اقرأ في هذا المقال
التحليل السوسيولوجي للمشكلات الاجتماعية في علم الاجتماع:
يتطلب التحليل الموضوعي للمشكلات الاجتماعية أن يكون الباحث واعياً بكيفية تحديد المجتمع لموقف ما على أنه موقف مشكل، وبكيفية استقرار السلوك الذي يقف وراء قيام الموقف المشكل، وقد أوضح فولر ومايزر في دراسة لها بعنوان التاريخ الطبيعي للمشكلة الاجتماعية تمر خلال ثلاثة مراحل تتعلق بالتحديد أو التعريف، أو خلال ثلاثة مراحل ضرورية حتى تتم الصياغة النظامية للمشكلة وهذه المراحل هي، الوعي بالموقف المشكل، وتقرير السياسة والإصلاح.
ولا تتضح هذه المراحل بالنسبة للمشكلات الكبرى لمجتمعنا، حيث أنه قد انتقل منذ زمن طويل إلى المرحلة الثالثة وهي محاولة الإصلاح والمواجهة، خاصة بالنسبة لبعض المشكلات كالجريمة والتبعية والاقتصادية والفساد السياسي، ولكن هذا لا يمنع من الاستفادة بنظرية فولر ومايرز طالما أن تحديد المجتمع ونظريته أو أسلوب ومضمون وعيه بالمشكلة وأسلوب مواجهتها يختلف من وقت ﻵخر.
ومن المنطقي أن المشكلة تبدأ بوعي أفراد وأعضاء جماعات معينة بقيام موقف يمثل تحدياً للقيم والمعايير القائمة، وينتج عنه آثار مدمرة أو غير مرغوب فيها، ويلي ذلك مناقشة حول وما يجب اتخاذ إزاء الموقف الذي تم تشخيصه على أنه مشكلة.
خصائص الجماعة التي تعاني من مشكلة:
1- قد تكون هناك مشكلة من وجهة نظر العلماء والمختصين في حين أن أهالي المجتمع لا يشعرون، ومثال هذا نظرة الباحثين في الطلب والصحة العامة إلى واقع الأهالي في المجتمعات البدائية أو القروية، فهم قد يرون أن هذا الواقع يمثل مشكلة كبرى، في حين لا ينظر إليه الأهالي على أنه كذلك.
2- قد تكون هناك مشكلة من وجهة نظر بعض أبناء المجتمع، ويحاولون إقناع بقية أهالي المجتمع بوجودها من أجل العمل الجماعي على مواجهتها.
3- قد تكون هناك مشكلة من وجهة نظر جماعة ضغط معينة تعمل على إبرازها وانتزاع الاهتمام بها من جانب الآخرين مثل مشكلة التمييز العنصري في أمريكا في بداية هذا القرن.
4- قد تكون هناك مشكلة من وجهة نظر جماعات الصفوة في المجتمع وغالباً ما تستطيع هذه الجماعات نشر وجهات نظرها وتعبئة الآخرين من أجل مواجهة المشكلة.
5- قد تكون هناك مشكلة من وجهة نظر أبناء المجتمع ككل سواء الصفوة أم الجماهير.
ويستهدف الباحث الاجتماعي عادة عند بحث المشكلات الاجتماعية، محاولة تحقيق هدف علمي خالص، يتمثل في الفهم والتحليل وبيان الأسباب والعوامل والنتائج، وهدف تطبيقي يتمثل في مساعدة المجتمع على مواجهة المشكلة، غير أنه قد يتضح للباحث أن المشكلة هي ذاتها المشكلة الحقيقية بمعنى أن الموقف الذي يصفه أبناء المجتمع أو بعضهم على أنه مشكلة، لا يمثل في الواقع أي مشكلة حقيقية، ولا ينجم عنه أية أخطار تهدد المجتمع، بل أن المشكلة ذاتها ستزول لو أن أعضاء المجتمع راجعوا تحديدهم للموقف ونظروا إليه على أنه موقف طبيعي تماماً.
وهذا هو على سبيل المثال ما انتهت إليه لجنة الدراسة التي شكلت في الولايات المتحدة الأمريكية، لدراسة مشكلة الأدب المكشوف، وعلى العكس من ذلك فقد يحاول الباحث الاجتماعي إلقاء المزيد من الضوء على المشكلة من أجل إبرازها وتوضيح أنها أكثر خطورة مما قد يظن البعض.