الحوكمة الحضرية: هي مهمة سياسية يجب إعادة توجيهها بالقيم التقليدية في شبكات الفاعلين القائمة على المعرفة، والقادرة على إعطاء ما يحتاجونه للاستفادة من الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية للتنوع، وتقييم استراتيجيات الإصلاح المختلفة للمناطق الحضرية، والتي تم تقييمها لمعرفة أفضل السبل لتعزيز العلاقة بين الاستبعاد والاستقطاب من جهة والتماسك والشمول والتنوع من جهة أخرى.
تحديات المدن الحضرية
لطالما أظهرت المدن الكبيرة التنوع، ولقد كانوا دائمًا أكثر من مجرد المواقع المبنية بكثافة أو مراكز القوة الاقتصادية أو التجمعات السكانية، غير أنها كانت أيضًا أماكن سوق وجذبت تدفقات من مختلف الأشخاص الذين لديهم تبادل الأفكار بشكل تقليدي، ولقد حفزت تدفقات الغرباء هذه المدن لتصبح مراكز للفنون والإبداع والابتكار. اليوم يأخذ تنوع مدن الغد بُعدًا جديدًا وتحديات اجتماعية لأسباب متعددة، منها:
1- ليس أقلها أنها تمتلك التنوع العرقي، وقد ساهم عدد من التطورات في ذلك كالتنمية والعولمة وإعادة الهيكلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وإعادة قياس الحكم.
2- أضافةً إلى ذلك الأزمة المالية والاقتصادية الأخيرة والمجتمعية الآن، فوجود العولمة والتبعية المتزايدة للمدن في مجتمع الشبكة أدى إلى سرعة تداول الناس والسلع ورأس المال والهويات والصور من خلال الفضاء العالمي.
3- وكذلك الحراك المتزايد للأيديولوجيات الاقتصادية والمبادئ والسياسات وأنماط الحياة، وبالتالي فإن الروابط عبر الوطنية بين الناس وبين المدن والبلدان في ازدياد.
4- إعادة الهيكلة السياسية والتي شهدت تحولاً هائلاً منذ بداية التسعينيات من البلدان الاشتراكية السابقة وفي البلدان الاشتراكية السابقة هو التوضيح الأكثر صراحة، وهو ما أدى إلى أنماط جديدة من عدم المساواة الاجتماعية والمكانية، كما تم تسريع تأثير هذا التحول من خلال إدراج العديد من تلك الدول كدول أعضاء الاتحاد الأوروبي.
5- عمليات إعادة الهيكلة الاقتصادية أولاً من الاقتصاد الصناعي إلى إضافة الخدمة إلى مجتمع تعتمد بشكل متزايد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي بشكل كبير غيرت معنى المكان في حياة الأفراد، كما أن التوسع السريع جداً في خدمات الأعمال المتقدمة والأهمية المتزايدة للإبداع قد خلقت مجتمعًا معقدًا يمثل تحديات هائلة من حيث الصناعات وخدمات الرفاهية والنظريات والممارسات الاجتماعية والمكانية.
6- إعادة الهيكلة الاجتماعية التي تتجسد في التغيير من المجتمع الطبقي الحديث إلى مجتمع ما بعد الحديث والأكثر تجزئة، وفي الجوهر هذا يعني أن المجتمع الحضري يمكن تقسيمه إلى عدد متزايد من المجموعات المختلفة التي ترتبط أحيانًا في الشبكات المشتركة، وغالبًا ما تعيش فقط جنبًا إلى جنب بدون الكثير إن وجدت التفاعل أو التواصل.
7- وقد ساهمت الهجرة الدولية إلى حد كبير في زيادة تنوع سكان الحضر، إذ إن ما يسمى بإعادة توسيع نطاق الحوكمة هي قضية مهمة في هذا السياق، فالسلطات الإقليمية والوطنية والمحلية يتم استكمالها وأحيانًا استبدالها بحكومات فوق وطنية، مثل الاتحاد الأوروبي مما أدى إلى المناقشات والخلافات حول مكان وكيفية تنظيم التطورات المجتمعية.
8- وأخيرًا هناك السياق الحالي للركود الاقتصادي والذي يتطور إلى أزمة مجتمعية ليس أقلها نتيجة للسياسات الدورية التقييدية، فهناك العديد من الافتراضات التي تقوض صانعي السياسات والأكاديميين بشأن التوسع الاقتصادي أو في الأقل كتحدي، والركود يعني تراجع فرص سوق العمل للكثيرين والاحتمال الكبير لزيادة التعصب تجاه الأقليات والتنافر الاجتماعي وحتى الاستقطاب بين الذين يدفعون الضرائب والمساهمات والذين يستفيدون من المخصصات الاجتماعية، ويعتبر الحديث عن الجوانب الإيجابية للتنوع أكثر صعوبة بكثير في سياق الركود في سياق الازدهار الاقتصادي.
ما هي التحديات الاجتماعية التي واجهت المدن الحضرية
1- نتيجة لهذه التطورات العامة تقدمت العديد من المدن وواجهت الاقتصادات خسارة كبيرة في القوة الشاملة والتماسك مع تزايد أشكال الإقصاء والاستقطاب، وقد تم توضيح على وجه التحديد مساهمة المهاجرين في المجتمع المضيف والمدينة، إذ أن جولات الهجرة المتنوعة جلبت معها بلا شك عددًا من المزايا في شروط الحفاظ على المستويات الحالية للتوظيف ومواجهة آثار شيخوخة أو ركود أو حتى تناقص عدد السكان، ويبدو مع ذلك أن تكون طغت عليها مشاكل مثل عدم الاندماج وزيادة العنصرية وكره الأجانب والمواقف والاستقطاب والإقصاء.
2- بشكل أكثر تحديدًا يواجه صانعو السياسة التحدي المتمثل في تنفيذ السياسات لتشمل المهاجرين كالاندماج والاستيعاب والتثاقف في مختلف قطاعات المجتمع.
3- ظهور الحاجة إلى تطوير عام بالثقافة لاستمرار المنافسة الاقتصادية والتماسك الاجتماعي للمدن، وقد أدى ذلك إلى وصم مفهوم التنوع الذي تم تعريفه في شروط مشكلة اجتماعية وليس كحزمة من الفرص، ومع ذلك في الآونة الأخيرة الاثار الايجابية للتفاعل بين الاجتماعي والاسباطي ومزايا الاختلاط الاجتماعي والعرقي للتواصل الاجتماعي ورأس المال الاجتماعي والمزيد من الاحترام لبعضهم البعض ظهرت في العديد من الدراسات، وتم إعادة إحيائها في أدبيات إعادة الهيكلة الحضرية.
4- تغييرات جديدة في التنوعات والتفاوتات الاجتماعية الجديدة والأنماط الجديدة للفصل المكاني الحضري.
5- التحول من الحكومة إلى الإدارة الحكومية وإلى زيادة مصاحبة في أهمية الشراكة بين الهيئات العامة والمنظمات الخاصة ومجموعات قطاعية.
6- تركيز متزايد على نشاط المواطنة المحلية الجديدة وتعبئة المجتمعات، فمن المتوقع ان ضمن أطر الحوكمة الجديدة التي سيأخذها الأفراد والمجتمعات سيكون هناك مزيد من المسؤولية عن رفاهيتهم وعمليات السياسة المحلية التي تشكل حياتهم والأماكن التي يعيشون فيها.
7- استبدال النماذج القديمة للديمقراطية التمثيلية المرتبطة بعصر الحكم المحلي القوي وإن كان بالتدريج من خلال أنماط أكثر تشاركية للمشاركة الديمقراطية والمساءلة، وتوفر هذه التغييرات إمكانيات لسياسات جديدة.
الحوكمة الحضرية
الحوكمة الحضرية: هو نموذج ما بعد الحرب للسياسة الحضرية الذي هيمنت فيه الحكومات الحضرية، فقد أفسح صنع القرار الطريق لسياق جديد للحكم يتزايد فيه تكتل غير متجانس من الجهات الفاعلة والوكالات مع خلفيات وكفاءات مختلفة وتحديد وتقديم الخدمات بطريقة مستقلة عن الحدود الإقليمية لهيكل الحكم المحلي التقليدي، والسبب هو أن المنافسة أكثر والمزيد من التنوع العرقي أقل والتماسك أكثر، فالديناميات المكانية أدت إلى ديناميكية أكثر تعقيدًا في المجتمعات الحضرية المتنوعة من أي وقت مضى، وأصبح التحكم في مثل هذا المجتمع غير سهل.
وأصبحت الحوكمة الحضرية تهيمن على الخطاب السياسي والأكاديمي حول المناطق الحضرية السياسة وعمليات صنع القرار، وتتميز بجميع أو على الأقل معظم الميزات التي تجعلها جزء من الحل لبعض المشاكل الاجتماعية، لذا تتميز ما يلي:
1- وفقًا للمنظور المستخدم من أسفل إلى أعلى أو من أعلى إلى أسفل الحوكمة الحضرية تتميز بشكل من أشكال التعاون النشط بين مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة كالدولة والمجتمع المدني والمؤسسات الخاصة.
2- تتميز بعدة مستويات لصنع القرار الوطني والإقليمي والمحلي.
3- تتميز بالعديد من المجالات عادةً ما يتم تحديدها من حيث التعاون بين الإدارات وبين التوظيف والإسكان والتعليم والصحة والثقافة.
4- تتميز بتخطيط حضري مستقل نسبيًا مع الدولة من حيث صنع القرار اللامركزي وثقافة سياسية جديدة ومرنة ومتجاوبة مع الادارة.
5- تتميز بالمشاركة الهيكلية للمواطنين والعملاء والمستخدمين كأفراد مواطنين أو منظمين في جمعيات تطوعية محلية والذين ينبغي اعتبارهم أصحاب المصلحة على قدم المساواة مع المؤسسات العامة والخبراء الفنيين وغيرهم من غير المنظمات الحكومية.
6- ونقطة مهمة تتميز بها الحوكمة الحضرية هي دور مختلف الشركاء في مثل هذه الشبكات الاجتماعية، فالشبكات هي مركزية في عمليات الحوكمة الحضرية وهذه الشبكات يتم تشكيلها والمحافظة عليها في التفاعلات بين جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة، لأن هؤلاء الممثلين دائمًا ما يكونون مختلفين في تصوراتهم للواقع، وأهداف واستراتيجيات وعادات مختلفة للوصول إلى هذه الأهداف.
7- كما تتميز بعملية مستمرة لإعادة تعريف العلاقات والتفاعلات والاعتماد المتبادل، فليس الجميع حاضرين بشكل متساوٍ في هياكل الإدارة الحضرية، بحث تشير إلى أن السكان المهاجرين لا يعانون فقط من مستويات اجتماعية عالية نسبيًا كالحرمان الاقتصادي ولكنهم أيضًا ممثلون تمثيلاً ناقصًا سياسيًا ومستبعدون من السياسة السائدة وعمليات صنع القرار، وهذا يقودنا إلى موضوع المشاركة.
8- ويُنظر إلى الحوكمة الإقليمية على أنها تتحقق بشكل متزايد من خلال أشكال التعاون اللينة، وليس من خلال المؤسسات الإقليمية الصلبة، والتي تكون فيها جداول الأعمال فوق الوطنية والأجندات الوطنية تتماشى مع جداول الأعمال الإقليمية وعلى مستوى المدينة والحي.
9- ومن خلال سياستها الفعالة يُنظر إلى الحوكمة الحضرية بشكل متزايد على أنها تعتمد على إدخال أشكال من الحكم الجيد للأنظمة.