التصور المنهجي عند كارل ماركس في علم الاجتماع:
ترتكز النظرية الماركسية إلى المادية الجدلية الموجودة على فكرة التفاوت الكمي والكيفي، والإيمان بالنقاش الثلاثي، الأطروحة، وخلاف الأطروحة، والتركيب، والاستناد على المادية التاريخية في توضيح تطور المجتمعات الإنسانية، وقد تأثر ماركس تأثراً كبيراً بأفكار هيجل، إلا أن مثالية هيجل المطلقة لم تعجب كارك ماركس، مادامت تصدق بأهمية الفكر في تغيير الواقعي بصورة ديالكتيكية.
في حين غير كارل ماركس هذه المعادلة التناظرية ليصبح الواقع المادي هو أصل الفكر، له الأسبقية والتكوين والتوجيه، وفي هذا، يقول ماركس في كتابه رأس المال، إن منهج الديالكتيكي لا يفرق عن المنهج الجدلي الهيجلي من حيث الأصل وحسب، بل إنه الضد المقابل له مباشرة.
بالنسبة لهيجل، إن عملية تطور الفكر ونموه، هي العملية التي يشخصها ويعتبرها منفردة، وقد سماها اسم الفكرة، هي في نظره مكونة الواقع، قما الواقع في نظرة إلى الشكل الخارجي للفكر، أما بالنسبة لي، فإن عالم الأفكار ليس إلا العالم المادي منقولاً إلى العقل الإنساني ومترجماً فيه.
اختلاف منهج كارل ماركس عن غيره:
وكان كارل ماركس قد كتب رسالة إلى أحد أصدقائه يقول فيها، إن منهجه في التحليل ليس هو منهج هيجل، ﻷنه مادي، وهيجل نموذجي، إن ديالكيتك هيجل هو الشكل الأساسي لكل ديالكتيك، ولكن بعد أن يتعرى من صورته الصوفية وهذا بعينه ما يفرق منهجي.
ولذلك تتعدى مادية كارل ماركس الجدلية القديمة كالمادية الأرسطية، والمادية الذرية مع ديمقريطوس، وهنا تمنح التقدمية لما هو مادي واقتصادي على ما يعتبر فكري وإيديولوجي، كذلك أن البنية التحتية صاحبة الطبيعة المادية هي التي تسيطر في البنية الفوقية الموجودة على الفكر والدين والتصوف والأدب، ويبيّن كارل ماركس ليس إدراك المواطنين هو الذي يعين وجودهم، بل على العكس من ذلك، إن وجودهم الاجتماعي هو الذي يعين إدراكهم ومعرفتهم.
ويعني هذا أن ما هو اقتصادي ومادي ومجتمعي هو الذي يحدد فكر المواطنين وإدراكهم ووجودهم، ولا يقصد ماركس هذا أن الفكر سلبي، لا دور له في تحوّّل المجتمع أو التأثير فيه، بل يؤمن بفاعليته وخصوبته، وتأثيره في المجتمع المادي المحسوس.