التطور في وسائل الاتصال والطرق في الحجاز

اقرأ في هذا المقال


التطور في وسائل الاتصال والطرق:

كانت مدينة الحجاز حتى بداية العهد السعودي تعتمد على العديد من وسائل الاتصال والمواصلات التقليدية المتوافرة بذلك الوقت، فلما تطورت وسائل الاتصال بين أرجاء العالم، أدرك الملك عبد العزيز أنه لا بد من مواكبة هذا التطور وجعل الدولة السعودية من الدول المتطورة والمتقدمة ذات الحضارة البارزة، حيث قام الملك عبد العزيز بإرسال ابنه الأمير فيصل مع وفد من رجال الثقافة والسياسة إلى أوروبا وغيرها من الدول المتطورة في عام 1345 /1926 ميلادي، حيث أُطلع الأمير فيصل من خلالها على المخترعات الأوروبية الحديثة والمتطورة، لتزويد الدولة السعودية بما تحتاجه منها.

لم تكن الاتصالات السلكية واللاسلكية جديدة على المجتمع الحجازي، إذ كانت تعود إلى العصر العثماني عام 1900/1318 ميلادي، عندما تم تأسيس الخط البرقي الحجازي، مثبتة على أعمدة مقابلة لسكة حديد الحجاز لتقوم بالوصل بين دمشقوالمدينة بخط سلكي، كما عملت الدولة الهاشمية عام 1918/1337 ميلادي في الحجاز على توسيع مجال الخدمات البرقية اللاسلكية لتضم العديد من المدن الحجازية الأخرى التي تقع غرب مكة المكرمة وجنوبا وشمالها، أما في العهد السعودي فقد أحدث الملك عبد العزيز نقلة حديثة في قطاعات الاتصالات السلكية واللاسلكية تمثلت في توسيع استخدام وسائل تلك الاتصالات لتضم مختلف مناطق البلاد، حيث قام بتحديث بنيتها التجهيزية.

المديرية العامة للبريد والبرق والتلفون:

وفي عام 1345/ 1926 ميلادي أُنشأت إدارة أطلق عليها اسم المديرية العامة للبريد والبرق والتلفون، وهي مرتبطة بالنيابة العامة بموجب ما جاء في التعليمات الأساسية، وظل الأمر كذلك حتى صدر نظام مجلس الوكلاء عام 1350/ 1931 ميلادي، والذي أصبحت بناءً على ما جاء به إدارة البريد تابعة لوزارة الداخلية، وقد ظهرت جهود الحكومة السعودية في مجال الاتصالات الحديثة بالعديد من الأمور منها: عقد اتفاقيات مع دول عديدة ليتم الاتصال بها عن طريق الهاتف والبرق والبريد، ومن تلك الاتفاقيات الاتفاقية الملكية عام 1926/1345 ميلادي وهي سلك التلغراف بين حكومة الحجاز وحكومة السودان، كان الهدف منها تقوية الصلات بين شعب البلدين.

وقام الأمير فيصل بتمثيل حكومة الحجاز في هذه الاتفاقية، وفي عام 1927/1345 ميلادي قامت السعودية بالدخول إلى اتحاد العالمي للبريد، وانضمت كذلك في عام 1929/1345 ميلادي إلى الاتفاقيات البريدية الموقع عليها لتكوين إدارة البريد بجهاز متكامل، قُدّر عدد موظفيها إلى 32 موظفاً. وحرصاً من الأمير فيصل على استمرارية العمل بإدارتي البرق والبريد، فقد جعلها تابعة للجنة البحث والتحقيق.

الشبكات الهاتفية في الدولة السعودية:

تم تأسيس شبكة هاتفية في العديد من مدن الدولة السعودية، حيث توجد شبكة هاتفية في جدة ومكة والطائف والمدينة والرياض تتصل جميعها ببعضها البعض، بالإضافة إلى وجود الهاتف العادي والهاتف الأوتوماتيكي، وقامت الحكومة السعودية كذلك بتعمیم المراكز اللاسلكية في معظمها، وفي عام 1930/1349 ميلادي تعاقدت الحكومة السعودية مع ممثل شركة ماركوي البريطانية لتأسيس شبكة لاسلكية في البلاد وتوريد محطتين كبيرتين في مكة المكرمة والرياض.

وقام الأمير الأمير فيصل على إدخال الأجهزة اللاسلكية طويلة المدى، وقام بنفسه بإجراء أول اتصال لاسلكي عام 1931/1350 ميلادي من الطائف مع والده الملك عبد العزيز بالرياض، كما أذاع نيابة عن والده خطابه في حفل افتتاح محطة الإذاعة اللاسلكية بمكة المكرمة في عام 1949/1348 ميلادي.

ولقد أدرك الملك عبد العزيز الأهمية الكبرى لربط مناطق الدولة السعودية بشبكة لاسلكية، والتي أفادته كثيراً، وكانت خير وسيلة مكّنت حكومته على حفظ الأمن، إذ أنها جعلت من أجزاء هذه البلاد المتباعدة وحدة متكاملة، ولم تعد تلك المسافات الكبيرة الممتدة بين منطقة وأخرى تصبح دون تلقي الملك أخبار أبعد مناطقها في أقل من دقائق، وإصدار أوامره إلى جميع المناطق في أي وقت.

مدارس تعليم أعمال الهاتف اللاسلكي:

لقد أمر الملك عبد العزيز بتأسيس مدارس لتقوم بتعليم أعمال الهاتف اللاسلكي، وإرسال أعداد كافية من الطلاب إلى مصر وغيرها من الدول، لتم تعليمهم في تلك الأمور والمجالات، وفي عام 1930/1349 ميلادي تم تأسيس مدرسة لتعليم فن اللاسلكي في مدينة جدة، ثم انتقلت إلى مكة المكرمة في عام 1350/ 1931 ميلادي.

حيث قام بالالتحاق بها عدد من الطلاب السعوديين، كانوا يحصلون على مكافأة شهرية في أثناء دراستهم، تقدر بأربعة جنيهات ذهبية، وقد كان من أهم أسباب قيام مدارس للتعليم الفني لفنون اللاسلكي في مدن الحجاز هو دخول تلك الوسائل منذ ظهورها إلى المجتمع الحجازي، وقبول الحجازيين التعامل معها، على عكس كثير من المناطق الأخرى في الدولة السعودية.

تطور وسائل النقل في الدولة السعودية:

أما فيما يتعلق بتطوير الطرق ووسائل النقل، فقد كانت مناطق الدولة السعودية بما فيها منطقة الحجاز حتى بداية العهد السعودي تعتمد على وسائل النقل التقليدية منها على سبيل المثال الإبل والخيل والبغال، فلما تطورت وسائل الاتصال بين أرجاء العالم، وأصبحت السيارة والطائرة في مقدمة هذه الوسائل، بحيث بادر الملك عبد العزيز إلى إدخال السيارات إلى البلاد، لتقوم الجهات الرسمية في الدولة باستخدامها، ولتعمل بنقل البضائع والمسافرين منهم الحجاج والمواطنين، ثم انتشر استخدام السيارات بين السكان، ومع مرور الوقت أصبحت أعداد السيارات في الدولة السعودية يتزايد يوماً بعد يوم بالشكل الملحوظ.

وقد سمحت الحكومة السعودية باستيراد السيارات من الخارج، وأسست لذلك العديد من الشركات المختصة بنقل الحكومي وكذلك أسست الشركة السعودية برئاسة الشيخ سليمان قابل في جدة لتلك المهمة. وفي ضوء ذلك الشأن عقدت الحكومة السعودية اتفاقيتين مع الشركة الشرقية بجدة، فيما يخص توريد السيارات إلى الدولة السعودية.

وفي ذلك الوقت وبسبب الاهتمام باستيراد السيارات، ظهرت الحاجة إلى تعبيد وتطوير طرق المواصلات البرية، فقد واجه أصحاب السيارات الكثير من المشاكل وكان من أهمها عدم تعبيد الطرق، مما يعرض السيارات للعطل وسرعة الخراب؛ بسبب صعوبة الطرق، ومن هذا السياق صدر الأمر الملكي في عام 1928/1347 ميلادي جاء بموجبه الأمر بتعبيد وإصلاح طريق جدة ومكة المكرمة، وعلى أثر ذلك أصبح الطريق صالحاً لسير السيارات من خلاله دون توقف.

فقد أصدر الأمير فيصل أمر إلى عبد الله السليمان قيامه بالمباشرة في إصلاح طرق خاصة تسير عليها السيارات في ذهابها إلى العمرة، بحيث لا تمر وتتداخل بالطرق العامة التي يسير فيها المارة، كذلك اعتني الملك عبد العزيز بطريق مكة/جدة الذي تم إصلاحه وتعبيده بالإسفلت في أوائل الحرب العالمية الثانية بمسافة تقدر في 73 كم.

تطور النقل البحري في الدولة السعودية:

أما فيما يتعلق بالمواصلات البحرية، فقد اهتمت الحكومة السعودية بها كل الاهتمام فقامت على تطويرها وتحديثها، وكان ذلك بتأسيس أسطول نقل بحري، بحيث يعتبر النقل الأساسِ في التجارة الداخلية والخارجية، ويلزم في عملية تجميع السلع في الموانئ، وتوزيعها إلى مراكز الاستهلاك، ولذلك السبب ينظر إلى النقل على أنه المرتكز الأساسي لعملية التطوير.

كذلك اهتمت الدولة السعودية بتطوير الموانئ البحرية وتأسيس العديد من الموانئ الجديدة، ويعتبر ميناء جدة من الموانئ الأساسية على البحر الأحمر، والذي تمتع بأهمية بالغة؛ بسبب ارتباطه الوثيق بمكة المكرمة لاعتباره مدخل رئيسِ لحجاج بيت الله الحرام وغيرهم.


شارك المقالة: