الجبهة البيزنطية في العصر العباسي

اقرأ في هذا المقال


الجبهة البيزنطية في العصر العباسي:

استفادت الدولة البيزنطية من الاضطرابات التي سادت الدولة الإسلامية، وذلك نتيجة انتقال الخلافة من الأمويين إلى العباسيين ‏ ونقل العاصمة من دمشق؛ فهاجمت المناطق الشمالية للدولة الإسلامية، وقد نجح الأمبراطور قسطنطين الخامس في توسعة حدود بلاده؛ بعيداً نحو الشرق عندما أغار على مناطق الثغور الشامية والجزرية واستولى على مدنها وقلاعها.

وقاد الأمبراطور في عام (133 هجري)/ (751 ميلادي)، حملة إلى منطقة الحدود مع أرمينيا واستولى على حصن ثيودو سيبوليس (أرضروم)؛ ولكن الجيش العباسي لم يكن متمكناً الذي كان يقوده مخلد بن مقاتل بن حكيم من الصمود. وقد تابع الأمبراطور اجتياح المنطقة وقام بالسيطرة على حصن (كماخ) على نهر الفرات بعد مقاومة، وهاجم الثغور الجزرية ودمّر العديد من تحصينات الفرات واستولى على الحدث وملطية وقلوذية وخرّب حصن سميساط.

ويبدو أن قسطنطين الخامس هذا قد كان هدف من اجتياحه للمنطقة تدمير مراكز الإمدادات وقواعد الانطلاق الإسلامية للحد من اندفاع المسلمين إلى داخل الحدود البيزنطية بفعل أنه أدرك استحالة الدفاع عن هذه المناطق في حال استقر البيزنطيون فيها بسبب بعدها عن العاصمة. لذلك أمر بهدمها وتخريبها فهدّد بذلك نظام الثغور الإسلامي.

والواقع أن بيزنطية قد ارتاحت إلى أن النشاط الإسلامي رغم حجمه الكبير، لن يؤثر على أمنها مثلما كان الحال في عهد دولة الخلافة الأموية. وبالرغم من ذلك فقد أقامت نظاماً دفاعياً ثابتاً بِأن جعلت مناطق الحدود المواجهة للمسلمين مناطق عسكرية دائمة تمركزت فيها قوات عسكرية. كان رد الفعل الإسلامي محصوراً في بادىء الأمر، ثم أخذ يقوى تدريجياً وظهرت حركة الاستجابة بالرد على الهجمات البيزنطية مع اقتراب استقرار أوضاع الخلافة فاستؤنفت حركة الصوائف والشواتي.

وفي عام (‎134‏ هجري)/(752 ميلادي)، أرسل أبو العباس صائفتين إلى ملطية، الأولى بقيادة عمّيه صالح وعيسى ابني علي فدمرا سورها، والثانية بقيادة محمد بن النصر بن بريم الحميري، الذي دخل حصن طوانة كما وجَّه في نهاية هذا العام غارة بحرية إلى صقلية وسردينيا بقيادة عبد الله بن حبيب الفهري.

ويبدو أن أبا العباس كان هدفه هو إلى بعثرة قوة بيزنطية وتشتيت انظارها لتخفيف الضغط العسكري عن الجبهات العسكرية. وحرص الخليفة على استعادة ما استولى عليه البيزنطيون مثل أرضروم وترميم وتصليح ما خرّبوه مثل ملطية؛ كما برهن وصول البحرية الإسلامية إلى الجزر، على استمرار النشاط البحري فكلّف والّيه على الشام وهو عمه عبد الله بن علي في عام (136 هجري) /(753 ميلادي)، بتجهيز حملة إلى آسيا الصغرى.

تجمعت الحملة في منطقة (دابق شمالي) حلب استعداداً للانطلاق، إلا أن أعلنوا وفاة الخليفة فى تلك السنة جعلت عبدالله بن علي حجم عن قيادتها وأظهر عن مطامعه في السيطرة على الخلافة. وبشكل عام؛ يُمكن وصف المناوشات العسكرية بين الطرفين في ذلك الوقت بحرب الحدود.


شارك المقالة: