التخصصات الفرعية الأنثروبولوجية والأنثروبولوجيا الطبية

اقرأ في هذا المقال


البيئة والثقافة والصحة من منظور أنثروبولوجيا البيئة:

يوضح البحث في أنثروبولوجيا البيئة الإيكولوجيا الطبية، وهو نهج في الأنثروبولوجيا الطبية يركز على السياق البيئي للصحة، كما يهتم بالأسئلة الأساسية: كيف يعيش الناس في هذه البيئة؟ كيف يتعاملون مع الجوع والمرض؟ ما هي الموارد التي تساعد في التعامل مع المشاكل التي تؤثر على صحتهم؟ من يتحكم في هذه الموارد؟ هل الموارد مقيدة بالحدود العرقية والطبقية؟ هو النمو السكاني، وما مدى سرعة تجاوز موارده إذا لم يكن النمو كذلك؟ تعكس الإجابات على هذه الأسئلة العلاقات بين المجتمع، والبيئة والصحة.

كما يوضح البحث في أنثروبولوجيا البيئة أيضًا كيف تتكامل أساليب الأنثروبولوجيا الثقافية الحيوية والمفاهيم الأساسية للأنثروبولوجيا المادية والثقافية، حيث أن أنماط النمو والتنمية هي علامات الإجهاد الغذائي وكذلك الاختلاف الجيني، إذ تسمح مقارنات نمو الإنسان في بيئات مختلفة بإجراء تقييم محكوم لكل من العوامل البيولوجية والثقافية التي تؤثر على الرفاهية.

علم البيئة الطبية والأنثروبولوجيا الثقافية الحيوية هما مجرد طريقتين من مختلف المنهجيات المتخصصة التي يستخدمها علماء الأنثروبولوجيا الطبية لدراسة مشاكل الصحة، وذلك بدمج ثلاثة تخصصات راسخة هي الأنثروبولوجيا، وعلم البيئة، والطب، لخلق إطارًا لفهم المشاكل الطبية يختلف عن التحقيقات السريرية النموذجية، جنباً إلى جنب مع النظرية التطورية والمنهجية الميدانية.

حيث قدمت البيئة الطبية بعض المبادئ التنظيمية الرئيسية للأنثروبولوجيا الطبية، وعلى الرغم من عدم وجود نهج واحد في الأنثروبولوجيا الطبية الموحدة في تطورها المبكر، كان هناك إجماع ضمني واسع على أن الإيكولوجيا والتطور هما المفهومان الأساسيان للنظام.

غالبًا ما تتضمن أبحاث البيئة الطبية العمل الجماعي من قبل المتخصصين، كعمل عالم الأنثروبولوجيا الثقافية الحيوية، وعالم الأنثروبولوجيا الثقافية، وتعاون الطبيب، إذ تتيح المناهج متعددة التخصصات لعلماء الأنثروبولوجيا الطبية أن يكونوا شاملين في دراسة نظام العوامل المؤثرة بأكمله على الصحة.

كما أن الأنثروبولوجيا الطبية مرنة أيضًا في اختيار المواقع الميدانية، حيث تم تنفيذ المشاريع عديدة في موقع واحد مع مجتمع منعزل، ولكن يمكن استخدام البحوث متعددة التخصصات بسهولة في مناطق متباينة.

ويدرس علماء الأنثروبولوجيا البيئية أيضًا أنماط عمل الناس والموارد الغذائية، كمشاريع تخصيص الوقت لمقارنة كفاف (Xavante) في عام 1976 وأظهر أن زراعة الحدائق وإزالة الأعشاب منها تراجعت، لكن الصيد وصيد الأسماك والجمع زاد لأن بعض (Xavante) حصل على الصيد ويمكن للشاحنات أن تقود إلى أماكن الصيد.

التخصصات الفرعية الأنثروبولوجية والأنثروبولوجيا الطبية:

الأنثروبولوجيا لها أربعة تخصصات فرعية تقليدية: الأنثروبولوجيا الفيزيائية، وعلم الآثار، والأنثروبولوجيا الثقافية، واللغويات، ومن الناحية المثالية، كل طالب أنثروبولوجيا يتلقى التدريب في جميع المجالات الأربعة، لكي يكون كليًا حقًا في دراسة السلوك البشري، حيث يحتاج المرء إلى معرفة شيء ما عن علم الأحياء البشري، وعصور ما قبل التاريخ، والأنظمة الثقافية، واللغة، ويجب أن يكون قادرًا على دمج هذا المعرفه، لكن التخصصات الفرعية قد انحرفت عن بعضها البعض من خلال زيادة التخصص.

