اقرأ في هذا المقال
التطور العمراني:
إنّ اكتشاف البترول وتطوره وزيادة إنتاجه أدى إلى إحداث تغيرات كلية في حياة السكان وتطور البناء في الدولة السعودية، وحيث كانت المكونات العمرانية في نجد معظم الأحيان تتشارك في العناصر نفسها التي أثرت في تكوينها، من هذه العناصر الطقس الصحراوي الجاف والدين والعادات والمصادر الطبيعية والمادية والدافع الأمني وغيرها.
مما أدى كل ذلك إلى ترابط وتلاصق نسيجها العمراني لدرجة صعوبة تمييز الحدود بين المساكن من أجل الحصول على أعلى درجة من بيئة أمنية ولتقوية قواعد التكافل والترابط الاجتماعي وتميزت بذلك المدن والقرى والأحياء التقليدية بكونها مغلقة على نفسها.
التطور العمراني في مدينة الحجاز:
في مدينة الحجاز تأثر البناء في العادات التركية فأصبحت تبنى البيوت متعددة النوافذ في الغرف، مرتفعة السقوف، متسعة المساحة وتزيينها بالرواشن المصنوعة من الخشب والفن البنائي في المنطقة الشرقية، حيث كانت تحت تأثير الطراز الفارسي مثل نظام الأورقة والأقواس ونظام الأعمدة، كذلك يلحظ تأثير النظام التركي في معظم أبنيتها حيث يلاحظ أنها من دور واحد غير منسقة وشوارعها أزقة ضيقة وتحاط المدن بالأسوار الطينية.
أما في المنطقة الجنوبية فيتم بناء المنازل من الطين في شكل مداميك مزدوجة، وفي المناطق الجبلية ذات الجو الممطر والبارد تبنى الجدران في الحجارة الطبيعة. ومع التطور الاقتصادي للبلاد، أخذ البناء في المملكة ينتقل من مرحلة إلى أخرى، فنتقل من مرحلته التقليدية ذات الطابع القديم إلى عمران حدیث ومتطور، يناسب الحياة الجديدة التي بدأت تظهر وتدخل البلاد.
لقد حدث تغير على طريقة البناء وأصبح يعتمد على الأسمنت المسلح والنورة والدهانات الملونة مستغنياً عن الطين واللبن، أما بالنسبة إلى الشوارع في المدينة فقد أصبحت واسعة الأرجاء مستقيمة خالية من أي اعوجاج تقريباً. بالإضافة إلى هدم وإزالة جميع الأسوار القديمة في المدن في كل من الرياض وجدة والخبر والهفوف وكان البنيان في ذلك الوقت قد بدأ الخروج عن تلك الحدود وبطريقة تختلف عن القدم من حيث الشكل والتصميم وذلك وفق القوانين والقواعد البلدية التي أسست في كل مدينة من أجل تحقيق متطلبات الدولة.
دخل التنسيق العمران في تلك البلدان فأصبح جزءًا منها، حيث تم تأسيس المرافق العامة من منتزهات ترفيهية ودوائر الحكومة من مبنى للإدارة والشرطة والمطافئ وغيرها الكثير من الدوائر الحكومية. وكل ذلك لم يمنع من تواجد البناء ذات الطابع القديم في معظم القرى والمناطق التي لم يصلها ذلك التطور، حيث كانت مبنية من الطين وعليها بعض النقوش المختلفة، مثل المنازل في نجد.
وذلك قد تواجد أيضاً في الحجاز، فقد أثرت البيئة في تلك المنطقة فجعلتها تستخدم النخيل مثل مناطق الشرقية كالأحساء والهفوف أو الحجاره في البناء مثل مناطق الشمال، والذين استخدموا بجانب ذلك منازل الطين المعجون بالقش. أما المناطق الغربية فقد تميزت منازلهم في الارتفاع على دورين وفي معظم الأحيان ثلاثة مصنوع من الطين أو الحجر أو اللبن. إذن فقد تمازج العمران في ذلك الوقت بين القديم والجديد، في ذلك الوقت بدأ ظهور الحديد حيث بدأ ينتشر في المدن الكبرى والتجارية
والطابع القديم ما زال موجوداً في بعض القرى والأرياف، أما البادية فمن المعروف إنّ بيت الشعر هو مسكنهم وكان يعتمد في بنائه على الحبال والأعمدة والأوتاد ويصنع من شعر الماعز أو وبر الإبل. وإن أهم تطور عمراني حدث في عهد الملك سعود كان يختص في الحرمين الشريفين، حيث جعلهما في مقدمة المرافق والمشروعات من حيث العناية الكبيرة وسرعة التنفيذ، وقام الملك في تخصيص لهذا العمل ميزانية كبيرة.
أهم المشروعات في عهد الملك سعود:
من أهم المشروعات الكبيرة التي كانت في عهد الملك سعود ما يلي:
أولًا: في مكة عمل على إضاءة الحرم الشريف في الكهرباء وتهويته وكذلك عمل على رصف المطاف وأروقة الحرم، أنشأ دورات مياه في جميع المنطق حول الحرم . وكذلك عمل المظلات المتحركة في المسجد الحرام . وقام في إزالة الحواجز التى شكلت مانع أمام المسعى من المباني وغيرها، أسس مظلة وخزان بئر زمزم.
ثانياً: أقيمت مشروعات لتوزيع الماء في مكة، حيث فتح الكثير من الطرق وقام في تعبيدها بين المشعر المقدس. جيث ظهر إعلان رسمي عن توسعة وعمارة المسجد الحرام حيث يقضي بنقل الآلات والمعدات التي استعملت في عمارة المسجد النبوي إلى مكة وأن تشتري جميع المباني اللازمة لتوسعة المسجد الحرام بعد أن تدفع التعويضات لأصحابها ذلك في الخامس من المحرم عام 1375/ 1950 ميلادي.
وفي العام نفسه صدر بيان ملكي ينص على تكوين هيئة عليا تقوم في الإشراف على توسعة المسجد الحرام وكانت برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبد العزيز وصدر أمر ملكي كذلك بتكليف المعلم محمد بن لادن بتنفيذ أعمال المسجد الحرام.
وقد قسم العمل في هذا المشروع الكبير إلى مناطق مختلفة حوالي 8 مناطق. حيث شملت بنود ذلك العمل في العديد من المراحل منها: الهدم ونقل مخلفاته والحفر ونقل مخلفاته الخرسانة اللازمة للقواعد العادية وأخرها التركيبات والتشطيبات.
وقد بدأت المرحلة الأولى من ذلك وتم فيها هدم المنشآت السكنية والتجارية التي كانت قائمة قرب المسعى ومنشآت الجهة الشرقية إلى المروة والبدء بعمل الطريق الجديد لها في عام 1377/ 1957 ميلادي. وكذلك تم بناء المسعى من طابقين لاستيعاب أكبر عدد من المصلين، فساعد هذا على جذب أكبر عدد من المصلين وقلل من التزاحم في المسجد في أثناء الحج.
وتم تأسيس حاجزاً يقع في منتصف المسعىن حيث يقسم ذلك الحاجز المسعى إلى قسمين مستقيمين متوازيين، خصص كل منهم لمهام معينة، الأول منهم للقدوم والثاني للذهاب؛ ليتم منع التزاحم المكتظ بين المتواجدين، وتم بناء درج مقسم أيضاً إلى قسمين أحدهم في كل من الصفا والمروة. أحدهما للصعود والآخر للهبوط وأسس تسعة عشر باباً موزعة على الواجهة الشرقية.
أما المرحلة الثانية فقد اشتملت على إزالة أنقاض المرحلة الأولى وقد بدأت في عام 1379/ 1959 ميلادي. ومن ثم إتمام أساس الرواق الجنوبي من ناحية الصفا وكساء جدران البناء في الرخام. أسس ما سمي بباب الملك، كذلك أسس ممر دائري فوق الصفا على مستوى سطح الطبقة الثانية في الرواق الجنوبي للمسعى وإقامة البدرومات وسبيل يستقي منه الحجاج من ماء زمزم.
أما المرحلة الثالثة فتم بها هدم المباني التي كانت موجودة على الأرض من جهة الرواق الجنوبي الغربي وكذلك المباني الموجودة بين باب الباسطية وباب القطب وباب السلام والتمهيد للبدء في بناء رواق الجانب الشمالي الممتد من باب العمرة إلى باب السلام في المدينة.
لقد قام الملك سعود في الأمر في الاستمرار في توسعة المسجد النبوي وعزم جلالته على تأسيس محطة لتوليد الكهرباء؛ لتقوم بإضاءة المسجد النبوي والمدينة المنورة، فأمر مدير الإنشاء والتعمير بالبدأ في تأسيس تلك المحطة. وأنجز العمل على تنفيذ الطرق المؤدية إلى المسجد النبوي خاصة والطرق المؤدية إلى المدينة المنورة عامة.
لقد شكلت لجنة خاصة تضم كبار رجال المدينة من أجل تلك التوسعة ليقوموا في التقدير المادي لتأسيس ذلك العقار الذي يتطلب إزالته، فقد قدرت لهم بمبالغ مالية غالية جداً، وقد تم زيادة أعداد الأبواب ومن الأبواب التي زيدت في هذه التوسعة باب عمر بن الخطاب وباب عثمان بن عفان وباب عبد العزيز وباب سعود.
وقد قاموا بتأسيس الشوارع الرئيسية حول المسجد وكان من تلك الشوارع: الشارع الرئيس الذي يبدأ من باب عبد العزيز، الشارع الرئيس الممتد من الجنوب من شارع درب الجنايز متجهة إلى المسجد، الشارع المفيد من البقيع، الشارع الغربي الواقع غرب المسجد. وقد أنشئت على ضفته المقابلة للمسجد بنايات على النمط الحديث أوقفها الملك سعود على مصالح المسجد. وكذلك الشارع الشرقي الواقع غرب المسجد.
حيث بلغت تكاليف العمارة كاملة 25 مليون ر.س، و 30 مليون قيمة الدور والدكاكين، فبلغ الجميع حوالي 50 مليون. ولقد توالى اهتمام الملك سعود بالحرمين وبتطويرهما وبزيادة الإصلاحات والتطيرات فيهما، فقد اهتم بتوفير المياه لهما من أجل السكان والحجاج الوافدين، واهتم بتوسعة المسجدين ليستقبل الأعداد المتزايدة من الحجاج والتي كانت تتزايد في كل عام
تطور مدينة الرياض:
بدأت التطور الحقيقي لمدينة الرياض عندما انقلت إليها جميع الوزارات والمصالح الحكومية، جرى ذلك في عهد الملك سعود حيث زاد النمو والتطور العمراني في المدينة بالشكل الملحوظ وصممت معظم المناطق لتجذب أصحاب الدخول المتوسطة والعالية من المواطنين وغيرهم، ومن أبرزها الناصرية التي تعد تجمعاً ملكياً يحتوي على قصور فخمة وكبيرة ويعد اللبنة الأولى في عملية البناء الحديث في مدينة الرياض
وإن كانت منطقة الملز هي التي سيطرة على تلك التسمية عندما تم تخطيط هذا الحي وبناؤه من أجل أن يستوعب موظفي الوزارات والدوائر الحكومية، الذين نقلوا من جدة إلى الرياض وأطلق على هذا الحي أيضاً اسم الرياض الجديدة؛ لأنه تحول إلى مدينة قائمة بذاتها على أنماط وأساليب جديدة في التخطيط والبناء.