تاريخ دولة الكويت في الأرشيف الفرنسي:
لقد اهتمت الكثير من الدول الكبرى في العالم بمنطقة الخليج، فقد كانت هناك الكثير من الأراشيف التي تحتفظ بتقارير مهمة عن مختلف الأحداث الواقعة في دول الخليج بالشكل المباشر، فلم تكن الوثائق البريطانية كما تم ذكره من قبل الدول الأوروبية الوحيدة التي تحدثت عن تاريخ دولة الكويت، حيث تم ذكرها منذ أربعينيات القرن الثامن عشر في الكثير من وثائق الدول المتعددة مثل: الوثائق الفرنسية والهولندية والروسية والألمانية والتركية وغيرها.
ونشير في هذا السياق إلى وثائق الأرشيف الفرنسي، بحيث تشكل أهمية كبيرة؛ لأن العلاقات الفرنسية بدولة الكويت ترجع إلى الفترة المبكرة، فقد كان للفرنسيين علاقات وروابط دائمة مع البصرةوبغداد، وبعد مدة من الزمن بدأت العلاقات تتحسن وتتطور بين الفرنسيين والكويتيين، فقد بدأ يرد ذكر الكويت في وثائق الأرشيف الفرنسي.
بحيث لم تحظى وثائق الأرشيف الفرنسي ذات العلاقة بالشأن الكويت بالأهمية التي تميزت بها الوثائق البريطانية، بالرغم من أنّ حجم هذه الوثائق يقارب حجم الوثائق البريطانية في ذلك الوقت، بحيث وفرت الكثير من وجهات النظر المهمة، وكان أبرز ما يميز وثائق الأرشيف الفرنسي التي ظهرت في فترة مبكرة، بأنّها قامت بذكر العتوب، وهي الأسر التي تنتسب إليها أسرة آل الصباح التي تحكم الكويت منذ تأسيسها حتى الآن.
وتعتبر وثائق الأرشيف الفرنسي من أقدم الوثائق الأجنبية التي تميزت بذكر العتوب، وفي عام 1740 ميلادي ورد لأول مرة ذكر العتوب في أوراق جون أوتر، بحيث تتواجد تلك الأوراق الآن في المكتبة الوطنية الفرنسية، بحيث ذكرت دولة الكويت كثيراً في وثائق الأرشيف الفرنسي منذ سبعينيات القرن الثامن عشر وحتى عام 1896 ميلادي.
وهو العام نفسه الذي تسلم فيه الشيخ مبارك الصباح الحكم، وفي ذلك العام بدأت المعلومات الخاصة بتاريخ دولة الكويت ترد فيه، حيث وردت هذه المعلومات بالأخص في المراسلات الصادرة عن القناصل الفرنسيين في بغداد والبصرة وبوشهر، وكذلك في المراسلات الصادرة عن ضباط السفن الحربية الفرنسية التي كانت تتردد على الخليج.
وتمثل تلك الوثائق أهمية كبيرة عندما تم اتخاذها مصدراً مهم لأحداث هذه الفترة، فقد قدمت معلومات جديدة لم يرد الحديث عنها في الوثائق البريطانية، وكان أهمها ما يتعلق بعد فترة حكم الشيخ مبارك في عام 1313/ 1915 ميلادي، وفي تلك الفترة ظهرت ثاني القناصل الفرنسيين في بغداد والبصرة، فقد ظهرت في عام 1792/ 1825، وكانت تتواجد في محفوظات الوزارة الخارجية الفرنسية في باريس مع تقارير القنصليات الأخرى.
وفي الفترة الممتدة بين عامين 1840/ 1896، جرت هناك العديد من المراسلات المتعلقة بقناصل بغداد والموصل، فقد تتواجد في 7 مجلدات، وبعد ذلك الوقت ظهرت مجموعة جديدة تحتوي على المراسلات الصادرة، فقد تنقسم إلى العديد من الأقسام، حيث وضعت معظم تلك المراسلات الشبابية الصادرة عن قتال بغداد ومسقط وبوشهر في الأجزاء 39-36، بالإضافة إلى ذلك يوجد ملف كامل يحوي على أخبار تاجر فرنسي يطلق علية اسم أنطوان جوجييه، فقد بدأ اسمه في الظهور منذ عام 1904 ميلادي، حيث قام بأنشطة عديدة في دولة الكويت، ورغم تعدد أنشطة جوجييه إلا أنه استقر في نهاية الأمر في البحرين.
إنّ تلك العلاقات الوثيقة التي تربط كلا الطرفين تكشف عن العلاقة القوية بين جوجيية والشيخ مبارك، وذلك من خلال رسالة قام بإرسالها جوجييه إلى الشيخ مبارك يطلب منه فيها قبول رغبته في توسيط روسياوفرنسا للإصلاح بينه وبين إسطنبول، بعد أن تأزمت العلاقة بينهما بعد إعلان الحماية البريطانية على دولة الكويت. وجاء رد الشيخ مبارك على هذا الطلب موضحاً العلاقة التي ربطته بالدولة العثمانية، وما قام بتقديمه من خدمات كان لها دور كبير في تحسين وتوثيق الأمن داخل الأراضي العثمانية.
مجموعات الأرشيف المحفوظة لتاريخ دولة الكويت:
وفي ذاك الوقت قامت السفارة الفرنسية في إسطنبول بالاحتفاظ بتقارير صادرة عن القناصل المقيمين في البصرة وبغداد، بحيث تضمنت معلومات توضح بشكل أكثر عن نظيراتها الموجهة إلى وزارة الخارجية. بحيث تتواجد أوراق تلك السفارات في الوقت الحاضر في مركز الأرشيف الدبلوماسي في ضاحية نانت، وتوجد بين محفوظات هذا الأرشيف ثلاث مجموعات أرشيفية تتواجد فيها معلومات عن تاريخ دولة الكويت وهي:
- أرشيف قنصلية بغداد، بحيث يبدأ من عام 1800 ميلادي.
- أقسام متفرقة من وثائق القنصلية الفرنسية في بغداد، بحيث تعود إلى بداية القرن التاسع عشر، فقد يشير عدد منها إلى الكويت وما كانت عليه في أربعينيات القرن التاسع عشر.
- أقسام من الأرشيف المحفوظة في مركز الأرشيف الدبلوماسي بنانت، وهي مقسمة إلى عدة أقسام مرتبة بناء على الحروف الهجائية، بحيث يحتوي قسم منها على معلومات مهمة عن تاريخ دولة الكويت في عهد الشيخ مبارك الصباح.