ كان الحرمان الشريفان في مكة المكرمة والمدينة المنورة مرتكز العلماء وطلاب العلم من جميع البلاد الإسلامية، وكان العديد من العلماء يقيم بالقرب منهما، فيسهموا في التدريس ونشر العلم في تلك المناطق.

وفي عام 1924/1343 ميلادي قام الملك عبد العزيز في دعوة بعض علماء مكة المكرمة إلى اجتماع عام، جاء خلاله قيام جلالته بحثهم فيه على نشر التعليم والمعارف والتوسع فيه، وقد تأكد اهتمام الملك في مجال التعليم المبكر من خلال تأسيسه مديرية المعارف، لتتولى مهمة الإشراف على التعليم ووضع المرتكز الأساسي للتعليم في المدارس والمعاهد، وقد جاء في ذلك البيان السبب من تأسيسها، حيث ذكر البان بأنّ مهامها هي نشر العلوم والصنائع وافتتاح المكاتب والمدارس.


شارك المقالة: