اقرأ في هذا المقال
- سمات المجتمع السعودي
- مكانة المرأة الاجتماعية
- الروابط الاجتماعية
- العادات والتقاليد الاجتماعية
- إنشاء وزارة العمل والشؤون الاجتماعية
لقد شهدت المملكة العربية السعودية منذ نشأتها تغيرات متوالية في التركيب الاجتماعي طبقاً لعملية الامتداد والتوسع. ومن المعروف أنّ المجتمع السعودي هو عبارة عن مجموعة من القبائل العربية التي لم تكن تعرف استتباب الأمن إلا في أوقات قليلة من تاريخها وذلك بحكم وضعها الجغرافي والاقتصادي، بينما كان الماء مورد العشب حيث كان محور العلاقات القبلية، فقد نشأ مبدأ التحالف بين القوى البشرية ذات المصالح، كحلف قبائل مطير وحرب والعجمان وحلف الظفير وشمر والعوازم.
كذلك كل قبيلة قوية كانت تحاول إزاحة القبائل الأخرى الأضعف منها ولم تتمتع البلاد بنعمة الأمن والسلام إلا في ظل الحكم السعودي، حيث قطع دابر هذه الأعمال السيئة وقضى على الفوضى العارمة، فخضعت كثير من القبائل للتحضر والاستيطان في المدن ومزاولة الأعمال المدنية وأصبحت الروابط الدينية عند البدو أقوى من الروابط القبلية التي كانت تسبب العصبية واستطاع الإسلام أن يكسر المنظمة العشائرية ويدخلهم في كيان دولة واحدة.
وعلى الرغم من التغير الذي طرأ على أرض الجزيرة العربية، فإن تلك القبائل ظلت محتفظة بصفات العربي الأول من كرم وشجاعة ووفاء وصدق وقری للأضياف وعفو عند المقدرة وعزة وحب للحرية. وظل البدوي يحرص على التحلي في الصفات المتوارثة من الآباء والأجداد ويحتقر من يتخلى أو ينصرف عنها. ولقد كان التقسيم الاجتماعي في البلاد يختلف من منطقة إلى أخرى وذلك حسب حالة المناطق الاقتصادية، بمعنى إن تقسيم السكان قد جاء بدءًا من واقعها الاقتصادي، فالسلم الاجتماعي في البادية يختلف عنه في الحضر ويختلف عن مناطق السواحل وهكذا.
ففي القبيلة بدأ تقسيم السلم الاجتماعي على كبر القبيلة من حيث عدد رجالها وما تملك من حيوانات ومدى انتشار مزارعها، فيكون الشيخ وكبار السن الأغنياء في الطبقة الأولى، ثم تأتي طبقة أفراد القبيلة، ثم الرقيق والخدم. أما السلم الاجتماعي في الحواضر فيختلف باختلاف وظائفهم، فملاك الأراضي وأصحاب أشجار النخيل ومن يقوم بالأعمال التجارية فكانوا في الطبقة الأولى، ثم تليها طبقة العاملين في تلك المهن من مستأجرين وغيرهم وأخيراً طبقة العبيد والخدم.
ثم تغيرت النظرة إلى السلم الاجتماعي نظراً للتطور الاقتصادي بعد اكتشاف البترول، حيث وجدت فئة اجتماعية ذات صبغة اقتصادية بحتة، شملت أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب الشركات والمقاولين والتجار، فأصبحت هذه الفئات ذات ثراء كبير أسهمت وبشكل كبير في بناء اقتصاد البلاد، فانعكس ذلك بالتالي على حياتهم الاجتماعية. وظلت هذه الفئة السعودية الثرية على الرغم من ثرائها تتميز بالطابع التقليدي في حياتها العامة من حيث الأكل والشرب واللباس، لأن ذلك يعود إلى رسوخ العادات والتقاليد الموروثة عند المجتمع البدوي القبلي بفطرته وطبيعته.
ويمكن القول أنّ البترول أحدث في السعودية انقلابة اجتماعية واقتصادية نتج عنه تطور حياتي جديد كان من نتائجه تقدم مادي سريع لا يوازية التطور الاجتماعي البطيء.
سمات المجتمع السعودي:
كان المجتمع السعودي يقوم على العديد من السمات المهمة التي كانت كبيرة في المجتمع، فجعلت منه مجتمعاً محافظاً مسلماً منها: نظام الأسرة: وهو ما يقصد به نظام العائلة الممتدة لا سيما في القرى والأرياف وهو أن يكون كبير العائلة هو عميد الأسرة والمتصرف في شؤونها، يقع على عاتقه مسؤولية إعالة هذه الأسرة ومن الواجب الطاعة العمياء لرب الأسرة. بالإضافة إلى الاحترام الشديد له.
إلا إنّ هذه الروابط الأسرية والقبلية بدأت تضعف حسب الأوضاع الاجتماعية والمعيشية السائدة التي فرضت على الشباب الابتعاد عن أسرهم بحكم ظروف الدراسة أو العمل ليتعرفوا على عادات وأنماط معيشية جديدة، خاصة في المناطق الصناعية والبترولية. لكن بيئة الفلاحين من النادر أن ينفصل الابن عن أبيه أو أي فرد من الأسرة؛ لأنه يعتمد عليه حتى بعد زواجه في كثير من الأعمال التي يقوم بها، إضافة إلى أن الابن قد يتزوج في سن صغيرة فيصبح غير قادر على تحمل أعباء منزل كامل بمفرده.
مكانة المرأة الاجتماعية:
كان للمرأة دور مهم في تأمين الاحتياجات الغذائية والاقتصادية للعائلة كما كان لها دور اجتماعي بارز، فهي تساعد الفلاح في مزرعته، إلى جانب أعمال منزلها المتعارف عليها، من اهتمام بالحيوانات وتحضير الطعام وتفصيل الملابس وإعدادها وتربية أولادها. أما في البادية فإلى جانب الاهتمام بخيمتها وأولادها فلقد كانت تشارك زوجها في رعي الأغنام وغزل الصوف وخياطة الثياب. ومنذ عام 1280/ 1990 ميلادي بدأت المرأة تاخذ خطوتها الأولى في طريق التقدم وعن طريق الخطوات الأولى التي رسمت.
الروابط الاجتماعية:
كانت أبرز مظاهر الحياة الاجتماعية التعاطف والكرم والنجدة وصلة الأرحام واحترام الضيف والمساواة في المعاملة، كذلك أسهمت بعض العادات في توافق الأفراد بين بعضهم، من تلك العادات على سبيل المثال التعاون في الأوقات الخاصة كمناسبة الزواج أو موسم الحصاد أو الدعوات في أوقات الولائم والاحتفالات المختلفة، أو مشاركة الآخرين في حل مشكلاتهم والوقوف معهم ومساعدتهم في الأزمات وغيرها كثير من الأزمات التي تجمع قلوب الناس حول بعضهم كأزمة المرض، الحاجة للمال، أو الوفاة وغيرها.
وهذا بلا شك له تأثير كبير في توثيق الصلات بين الأفراد في الأسر، فيسود الانسجام والتالف بين الأفراد، كذلك من الصفات المراعية في هذا المجتمع ولا توجد في كثير من المجتمعات الأخرى، طاعة الوالدين طاعة عمياء في غير معصية الله واحترام كبار السن وتقدير حنكتهم وخبرتهم في الحياة فلا يسبقونهم في الكلام ولا يمارونهم في الرأي ولا يتقدمون عليهم في المشي أو الدخول ولا يبدؤون قبلهم في الأكل أو الشرب أو الكلام.
كذلك من الأخلاق الطيبة التي ربطت بين أفراد المجتمع عدم التلفظ بالكلمات البذيئة، إفشاء السلام وتبادل التحية في الطرقات وفي كل مكان ولقد كانت رابطة الجوار تحتل عندهم المقام الأول في الرعاية، فيقدمون للجار كل مساعدة ويسبغون عليه عطفهم ويوصون برعايته فكانوا يرددون ” الجار قبل الدار ” ، وغيرها من العادات والآداب الاجتماعية الطيبة التي كانت وما زالت داخل المجتمع السعودي.
العادات والتقاليد الاجتماعية:
تزخر المملكة العربية السعودية بالكثير من العادات والتقاليد والأعراف السائدة التي تميز بها أهل البلاد. لكن ما يميز هذا المجتمع أنه محافظ على تقاليده وعاداته المورثة الخدمات الاجتماعية في المملكة في عهد الملك سعود إنّ المجتمع الإسلامي هو مجتمع متكافل ومتضامن كأسرة واحدة، يتداعی أبناؤها لنصرة بعضهم في مختلف مجالات الحياة. ولقد حمل الإسلام أبناءه واجبات نحو مجتمعهم، بحيث يكونون أعضاء فاعلين في المجتمع.
وبعض تلك الواجبات مطلوبة من الجميع تجاه مجتمعهم وتسمى ” فرض عين ” كالجهاد وفروض تسمى ” فرض كفاية إذا قام بها بعض المسلمين سقطت عن الباقين، حيث حدد الفقهاء قواعد التكافل والإسلام حمل الدولة مسؤولية رعاية الفئات المحتاجة، فهي راعية لمن لا راعي له. فدعا الدولة إلى أن تتحمل مسؤولياتها في سد حاجات المعوزين من موارد بیت المال وقد كان المجتمع في السابق ومازال يسوده روح التعاون والتكافل الاجتماعي، حيث لم يكن هناك مؤسسات اجتماعية على الطراز الحديث كدور الأيتام والعجزة وغيرها، إلا أن الأهالي تعاونوا بشكل جماعي على القيام بمشروعات عامة وخاصة لمساعدة بعضهم الآخر.
كمساعدة بعضهم بعضاً في حفلات الزواج وبناء البيوت وفي البادية بناء الخيام ورعي الغنم ويتبرعون لمن أصابتهم نوائب الزمن كدفع دية المقتول والضرائب وأضرار السيول ومساعدة القبائل لبعضها الآخر عند القحط والجفاف، لكن كان للتغير الحضاري والتقدم الصناعي الأثر الكبير في المجتمعات، حيث خلفت فيها الكثير من المشكلات والقضايا والتي لم تعد الأجهزة السابقة بأساليبها المتواضعة قادرة على التعامل معها ومواجهتها فمن تلك المشكلات مثلاً: كثرة الأيتام والأرامل بعد تلك الحروب التي نتجت عن توحيد البلاد، إضافة إلى انتشار الفقر وذلك قبل التطور الاقتصادي.
إذن فالمشكلات الاجتماعية من فقر ومرض وحرمان قد وقفت الدولة أمامها وتصدت لها بكثير من الحلول منها: إنشاء صندوق البر في الرياض: وقد تم إنشاء هذا الصندوق في عام 1374/ 1955 ميلادي وأحال الملك سعود إلى الأمير سلمان بن عبد العزيز أمر رئاسة هذا الصندوق لكونه مساعد أمير منطقة الرياض في ذلك الوقت الأمير نايف بن عبد العزيز. والهدف من هذا الصندوق عند إنشائه هو مواساة منكوبي الحوادث من حرق وهدم أو موت عائل الأسرة ومساعدتهمن كذلك مساعدة الأفراد الذين تقعدهم الشيخوخة أو المرض من أجل الحصول على الرزق.
ولقد استمر صندوق البر بتقديم مساعداته حتى بعد إنشاء وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ثم أخذت بقية المناطق تتسابق في إنشاء صندوق البر الخاص بها بعد مساهمة جلالة الملك فيه، ثم يقتدي به الأغنياء وأفراد الشعب من القادرين في تقديم التبرعات لتلك الصناديق في مكة والمدينة ورابغ والوجه.
إنشاء وزارة العمل والشؤون الاجتماعية:
إن هذه الوزارة نشأت في عام 1380/ 1991 ميلادي، عندما توافرت في البلاد الأسباب التي دعت إلى قيامها، بعد أن توطد الكيان السياسي لها وبدأت مرحلة البنيان الاجتماعي، حيث وضعت الوزارة الجديدة نصب عينيها تنمية الطاقات الاجتماعية الكامنة في المملكة وبناء مجتمع جديد يستطيع أن يحافظ على هذه النهضة ويوسع آفاقها، لذلك صدر الأمر الملكي في عهد الملك سعود بإنشاء وزارة العمل والعمال والشؤون الاجتماعية وكان أول وزير للعمل والشؤون الاجتماعية هو الأمير فيصل بن تركي بن عبد العزيز الذي تولى إدارتها لمدة أربعة أشهر فقط، ثم عين بعد ذلك الأستاذ عبد الرحمن.