التحدي وأيديولوجية التحكم في الواقع الاجتماعي في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


التحدي وأيديولوجية التحكم في الواقع الاجتماعي في علم الاجتماع:

يتضح من دراسة التاريخ ومن المسوح الاجتماعية العديدة للعديد من دول العالم الثالث، أن أهالي الكثير من المجتمعات وأبناء الكثير من الطبقات والطوائف، يعيشون في حالة معاناة عنيفة لظروف بالغة في قسوتها من وجهة نظر الخبراء والدارسين.

ولكنهم لا يدركون ذلك، ويتقبلون واقعهم إما عن جهل أو عن يأس من الإصلاح والتغيير أو نتيجة قبول مختلف ألوان التبرير الثيولوجي أو الخرافي لذلك الواقع.

وقد ظل الإنسان منذ قرون طويلة يتقبل العبودية والفقر والمجاعات والتفرقة العنصرية والطبقية والطائفية والاستغلال العنيف والحروب والأمراض والمعدلات العالية للوفاة وظروف المعيشة بالغة السوء، على أنها أمور طبيعية مقدورة لا يملك الإنسان إزاءها دفعاً، غير أن الإنسان ما لبث منذ قرون في بعض الدول أن أدرك أن هذه الظروف هي ظروف إنسانية يمكن مواجهتها والقضاء عليها.

وهكذا أصبح ينظر إلى هذه الظروف على أنها مشكلات أو مواقف يمكن دراستها وفهمها وبذل محاولات لمواجهتها والقضاء عليها أو على الأقل التخفيف منها، وهذا يعني أن المواقف السيئة التي تقبلها الإنسان على أنها قدر محتوم، تحولت إلى مشكلات اجتماعية أو إلى مواقف مشكلة عندما تبنى ما يطلق عليه جون كيوبر أيديولوجية التحكم الرشيد في المجتمع، أو أيديولوجية التخطيط.

مواجهة الوعي للظروف الصعبة:

وهذا يعني أن الوعي بإمكانه مواجهة بعض الظروف وتغييرها من جانب المعايشين لها حولها من المواقف مقدورة إلى مناطق أشكال تخضع للبحث والتفكير والعلاج البشري، وهذا يعني أنه لا يمكن أن يطلق على موقف ما مهما كان بالغ السوء من وجهة نظرنا، مشكلة إلا إذا كان المعايشون لهذا الموقف يشعرون بأنه موقف غير مرغوب فيه وأنه يمكن أن يعالج من خلال الجهود البشرية، وهنا لا تكمن المشكلة في الموقف كموقف وإنما في فكرة إمكانية تحدي هذا الموقف ومواجهته.

وهناك مجال للصراع القيمي في النظر إلى الموقف غير المرغوب التي تعد مشكلات اجتماعية، يتمثل في كيفية التعامل مه هذه المواقف، فهل يجب القضاء عليها تماماً أم يكتفي بالتخفيف من آثارها السيئة؟ ثم هل يمكن تحقيق هذا القضاء الكامل عليها أم أن ما يمكن عمله هو التخفيف منها فحسب؟ ويبرز هذا الصراع حتى بين المشتغلين بعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية ورجال الإصلاح الاجتماعي أنفسهم.


شارك المقالة: