الخرافات والطقوس

اقرأ في هذا المقال


إذا أردنا فهم الخرافات، فلنبدأ بتعريفها، فلا يمكن أن نعتبر أن معظم المعتقدات أو الطقوس التي يتم القيام بها خرافات، ويبقى الخط الذي يقيم الحد الفاصل بين الخرافة والطقوس، فيما لو منحنا تلك التقاليد والطقوس شيئًا من الاهتمام السحري الخارق. شاع أن الخرافة تتألف من كلمات، وفي الغالب نجدها في صورة قصة، فتُقرأ الخرافة أو تُسمع، وبذلك تعبر عن شيء معين، إلا أن هناك منهجًا في تناول الخرافة يعتبر هذه النظرة للخرافة مصطنعة. 

وفق نظريات الخرافات والطقوس أو النظريات الطقوسية للخرافات، فإن الخرافة لا تقوم بذاتها بل هي مرتبطة بالطقوس؛ إذ لا تُعتبر الخرافة مجرد كلمات بل هي فعل، ويذهب أكثر صور هذه النظرية تزمتًا إلى أن الخرافات جميعها تلازمها طقوس، وأن جميع الطقوس تلازمها خرافات، وفيما ترى نسخ أخرى أقل جموحًا من النظرية السابقة أن بعض الخرافات قد تزدهر في ظل انعدام الطقوس، أو قد تزدهر بعض الطقوس في ظل انعدام الخرافات، وقد يسير عمل الخرافات والطقوس في نفس الركب معًا في الأصل، بعد ذلك يفترقان كل في سبيله.
ربما تنشأ الخرافات والطقوس منفصلة ثم تتلاحم لاحقًا، ومهما كانت الصلة بين الخرافة والطقوس، تختلف النظرية الطقوسية للخرافة عن النظريات الأخرى للخرافة، وعن النظريات الأخرى للطقوس، في التركيز على الصلة بين الخرافة والطقوس.

نظريات الخرافة والطقوس:

يوجد اختلاف بين النظرية الطقوسية للخرافة وبين النظريات الأخرى للخرافة، وكما تختلف عن النظريات الأخرى للطقوس، في تركيزها على الربط بين الخرافة والطقوس. يُعتبر ويليام روبرتسون سميث من أوائل الذين أسسوا النظرية الطقوسية للخرافة.

يرى سميث أن القدماء قاموا بممارسة الطقوس لسبب ما، إلا أن الطقس يُعد ثانويًّا وقابل للتغيير، وكبديل عن الجهر بالاعتقاد، كان السبيل هو حكاية أو خرافة تصف الظروف التي وُجد الطقس للمرة الأولى في ظلها، حيث كانت الخرافة ثانوية، وبينما الطقوس إجبارية، كان يمكن لأي خرافة أن تفي بالغرض، والخرافة نشأت لما كان السبب الأساس غير الخرافي الموهوب للطقوس قد راح نوعًا ما في صفحة النسيان.

العالم إي بي تايلور يزعم أن الخرافة تأويل للطقس، واعتبر أن الخرافة تفسير للعالم المادي لا للطقس، وأن الخرافة تملك مفعولًا يستقل عن الطقس، وأنها تعبير وليست فعلًا، وترتفع إلى مرتبة العقيدة، وتُطرح في صورة قصة، وفي رأي تايلور، يمثل الطقس بالنسبة إلى الخرافة ما تمثله الخرافة بالنسبة إلى الطقس من منظور سميث؛ أي شيئًا ثانويًّا.
من منظور سميث يفترض الوجود المسبق للطقس، وفي رأي تايلور الوجود المسبق للخرافة، ويعتقد تايلور أن الخرافة تساهم بشكلٍ رئيسي في تفسير كل ما يحدث في هذا الكون على حدٍ سواء، كما أنه يعتقد بأن الطقس يطبق هذا التفسير للتحكم في العالم، ويعتبر الطقس تطبيقً للخرافة، وليس موضوعًا لها، بينما يظل موضوعها هو العالم.
لأن الطقس يعتمد على الخرافة، فإن الخرافة تُعد سمة مهمة للدين أكثر منها سمة مهمة للطقس؛ لذلك ولربما كان سميث يتحول تدريجيًّا إلى معارضة تايلور من خلال قوله: “إن الدين في العصور البدائية لم يمثل نظامًا لمعتقدات لها تطبيقات عملية، وإنما كان مجموعة من الممارسات التقليدية الثابتة”.


شارك المقالة: