تاريخ فتح طبريا ومعركة حطين

اقرأ في هذا المقال


فتح طبريا:

في أثناء الأخطار التي تعرضت لها الدولة الفلسطينية في تلك الفترة، قرر صلاح الدين رحمه الله تغيير الخطة إلى خطة جديدة تنص على الهجوم  على طبريا، وطبريا منطقة أساسية وهامة جداً عند النصارى، والطريق التي تربط بين الصفورية وطبريا طريق صعبةً جداً وشاقة.

أراد القائد استدراجهم إليها، فتمكن صلاح الدين من اقتحام قلعة طبريا في عام1187 ميلادي، وعندما رأى النصارى ذلك وقع بينهم الخلاف فانقسموا، فكان فريق منهم يرى أنه لا يجوز السماح لصلاح الدين يفتح الممالك النصرانية من أخذ أماكنهم، ورأی القسم الآخر أنه يرغب في جرهم إلى معركة في مكان يختاره هو، فاختاروا البقاء في مكانهم، وانتصر في النهاية رأى الغالبية منهم، الذي ينص على التحرك باتجاه طبريا، لتتم عملية مواجهة صلاح الدين.

وفي أثناء ذلك تقدم جيش النصارى بتجاه طبريا سالكاً طريق صعبة جداً في أثناء موسم الصيف، حيث أنّ ذلك الطريق لا يحتوي على أي ينابيع ماء تكفي لسقي جيش كبير مثل جيش النصارى، ولم يضيع صلاح الدين الوقت، بل قام بتجهيز كمائن ومجموعات في الطريق تقوم بالهجوم على جيش النصارى الثقفي، فكان ذلك سبب مباشر في تأخير وصولهم، وزيادة المشقة عليه؛ لأنّ الماء الذي لديهم لا يكفي.

لقد عانى جيش النصارى من الحر والعطش الشديد، في وقت استمر به صلاح الدين في شن الغارات عليهم، وينصب لهم الكمائن، ثم أمر بعض القوات الإسلامية بالهجوم على الجيش من خلفه، وبالفعل تم ذلك، فبقيت مؤخرة الجيش في قتال مع المهاجمة الإسلامية من الخلف، واستدار باقي الجيش بالتقدم إلى الأمام، فانقسم جيش النصارى إلى قسمين مقدمه  ومؤخرة.

عند انقسام الجيوش، اضطرت مقدمة الجيش من انتظار البقية؛ خوفاً وقلقاً من أن تبدأ المعركة ولا تصل بقية الجيوش المتواجدة في الخلف، وفي أثناء ذلك قام الجيش بضرب مخيماً عند جبل طبريا، المشرف على سهل حطين ينتظرون مؤخرة الجيش من القدوم، وكان صلاح الدين قد دمر جميع الآبار في المنطقة التي يمر عليها جيش النصارى وجعل جميع آبار المياه ويحيرة طبريا خلفه، وعندما وصل جيش النصارى قال صلاح الدين مقولته المشهورة: جاؤونا ونحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد. وتجهر الجيشان للمعركة التي وصفت بأنّها من أبرز معارك الإسلام، وهي معركة حطين.

معركة حطين:

في عام 583/ 1187 ميلادي قُدر عدد جيش صلاح الدين يومها في 12 ألف مقاتل، في حين بلغت قوات النصارى 63 ألف مقاتل، ولكن ذلك لم يقلل عزيمتهم في القتال أثناء المعركة، وبدأت معركة حطين الكبرى، والتقى الجيشان على سهل جبل طبريا الواقع قبل حطين، واستمروا في القتال إلى الليل دون انتصار أحد منهم، وفي عام 583/ 1187 ميلادي تصادم الجيشان، ووقع بينهم قتال شديد، واستمر من الصباح إلى الليل، ولم يستطع أحد الفريقين أن يهزم الآخر.

ولكن جيش النصارى بسبب صعوبة الجبل والعطش والحر الشديد، تراجع إلى سهل حطين، بحيث قام صلاح الدين بتحريك  جيشه بالليل، فحاصر جيش الصليبين من جميع الجهات، ولم يبقي لهم مخرجاً، وفي صباح اليوم التالي وقع القتال بنهم مرة أُخرى، بحيث حاول النصارى من اختراق جش صلاح الدين ليصلوا إلى المياه، ولكن صلاح الدين تصدى لهم مع جيشه، وهنا قرر حاكم إماره طرابلس النصرانية ريموند أن يأخذ مجموعة من أقوى الفرسان لمهاجمة جيش المسلمين، وهجم بقوة شديدة عليهم.

وفي أثناء ذلك أمر صلاح جنوده من السماح لريموند التقدم نحوهم، بحيث استمر ریموند بالتقدم مع فرقة الفرسان حتى وصل الجهة الأخرى، فإذا به يقع في فخ خطير وضع من قبل صلاح الدين، فيجد ريموند نفسه منفرداً عن باقي الجيش، مما آثار الخوف في نفسه، فهرب إلى طرابلس، ولم يتوقف حتى وصلها، وبذلك تخلص صلاح الدين من أقوى فرسان جيش النصارى، ثم إنّ صلاح الدين قام عندما هبت الرياح في وجه النصارى بإشعال النيران في الحشائش الجافة، فأشعلها المسلمون، بحيث حملت الريح اللهب والدخان في وجه جيش النصارى.

لقد اشتد الحصار على النصارى في أثناء وقوع المعركة، بحيث كان النصارى قد جلبوا معهم الصلبوت الذين يعتقدون إنه قد صلب المسيح عليه، مما دفعهم نتيجة ذلك الحصار إلى الفرار تاركين خلفهم الصلبوت، فحمله المسلمين، وهكذا انتصر المسلمين على النصارى انتصاراً عظيماً.


شارك المقالة: