يعاني أغلب كبار السن من الشعور باليأس وهذه هي أهم المشكلات النفسية لديهم وخاصةً الذين يَعتَبرون أنَّ أيام البهجة والشباب قدّ انتهت وأنَّهم يعيشون فترة النهاية، ممّا يجعلهم يتجهون إلى اليأس بدلاً من الأمل.
أثر المجتمع على نفسية كبار السن
ما يسود في المجتمع من أقوال وآراء أنَّ الشيخوخة هي نهاية الشوط المؤدِّي إلى الموت تؤثر تأثيراً شديداً على كبار السن، والرأي العام للمجتمع له أكبر الأثر في تحديد ملامح الشخصية النفسية لكبار السن ومدى ثقتهم في أنفسهم ومدى قيمتهم الذاتية، والواقع أنَّ المجتمع يعتبر أشدّ المتأثرين بالنزاعات الاقتصادية التي تقيس الأمور بمدى فائدتها، وبالتالي فإنَّ كبار السن يُعتَبَرون فئة عاطلة غير مُنتجين أو عالةٍ على مجتمع المُنتجين، وفي ضوء هذا المقياس نستطيع القول بأنَّ المجتمع يستهين بفئة كبار السن طالما أنَّه قد عمل على إزاحة الغالبية العظمى منهم عن مجالات العمل ليحلّ محلّهم أفراداً من الشباب.
وممّا يدعم يأس كبار السِّن أنَّ الغالبية العظمى من العاملين يَجدون أنفسهم فجأةً عندما يَصِلون إلى سِنّ الستين وقد أصبحوا غير قادرين على فتح آفاق جديدة لأنفسهم يعملون فيها بعد أن نبذهم عملهم الذي أفنوا زهرة شبابهم فيه وأنَّ المجتمع بأكمله ينكر عليهم الاستمرار وأنّه ليس من سبيل أمامهم إلَّا الاختباء بعيداً عن الأنظار.
كما أن الكثير من كبار السن لا يجدون في أبنائهم وبناتهم الوفاء والطاعة التي كانوا يجدونها أيام كان هؤلاء الأبناء والبنات في حاجة إليهم، وقدّ بلغ أولئك الأبناء السِنّ والمكانة الاجتماعية التي تسمح لهم بالاعتماد على النفس والاستغناء عن خدمات الأب أو الأم، عندئذٍ يحسّ كبار السن بأنَّ الدنيا قدّ ضاقت في أعينهم عندما لا يَلمح الوفاء في مَنْ ضحَّى مِن أجلهم.
وهناك سبب ذاتي يدفع بكبار السِّن إلى الاستسلام لليأس من حيث نظرته إلى الزمن تختلف عن أيِّ شخص آخر في أيِّ مرحلة عمرية أخرى سابقة، فنظرته إلى المستقبل لا تقِلّ أهميةً ولا تختلف من الناحية الجوهرية عن نظرة أي شخص آخر. فمن الممكن أن تتغلَّف نظرة كبار السِّن إلى المستقبل بالتشاؤم كما يمكن أن تتغلَّف بالتفاؤل حسب المناخ الاجتماعي والنفسي الذي يتوفَّر لهم.
وإذا كانت عادات كبار السِّن في الشباب سيئة فإنّها سوف تكون أسوء في الشيخوخة، ومتاعب كبار السن ترجع في الغالب إلى أنَّ شخصياتهم التي تكونت في شبابهم كانت ولا تزال دون الوفاء وحاجاتهم النفسية والروحية فهناك وحدة سيكولوجية لا تنقسم بين الشباب والشيخوخة.
دور العاملين في رعاية كبار السن
على العاملين في مجال رعاية كبار السِّن أن يُحقِّقوا هذه الحاجات بدرجات مختلفة وترى نظرية الحاجات أنَّ الحاجة هي الدافع وراء كلّ سلوك، وكلّ إنسان له عدد من الحاجات التي تنافس بعضها البعض وتوجِّه سلوك الإنسان من أجل إشباعها وإذا لم تُشبَع يترتَّب على ذلك خلل يؤثِّر على صاحبها وإذا أُشبِعَت يزول الخلل.
مع تزايد نسبة كبار السن في مجتمعاتنا، يأتي أهمية توفير الرعاية الشاملة والمستدامة لهم. يتطلب هذا تفهمًا عميقًا لاحتياجاتهم وتوفير بيئة داعمة، وهنا يأتي دور العاملين في رعاية كبار السن كركيزة أساسية لتحقيق هذا الهدف.
1. تقديم الرعاية الصحية:
يتعلق دور العاملين في رعاية كبار السن بتوفير الرعاية الصحية الملائمة. يجب على الفريق الطبي والممرضين أن يكونوا على دراية بالاحتياجات الطبية الفريدة لكبار السن وتوفير العناية الشاملة.
2. تقديم الدعم النفسي والاجتماعي:
العاملون في مجال رعاية كبار السن ليسوا فقط مقدمي خدمات طبية بل أيضًا داعمين نفسيين واجتماعيين. يساعدون في تخفيف الوحدة وتعزيز التواصل الاجتماعي، مما يسهم في رفاهية كبار السن.
3. تعزيز الأمان والراحة:
يتطلب دور العاملين في رعاية كبار السن خبرة في توفير بيئة آمنة ومحببة. فهم احتياجات السلامة وتأمين الراحة يعززان تجربة كبار السن في مراكز الرعاية.
4. تشجيع على النشاط والمشاركة:
يلعب العاملون في رعاية كبار السن دورًا هامًا في تشجيع المشاركة في الأنشطة والبرامج الترفيهية. هذا يعزز الحياة الاجتماعية والنشاط البدني، مما يؤثر إيجابيًا على الصحة العامة.
5. تحفيز استقلالية الفرد:
يهدف دور العاملين في رعاية كبار السن إلى تعزيز استقلالية الفرد قدر الإمكان. من خلال توفير الدعم اللازم وتشجيعهم على المشاركة في قرارات حياتهم، يمكن تحقيق حياة أكثر استقلالية وكرامة.
6. التفاعل مع أفراد العائلة:
يعتبر العاملون في مجال رعاية كبار السن جزءًا من شبكة الدعم العامة، حيث يتفاعلون بشكل فعّال مع أفراد العائلة. هذا التفاعل يعزز فهم أعمق لاحتياجات الفرد ويسهم في تقديم الرعاية المناسبة.
يمثل دور العاملين في رعاية كبار السن ركيزة أساسية في بناء مجتمع يحترم ويقدر فئة الشيخوخة. من خلال تقديم الرعاية الشاملة وتلبية الاحتياجات الشخصية والاجتماعية، يسهمون بشكل فعّال في تعزيز جودة حياة كبار السن وتحسين رفاهيتهم.
تشكل فترة الشيخوخة مرحلة حياتية مميزة تحمل تحديات وتجارب فريدة لكل فرد. إن فهم وتلبية الحاجات النفسية لكبار السن يعتبر أمرًا حيويًا لتحسين جودة حياتهم وتعزيز رفاهيتهم النفسية. تأتي هذه الحاجات في سياق تغيرات الحياة، حيث يمكن أن تكون الدعم النفسي والاهتمام الفردي عوامل مؤثرة بشكل كبير في تجاوز التحديات والتمتع بحياة مريحة وممتعة.