إذ يتم تدريب معظم علماء الأنثروبولوجيا في مجال فرعي واحد أو مجالين فرعيين فقط، اكلأنثروبولوجيا الطبية، وكذلك الأنثروبولوجيا البيئية، مع تركيزهم على النظر إلى البشر على أنهم كائنات بيولوجية وثقافية، ومن بين الحقول القليلة التي تربط بين التخصصات الفرعية، حيث كان العائد غير المتوقع للعمل الأخير في الأنثروبولوجيا الطبية هو إمكانية إعادة دمج التخصصات الفرعية.

الأنثروبولوجيا الفيزيائية وعلاقتها بالأنثروبولوجيا الطبية:

الأنثروبولوجيا الفيزيائية، والتي تسمى أيضًا الأنثروبولوجيا البيولوجية أو علم الأحياء البشري، تدرس الأصول الفيزيائية وتنوع الأنواع البشرية، وإلى دراسة الأصول البشرية، يفسر علماء الأنثروبولوجيا الفيزيائية السجل الأحفوري على أنه دراسة سلوك الرئيسيات الحية غير البشرية.

كما يصف علماء الأنثروبولوجيا الفيزيائية أيضًا الاختلاف الجسدي مثل لون الجلد وفصيلة الدم والشعر والشكل والبنية العظمية والمكانة بين المجموعات البشرية المعاصرة، والقياسات الأنثروبومترية، والقياس الإحصائي للأبعاد الخارجية لجسم الإنسان، والذي يساهم في البحث عن النمو البشري والتنمية.

وفي كثير من الأحيان، على الرغم من ذلك، فإن الاختلافات التي تعطي معظم المعلومات حول التكيف البشري ليست هذه الخصائص السطحية ولكن بالأحرى سمات مثل فصائل الدم التي يمكن ملاحظتها فقط في المختبر، إذ تتشكل الخصائص الكيميائية الحيوية للإنسان بواسطة الجينات التي توجه عمليات النمو والتطور على المستوى الخلوي بالتفاعل مع البيئة أثناء التطوير.

ففي السنوات الأخيرة، كانت الدراسات الطبية الحيوية والسلوكية والبيولوجية الثقافية ظهرت كحقول فرعية للأنثروبولوجيا الفيزيائية، إذ تركز هذه الأساليب على أنماط الأسرة والمجتمع التي تؤثر على التغذية والنمو والتنمية وعلم وظائف الأعضاء ومعدلات الأمراض.

حيث أن الآثار البيولوجية للفقر وعدم المساواة السياسية والتسلسل الهرمي الاقتصادي في البلدان النامية هي اهتمام خاص، مثال على ذلك الهياكل العظمية الراقصة لكاثرين ديتويلر عام 1994، إذ ركزت الدراسة على أسباب سوء تغذية الأم والطفل، ووفيات الرضع العالية، وارتفاع معدلات أمراض الطفولة في مالي ذات الدخل المنخفض كدولة افريقية.

أنثروبولوجيا علم الآثار وعلاقتها بالأنثروبولوجيا الطبية:

يعيد أنثروبولوجيا علم الآثار بناء طريقة حياة شعوب ما قبل التاريخ من خلال تحليل المصنوعات اليدوية وبقايا المواد الأخرى، بما في ذلك الهياكل العظمية البشرية، ففي دراسة أدلة الثقافة المادية والتنظيم الاجتماعي في الماضي للسكان يمكن للمرء أن يرى كيف ترتبط الصحة والثقافة والبيئة، ففي بعض الأحيان يمكن مقارنة صحة السكان الذين يعيشون في نفس المنطقة في أوقات مختلفة.

على سبيل المثال، بين عامي 550 و900 بعد الميلاد، كانت ثقافة المايا التي كانت أمريكا الوسطى في ذروتها، كان بقايا الهياكل العظمية للمايا الذين عاشوا خلال هذه الفترة تبين أن الناس من الطبقة العامة كانوا أقصر في المتوسط ​​مع كل جيل متعاقب.

في حين أن النخبة أولئك الذين كانوا دفنوا في القبور بقي نفس متوسط ​​الارتفاع، وفي نفس الوقت، أصبحت بقايا الطعام، مثل قواقع الحلزون وعظام الحيوانات، أكثر ندرة، كما تشير الأدلة إلى أن ارتفاع الطبقة العاملة انخفض بسبب تدهور تغذيتهم خلال هذه الفترة.

أنثروبولوجيا علم اللغة وعلاقتها بالأنثروبولوجيا الطبية:

يبدو للوهلة الأولى أن علم اللغة ليس له صلة تذكر بالأنثروبولوجيا الطبية، فمعظم أعمال اللغويين الذين يحللون أنظمة الصوت وقواعد النحو لأكثر من 5000 لغة في العالم ليس لها علاقة تذكر بالصحة، ومع ذلك، فإن المساهمة الرئيسية في الأنثروبولوجيا الطبية كانت تطوير العلوم الإثنية.

وهو نهج يحاول لمعرفة كيف يصنف المشاركون في تلك الثقافة تجربتهم، إذ يتم الجمع بين العمل الميداني الإثنوغرافي باستخدام ملاحظة المشاركين مع تقنيات محددة مشتقة من علم اللغة لفهم وجهة نظر السكان الأصليين أو من الداخل من خلال استنباط فئات ذات أهمية ثقافية.

ومثال تقليدي على الإثنية في الأنثروبولوجيا الطبية، دراسة لمدمني الكحول المشردين في سياتل، فالدراسة وجدت أن مفهوم المدمن على الطرق الانزلاقية لم يكن مصطلحًا مناسبًا ثقافيًا، فالرجال لا يعتبرون أنفسهم مدمنين على الكحول، وبدلاً من ذلك، كان لديهم مفاهيم أخرى غير طبية لهويتهم.

يؤكد علماء الأنثروبولوجيا الطبية على قيمة اكتشاف كيف يمكن للناس تصنيف وشرح أعراض المرض حتى يتمكن مقدمو الرعاية الصحية من التواصل بشكل أفضل مع المرضى، فالعمل مع علماء الأنثروبولوجيا اللغوية، أو باستخدام منهجيتهم.

يمكن للباحث تنظيم أنظمة التصنيف في التصنيفات الشعبية، فدراسات تصنيفات التهابات الجهاز التنفسي ساعد فيليب باينز والباحثين في فهم قرارات الأشخاص بشأن إذا كان يريد علاج السعال في المنزل، أو استشارة معالج تقليدي، أو زيارة طبيب متدرب في الغرب.

الأنثروبولوجيا الثقافية وعلاقتها بالأنثروبولوجيا الطبية:

كانت الأنثروبولوجيا الثقافية مهمة في تطوير الأنثروبولوجيا الطبية، حيث ميّز الراحل جورج فوستر، الرائد في هذا المجال، ثلاثة أنواع من الدراسات الثقافية باعتبارها جذور الأنثروبولوجيا الطبية وهي: دراسة الطب البدائي والسحر ودراسات الشخصية والصحة النفسية في بيئات ثقافية متنوعة، والدراسات التطبيقية في الصحة العامة الدولية وبرامج التغيير المجتمعي المخطط لها، ويضاف إلى هذه القائمة البيئة السياسية للصحة باعتبارها أحدث مساهمة في الأنثروبولوجيا الثقافية.

يعتبر مفهوم الثقافة محوريًا في الأنثروبولوجيا، فعندما يتم التحدث عن الثقافة، يعنى طريقة حياة تتبعها مجموعة معينة، والثقافة أيضا تعني خاصية فريدة للبشر يتم فيها استخدام ونقل الرموز واللغة والأسماء والفئات والطقوس والقواعد وغيرها.

حيث تلعب السلوكيات المكتسبة دورًا مهمًا للغاية في تكيف الجنس البشري، وعلى الرغم من أن العديد من السمات السلوكية البشرية لها بوضوح قاعدة بيولوجية، إلا أن الأنماط الثقافية يتم تصنيفها على أنها سمات مشتركة ومكتسبة وغير بيولوجية، على عكس الصفات الوراثية المبرمجة بيولوجياً.


شارك المقالة: