التغير الاجتماعي وصراع الأجيال

اقرأ في هذا المقال


إن أهم ما يميز المجتمعات البشرية والإنسانية وهو ما يحدث في داخل المجتمعات من تغيرات اجتماعية وثقافية بشكل دائم ومستمر، وهذا التغير يشمل جميع جوانب المجتمع.

التغير الاجتماعي وصراع الأجيال:

التغير الاجتماعي من الممكن أن يحدث على سلوكات الأفراد وتصرفاتهم وتختلف من مجتمع إلى آخر ومن فترة زمنية إلى أخرى سواء في شكل العمران والذي يشمل على جميع النظم والعلاقات في داخل الحياة الاجتماعية ويحدث ذلك بسبب التفاعل الذي يحدث بين الأفراد في داخل المجتمع الواحد ومن ثم بين جميع المجتمعات الإنسانية.
حيث قام أوجست كونت في بداياته في علم الاجتماع بإطلاق اسم الفيزياء الاجتماعية على عملية التغير الاجتماعي وذلك بسبب الشبه بيت العمليات التفاعلية التي تحدث في مكونات المواد الطبيعية وبين ما يحدث من تفاعلات في الظاهرة الاجتماعية.
إذا أن الفيزياء تقوم بدراسة مكونات المادة الطبيعية والتفاعلات التي تحدث بينها وتتوصل في الأخير إلى قوانين صحيحة ودقيقة فإن علم الاجتماع يقوم بدراسة مكونات المجتمع وتفاعلات الأفراد فيما بينهم وتخرج بمجموعة من العوامل المؤثرة.
وبالتالي تتوصل إلى مجموعة من الظواهر والنظم الاجتماعية وعلاقات اجتماعية بين الأفراد تتسم بالتناسق والتكامل فيما بينهم بحيث تصبح جزء من بنية اجتماعية أخرى وتحاول الوصول إلى مجموعة من القوانين الخفية التي تحكم وتسيطر على الظواهر الاجتماعية.

التغير الاجتماعي كعامل أساسي في ظاهرة صراع الأجيال:

يتم تعريف الجيل على أنه المدة الزمنية وهذه المدة تكون ما بين ولادة الأباء والأبناء، وفي أغلب المجتمعات يكون سن الزواج يتراوح بين المدة الزمنية الواقعة بين 25-35 عام وبالتالي فإن معظم المجتمعات يوجد لديها جيلين نشيطين.

وكل جيل من هذه الأجيال له عالم خاص به يحتوي على قيم ومفاهيم خاصة به ولا يفهم كل جيل عالم الجيل الآخر بشكل كامل، حيث أن الآباء ال يفهمون أبنائهم وأن الأبناء لا يفهمون أباهم.


بشكل خاص بعد ظهور الثورة التكنولوجية والتي ساهمت في ارتفاع وتزايد عملية التغير الاجتماعي داخل المجتمعات، وبالتالي زادت الفجوة والخلاف بين الأجيال وظهرت المشاكل والخلافات والصراع بين الأجيال.

فإن الجيل القديم يتمسك بجميع المفاهيم والمعتقدات والأفكار والسلوكيات السابقة التي اكتسبها من الجيل السابق له من خلال الآباء والأجداد فلا يمكنه أن يتخلى عنها وذلك على الرغم من أنها هذه المفاهيم والأفكار قد فقدت بعض صلاحياتها وتماشيها مع الواقع الجديد.


فيحاول الجيل القديم يحاول المحافظة على الأفكار والقيم والمفاهيم القديمة بكل الوسائل والطرق ويتهم من يخرج عنها بالانحلال عن الأخلاق والدين والقيم الاجتماعية.
وأن الجيل الجديد يحاول أن يفعل ويتصرف ويستخدم كل ما هو جديد ولا يهمه مدى فاعليتها وجودتها بقدر ما يهمه أنه هذا هو التغير الجديد عليه وعلى المجتمع ويرى أن إذا اتبع التغير الجديد فإن هذا الشيء يميزه ويجعل منه فرد مستقل وله شخصية مستقلة.
كما أن الجيل الجديد ينظر إلى كل ما هو قديم بإزدراء ودونية ومن يرفض التجديد والتغير يتم نبذة من أبناء الجيل نفسه ويتم وصفه بالتخلف والرجعية وبالتالي ينشأ ويتولد الصراع والخلاف.
كما اعتبر بعض علماء علم الاجتماع أن أغلب العوامل التي تساعد على حدوث عملية التغير الاجتماعي ترجع إلى مجموعة التراكمات المعرفية والثقافية التي نتجت عن التجاري والاكتشافات العلمية والبشرية جيل بعد جيل في داخل المجتمع الإنساني.
حيث لاقى التغير الاجتماعي قبول من قبل الباحثين والدارسين في مجال التغير وذلك لما يحدثه التغير من فروق جديدة ومختلفة في البناء الاجتماعي وفي الأفكار بين أجيال المجتمع التي تهتم بأبناء مجتمعاتها، كما قال كارل ماركس: “وجود الإنسان هو الذي يعين فكره، وليس فكره الذي يعين وجوده”.
بالتالي فإن أي تغير في شكل العمراني فإنه يؤثر بالضرورة على أفكار الأفراد وأن التغير الذي يحدث يؤثر وينعكس على المجتمع بشكل كلي.
كما أن عملية التدافع الحضاري بين الحضارات والأمم والشعوب وهذا بالإضافة إلى ظاهرة التقليد التي عبر عنها العلامة ابن خلدون بقوله: “المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده”، وبالتالي فإن من المهم توجيه النظر والإشارة إلى أن التغير الاجتماعي لا يأخذ الشكل التصاعدي بشكل دائم كما يراه بعض العلماء والدارسين الاجتماعيين، بل من الممكن أن يأخذ شكل تنازلي عكسي، لأنه هو من يحدد طبيعة التغير الاجتماعية ووجهته وفي مجموعة العوامل التي تؤثر في التغير الاجتماعي.


شارك المقالة: