إسقاط المغول الخلافة العباسية
كانت معركة بغداد عام 1258 صراعًا عسكريًا انتهى بانتصار القائد المغولي هولاكو خان حفيد جنكيز خان وشقيق الزعيم المغولي مونكي خان، على الخلافة العباسية، وبلغت ذروتها الاستيلاء والنهب وحرق بغداد.
كانت في ذلك الوقت عاصمة الخلافة العباسية هي بغداد، وهي دولة إسلامية امتدت في أراضي العراق الحالي وجزءًا من إيران، يحكمها الخليفة العباسي المستعصم، فقدت الخلافة العباسية مع مرور الوقت السيطرة على العديد من الأراضي وأصبحت دولة ثانوية، كان الخليفة دمية يسيطر عليها المماليك أو أمراء الحرب الأتراك، ومع ذلك ظل الزعيم الروحي للإسلام(إسميًا)، وكانت بغداد مدينة غنية ومركزًا ثقافيًا مهمًا.
في عام (1257) توجه جيش المغول بقيادة هولاكو خان والقائد الصيني جو خان إلى بغداد ، وكان يتألف من المغول وتوابعهم الصينيين والأرمن والجورجيين والفرس والفرانكس من إمارة أنطاكية في مسيرته، دمر هولاكو خان قبيلة لوروس، وفرض حصارًا على عدة قلاع من طائفة الحشاشين الذين استسلموا أخيرًا وسلموا حصنهم المنيع في ألموت(قلعة في إيران) دون قتال في عام (1256)، ثم تقدم الجيش باتجاه بغداد.
أرسل هولاكو إلى يطلب من المستعصم الاستسلام، إلا أنه لم يقبل، وبدأ يحذر المغول من أنهم سيتعرضون لغضب الله إذا هاجموه، يذكر العديد من المؤرخين أن الخليفة لم يتخذ أي إجراء لمقاومة الهجوم، لأنه لم يحشد القوات أو يعزز جدران بغداد، يزعم ديفيد نيكول أنه بالإضافة إلى الفشل في إعداد دفاع، فإن الخليفة أساء بشكل خطير وغير ضروري إلى هولاكو خان، مما ضمن تدميره (أمر مونكو خان شقيقه باحترام الخلافة إذا خضعت لسلطة إمبراطورية المغول).
بمجرد أن كان بالقرب من المدينة، وزع القائد المغولي قواته، مهددًا جانبي المدينة من الجهة الشرقية والغربية لنهر دجلة، صد جيش الخليفة بعض الوحدات المهاجمة من الغرب، لكن المغول دمروا عدة سدود وأغرقوا الأرض التي تتبع لجيش الخلافة، وحاصروها، غرق وقتل الكثير من سكانها.
بأمر من قو قآن، بدأ المساعدون الصينيون للمغول في محاصرة المدينة من خلال بناء حاجز وخندق وإنشاء آلات حصار ومنجنيق، بدأ الحصار في (29) يناير، في (5) فبراير، احتل المغول بالفعل على جزء من الجدار، ثم حاول المستعصم التفاوض، لكن الأوان كان قد فات، في (10) فبراير، استسلمت بغداد، اقتحمها المغول في (13)فبراير، وبدأ أسبوع من الذبح والاغتصاب والتدمير، دمر المغول المساجد والقصور والمكتبات والمستشفيات ونهبوها.
تم تدمير مكتبة بغداد الكبرى (بيت الحكمة)، التي تحتوي على عدد لا يحصى من الوثائق التاريخية والكتب التي لا تقدر بثمن حول موضوعات تتراوح من الطب إلى علم الفلك، على الأرض، حاول العديد من السكان المحليين الهروب، ولكن تم القبض عليهم وقتلهم الجنود المغول، وتم أسر الخليفة وإجباره على مشاهدة رعاياه وهم يقتلون ونهب كنزه.
وفقًا لمعظم الروايات، فقد مات تحت حوافر خيول المغول، الذين لفوه في بساط ثم ساروا عليه (اعتقدوا أنهم سوف يسيئون إلى الأرض إذا سفكوا الدم الملكي عليها)، نجا واحد فقط من أبنائه، وتم إرساله إلى منغوليا، في العادة لن يدمر المغول المدينة إلا إذا عرضت المقاومة، المدن التي استسلمت على الفور يمكن أن تتوقع الرحمة، كان تدمير بغداد إلى حد ما استراتيجية متعمدة لترهيب المدن والممالك الأخرى.
تصدي المماليك للمغول
استطاع المغول إسقاط العديد من المدن الإسلامية مثل والشام وفلسطين، والدولة الخوارزمية والخلافة العباسية وبقيت بغداد مدينة مهجورة ومدمرة لعدة قرون، فقط بعد وقت طويل سوف تسترد جزءًا من رونقها السابق وقُتل الخليفة العباسي المستعصم بالله، وقاموا بالتخريب والقتل والفساد في جميع المدن مما أشعر المسلمون بالأسى والحزن الشديد.
ولكن ما حدث في مصر كان مختلف، واجهت الدولة المملوكية في مصر المغول، فقد استطاع قطز تجهيز جيش كبير لمواجهة المغول وتوجه إلى عين جالوت، واستطاع المماليك آنذاك من إلحاق الهزيمة بالمغول في تلك المعركة والتي سُميت معركة عين جالوت عام (1260)، كان لهذه المعركة دور كبير في رفع معنويات المسلمين بعدما عانوا من نكبات متلاحقة من المغول، وهرب الآلآف من المغول ولم يعيد هولاكو التفكير مرة أُخرى بغزو الشام، وتحجمت قوتهم التي أدخلت الرعب في قلوب الناس آنذاك .
ذكر بعض المؤرخين أنّ المغول كان لهم دور كبير في تدمير نظام الري الذي خدم بلاد ما بين النهرين لآلاف السنين، تم قطع القنوات ولم يتم إصلاحها، مات أو فر الكثير من الناس لدرجة أنه لم يكن من الممكن الحفاظ على نظام القناة لا يعتقد المؤرخون الآخرون الأمر نفسه، ويعتبرون أن التراجع في الزراعة كان بسبب أن المغول زرعوا الملح في الحقول.