التمسك بالقيم الاجتماعية والتضحية من أجلها

اقرأ في هذا المقال


لمّا كان التغير الاجتماعي سُنّة الحياة، فإنَّ ذلك يعني أنَّه لا توجد مجتمعات لا تتغير أو لا تخضع له، بل جميعها قابِله للتطوّر والنمو إنّما الاختلاف في درجة قابليتها للتغيُّر وإلى العوامل المُعيقة لها وللمتغيرات المساعدة على تغيرها.

ضحايا وقرابين للتغير الاجتماعي:

هناك حقيقة حَتميّة في المجتمع وهي أنَّ كلَّ تغيّر يَحدث يَخسر المجتمع بعضاً من عناصره البشرية، نستطيع تَصنيفهم بشكل رئيس إلى نوعين هما “القرابين” الذي يَدعمون حركة التغيّر ويدعون إليه فيخسروا بعض الشيء مقابل توقّعهم في الحصول على أشياء تعويضية مُرادَه.

يُمكننا تعريف القُربان بأنَّه: التضحية التّامة والكاملة في سبيل هدف سامي أو قِيمَة اجتماعية معينة بالنّسبة للفرد الذي يُقدّم روحه قُرباناً وتضحيةً لقِيمَة اجتماعية يتمسّك بها أو فكرة أوعقيدة أو طائفة دينيّة أو مَذهب ديني ولا يَقبل سواه بديلاً له فيذهب فِداءً له أو في سبيله طواعيةً فالقُربان يعني قبول الإنسان أنْ يفنى ولا يتخلَّى عن مُعتَنق فكري أو يتَحلّل من التزام قِيمي أو ينفصل نفسياً عن إنسان مُتعلق به روحياً إنَّها ثمن عدم الانفصال أو ثمن الرّفض للتنازل عنه أو الخروج مِنه أيْ أنَّه لا يفني جسده لكي يعّبر عن وجوده الاجتماعي ولا تحصل اإلَّا في أوقات الأزمات السياسيّة أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو النفسيّة.

النّوع الثاني هو “الضحايا “ وهم الأفراد المُتمسِكون بما هو قائم وسائد ومتعودون عليه ومُتعلِّقون به وليس مِن صالِحهم النَّفعي أنْ يتحولوا إلى حالة جديدة أو التّكيُّف لشيء جديد والتَّمسُّك به إلّا إذا اضطروا إلى ذلك أو أُجبروا عليه لذلك يَلجأون إلى الدّفاع عن مصالحهم الذاتيّة من خلال ما هو قائم وسائد لدرجة أنَّهم قد يَخسرون مواقعهم الاجتماعية أو يَفقدون أدوارهم أو أحوالهم أو اعتبارهم أو أنفسهم جسدياً في سبيل المحافظة على ما تَعوَّدوا عليه أو أَلِفوه وهنا يذهبون ضحايا لعدم تَقبّلهم للتغير ومواكبتهم له هذه الخسارة البشرية مشكلة اجتماعية تحصل لأغلب حالات التغير الاجتماعي الذي يحصل فجأة أو يَقع لقطاع كبير من المجتمع عن طريق الثورات السياسيَّة والانقلابات العسكريَّة والانتفاضات الشعبيّة والكَسادِ الاقتصاديِّ والحروب الأهليَّة.

إنَّها ضريبة بشرية يَدفعها المجتمع عندما يبدأ في عملية التغيُّر الاجتماعي على ألّا ننسى أنَّ هناك نماذج أخرى من الأفراد مِمَّن لا يكونوا من ضحايا التغيُّر أو من قرابينه لأنَّهم لا يتماثلون مع تطوّرات مجتمعهم مهما بلغت بسبب انسحابهم منه أو تمرُّدهم عليه.

أو مِن الذين لا يُعيرون أهميَّةً للتغير بسبب عدم تضرُّر مصالحهم الشخصيَّة فلا يكونوا من القرابين أو من الضحايا.

وخلاصة الموضوع هي أنَّه يكون دُعاة التغيُّر والمؤيدون له من القرابين؛ والذين ضِدّ التغيُّر من الضَّحايَا.


شارك المقالة: