اقرأ في هذا المقال
- الخلفية الأيديولوجية للنظرية السوسيولوجية عند فيلفريدو باريتو
- كيف نظر ماركس وباريتو للإنسان في علم الاجتماع؟
الخلفية الأيديولوجية للنظرية السوسيولوجية عند فيلفريدو باريتو:
إن النظرية السوسيولوجية عند باريتو هي في جوهرها محاولة طموحة لهدم وتقنيد مبادئ عصر الاستنارة، سواء في شكلها الذي ظهرت به خلال القرن السابع عشر، أو في صورة المبادئ الثورية لدى بعض المفكرين في القرن التاسع عشر، وبقول آخر فإن أعماله العلمية الكبرى كانت تستهدف هدم النظرية الليبرالية الديمقراطية من ناحية، والاشتراكية الماركسية من ناحية أخرى على التوالي.
وإن باريتو أخرج لنا نظريته في علم الاجتماع مثله مثل فيبر خلال حواره مع شبح ماركس، ولكن هناك اختلافاً جوهرياً في مدخل كل منهما للدراسة، وكان فيبر وفيرنر سومبارت وبعض الباحثين الآخرين قد جعلوا من الرشد والعقلانية محوراً لتحليل الأنساق الاجتماعية للمجتمعات الحديثة من جهة، ومنطلقاً للهجوم على النظرية الماركسية من ناحية أخرى.
فقد حاول باريتو تحقيق هذا الهدف من خلال على العوامل غير المنطقية أو اللاعقلانية عند الإنسان، تلك العوامل التي تحدد سلوكه من حيث مساراته وأهدافه، فالعقل والمنطق والرشد عوامل يجب تجاهلها تماماً عند محاولة فهم السلوك الإنساني أو المجتمع البشري أو التاريخ الاجتماعي، وإذا كان فيبر قد قبل استخدام بعض المبادئ الماركسية بعد إعادة صياغتها، فإن باريتو رفض هذه المبادئ كليةً.
كيف نظر ماركس وباريتو للإنسان في علم الاجتماع؟
بينما نظر ماركس للإنسان على أنه كائن عاقل وقابل للكمال، فقد نظر إليه باريتو على أنه كائن تسيره العوامل اللاعقلية، وبينما نظر ماركس إلى الصراع الطبقي على أنه محرك التاريخ والدافع إلى التقدم الاجتماعي، حيث أنه يسهم في تزايد إمكانيات الإنسان، وضبط مصيره وظروفه، فإن باريتو ينظر إلى التاريخ على أنه حلقة دائرية بحيث لا يسير في اتجاه واحد تقدمي، ولكنه يعيد نفسه وفي مواجهة نظرية ماركس في الصراع الطبقي قدم باريتو نظريته في دورة الصفوة.
وقد أكد باريتو خلال أعماله العلمية انتمائه للعلم والمنهج العلمي، وأن غاياته علمية مخلصة، ولكن الفحص أو الاستعراض العام لنظريته تكشف عن انطلاقه من مجموعة من الأفكار القبلية التي لا يقرها العلم، وعلى الرغم من رفضه للميتافيزيقيا في كافة أشكالها، فإنه يذكر لنا في نهاية دراساته أنه أمدنا بميتافيريقيا جديدة تعتمد على مجموعة من المبادئ القبلية الخالدة والعظيمة.
وعلى الرغم من تعدد المصادر الفكرية التي ساهمت في تشكيل عقلية باريتو ونظريته في علم الاجتماع، إلا أنه ينكر هذا التأثر وكان يعتقد أنه يفوق كل سابقيه بما في ذلك أرسطو ومكيافيلي ودارون وماركس، بل أنه ذهب إلى أن أعمال هؤلاء المفكرين لم تعد مناسبة للعصر وأصبحت في اعداد التاريخ.