الدويلات في عهد الخليفة المطيع بالله

اقرأ في هذا المقال


الدويلات في عهد الخليفة المُطيع بالله:

هو الفضل بن جعفر المُقتدر، ولد عام (301 هجري)، وأمه أم ولد تدعى (شغلة)، يُكنى أبا القاسم.

دولة السامانيين:

تولّى أمر السامانيين عام (331 هجري)، نوح بن نصر، واختلف مع ركن الدولة البويهي على خراسان، وهزم أمامه إذا انضمت بعض فرقه إلى ركن الدولة غير أنه تمكن من استعادة ما فقد عام (333 هجري)، ولم يلبث أن خرج عليه أحد قادته وهو أبو علي بن محتاج وهذا ما أحدث الفوضى في البلاد، ولم يكتف الأمر على ذلك بل إن بعض قادته قد كاتبوا إبراهيم بن أحمد بن فبايعوه واستطاع أن يستولي على نيسابور، ومرو، وبخارى عام (335 هجري).

بعد أن ساعده المتمرد أبو علي، فذهب إليهما نوح بن نصر، واختلف أبو علي مع إبراهيم، فرأى إبراهيم أن يتفق مع ابن أخيه نوح على أن يتولى قيادة جيوش السامانيين، وأن يخلع نفسه من البيعة التي بايعه بها بعض الجند والأمراء، وتم هذا غير أنه عاد فدعم ابن أخيه الآخر محمد بن نصر ضد أخيه نوح بن نصر وبايعه، وبسبب هذه الفوضى ضعف أمر السامانيين فاستولى البويهيون على الري وبلاد الجبل.

تصالح نوح بن نصر مع قائده المتمرد أبي علي فقوي أمره واسترد ما فقده في الريّ وبلاد الجبل، لكن ركن الدولة البويهي قد أثار القائد أبا علي ضِد سيده عام (339 هجري)، غير أن هذا الجفاء لم يلبث أن زال وتصالح أبو علي مع أميره وتسلم قيادة الجند، وأرغم رُكن الدولة البويهي على دفع جزية سنوية لنوح بن نصر.

شكَّ نوح بن نصر بقائده أبي علي فعزله من القيادة، فراسل ركن الدولة، وسار إليه في الريّ، وتدخل الخليفة فى الأمر، وأقرَّ ركن الدولة على الري بمُساعدة مُعز الدولة البويهي أخي ركن الدولة وذلك عام (343 هجري)، وفي هذا العام توفي نوح بن نصر، وخلفه ابنه عبد الملك بن نوح فقلّد إمرة الجيوش إلى بكر بن مالك وأرسله إلى بُخارى لإخراج أبي علي منها.

وقد تم له ذلك إذ انضم بعض فرق أبي علي إلى بكر وهذا ما أجبر أبا علي إلى الفرار والاتجاء إلى ركن الدولة في الريّ، ومات عبد الملك بن نوح عام (350 هجري)، بعد أن وقع عن ظهر جواده، وخلفه أخوه أبو صالح منصور بن نوح فخرجت عليه (سجستان)، ودامت الحرب بينهما مُدة سبع سنوات.

وعادت الحرب بين ركن الدولة البويهي ومنصور بن نوح عام (356 هجري)، واستمرت حتى عام (361 هجري)، حيث تم الصلح بينهما على أن يدفع ركن الدولة مائة ألف دينار ويدفع ابنه عضد الدولة مبلغ خمسين ألف دينار لمنصور بن نوح الساماني، وتزوج نوح بن منصور ابنة عضد الدولة. ومات منصور بن نوح عام (366 هجري)، وخلفه ابنه نوح بن منصور باسم نوح الثاني.

دولة القرامطة:

قاموا القرامطة بإرجاع الحجر الأسود إلى الكعبة المشرفة عام (339 هجري)، بعد أن بقي عندهم في هجر (22) سنة، وبعد أن طلب الفاطميون منهم ذلك إذ أن الناس قد تحدّثوا كثيراً في هذا الأمر وما آل إليه حكم أكثر أجزاء الدولة الإسلامية من رفض وقرامطة وأنهم جميعاً يرضون عمّا قام به القرامطة فخاف الفاطميون أن ينقلب هذا إلى ثورة عامة ضد الرافضة في كل مكان.

سار القرامطة عام (353 هجري)، إلى طبريا ليأخذوها من يد الإخشيد، ولما رأوا عجزهم طلبوا النجدة من سيف الدولة بالحديد فأمدهم بذلك، وتمكنوا من دخول دمشق عام (357 هجري). وأُجلي القرامطة عن عمان عام (355 هجري). ورجع القرامطة إلى دمشق عام (360 هجري)، وكان أمرها قد آل إلى العبيديين فتمكنوا من دخولها وكان نائبها جعفر بن فلاح، وزعيم القرامطة يومذاك الحسين بن أحمد بن بهرام.

وقد أمده عز الدولة البويهي من بغداد بالسلاح. ثم ساروا إلى الرملة فأخذوها أيضاً، واتجهوا نحو القاهرة غير أنهم هزموا على أبوابها ورجعوا إلى الشام، وذلك أنهم لمّا ساروا إلى مصر كان معهم أمير العرب ببلاد الشام حسان بن الجراح الطائي، وقد ضعف المعز لدين الله العبيدي عن قتالهم فراسل حسان بن الجراح ووعده بمائة ألف دينار فانهزم عند اللقاء بمن معه وهزمت بذلك القرامطة، وساروا إلى الشام فلاحقهم العبيديون وأخذوا منهم الشام.

دولة الأخشيدين:

مات الإخشيد محمد بن طغج الفرغاني عام (334 هجري)، وكان شجاعاً مهيباً، وقام مكانه ولده أبو القاسم أنوجور، وكان صغيراً لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، فكان كافور يدبر له الأمر. اضطرب أمر الشام، وأخذ سيف الدولة الحمداني دمشق من أصحاب الإخشيد، فسار إليه كافور فأجلى سيف الدولة عن دمشق وتبعه إلى حلب بعد أن انتصر انتصاراً حاسماً في مرج عذراء قُرب دمشق، وأخرجه من حلب أيضاً، ولمّا رجع كافور إلى مصر رجع سيف الدولة إلى حلب، وعقد صلح بعد ذلك بين الطرفين.

كما أخذ كافور موافقة الخليفة العباسي على ولايته الأمير الصغير على مصر والشام وعلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، كما ضم إلى حكم مصر فيما بعد كل بلاد سورية حتى مدينتي حلب وطرطوس. وبذلك عظم شأنه وزادت شُهرته، واستطاع أن يقبض على زمام الأحكام من غير أن تكون له سلطة شرعية.

وكان كافور يُعطي لأنوجور كل سنة أربعمائة ألف دينار، ولمّا كبر أنوجور حدثت وحشة بينه وبين كافور بسبب استبداد الثاني بالأمر رغم أن السلطة باسم الأول. توفي أنوجور وخلفه أخوه أبو الحسن علي بن الأخشيد، وبقي كافور صاحب السلطة الفعلي بل منع الناس من الاجتماع بأبي الحسن فبقي رهن قصره يأخذ راتبه إلى أن توفي عام (355 هجري).

وخلفه اسماً ابنه أحمد غير أن كافور قد حال دون تعيين هذا الأمير خلفاً لأبيه وبقيت مصر ما يقرب من شهر دون والٍ بصورة رسمية، وتمكن كافور من أن يستصدر كتاباً من الخليفة العباسي بتقليده إمرة مصر، وبقي في هذا المنصب إلى أن توفي عام (357 هجري). وفي هذه المدة التي تزيد على السنتين من ولاية كافور تعرّضت مصر والشام لغارات القرامطة من الشرق، وتعرضت أيضاً لغارات العبيديين من جهة الغرب، كما أغار ملك النوبة على مصر من جهة الجنوب.

وبعد أن توفي كافور اختار امراء الجيش أحمد بن علي أبي الحسن والياً، ولمّا كان صغيراً فقد عُيّن وصياً عليه والي الشام الحسن بن عبيد الله فاستبد بالأمر، ثم اضطر أن يعود إلى الشام، وجاء العبيديون فدخلوا مصر ثم الشام، وأسر الحسن بن عبيد الله ونقل إلى المغرب وبقي فيها حتى مات عام (371 هجري).


شارك المقالة: