الدويلات والإمارات في عهد الخليفة المسترشد بالله

اقرأ في هذا المقال


الخليفة المسترشد بالله:

هو الفضل بن أحمد المستظهر، أبو منصور، المسترشد بالله، أنشئ في ربيع الأول سنة (485 هجري)، ووالدته أم ولد، تمَّ مُبايعته بالخلافة عند وفاة أبيه في ربيع الثاني سنة (512 هجري)، فكان عمره يومذاك سبعاً وعشرين سنة.كان ذا همةٍ عاليةٍ، وشهامةٍ زائدة، وإقدام ورأي، وهيبة شديدة، ضبط أمور الخلافة ورتبها أحسن ترتيب، وأحيى رسم الخلافة، ونشر عظمها، وشيد أركان الشريعة وطرز أكمامها، وباشر الحروب بنفسه.

دولة السلاجقة:

توفي السلطان محمد بن ملكشاه عام (511 هجري)، وخلفه ابنه محمود، وكان عمره أربع عشرة سنة. وتوفي بعد ذلك الخليفة المستظهر عام (512 هجري)، وشق الطاعة طغرل بن محمد ملكشاه على أخيه محمود عام (513 هجري)، كما دخل محمود في حرب داميةٍ مع عمه سنجر الذي كان شيخ آل سلجوق يومذاك، وصاحب خراسان والمشرق، ويبدو أن محموداً كان الظالم لعمه.

وتمكّن سنجر عام (513 هجري) من الإنتصار، وبعد الخسارة التي مني بها محمود ذهب إلى أصبهان على حين ذهب عمه سنجر إلى همدان، وتواصل سنجر مع ابن أخيه محموداً للصلح بينهما، والتقى به، وعفا عنه، وجعله ولي عهده، وقلّده ولاية العراق، وزوجه ابنته. وفي عام (514 هجري)، خرج مسعود بن محمد السلجوقي صاحب الموصل وأذربيجان على أخيه محمود بعد أن رمى بينهما الواشون الذين حرضوا مسعوداً على أخيه لمّا رأوا من صغر محمود وهزيمة جنده أمام عمه سنجر، وتفرُّق جيشه، غير أن محموداً قد انتصر على مسعود ثم عفا عنه، وقلده ولاية بغداد.

قاتل دبيس بن صدقة جنود السلطان، كما ذهب الخليفة إليه بنفسه فاجتاحت الهزيمة بدبيس، ثم عاد فاستولى على البصرة، ثم التحق بالصليبيين وأطمعهم بدخول حلب، ثم عاد فالتحق بالسلطان طغرل بن محمد السلجوقي عام (519 هجري). بعد أن قاتل الخليفة بنفس دبيس خاف السلطان محمود من قوة الخليفة فرغب بدخول بغداد فنصحه الخليفة بالتريث فظن محمود بالخليفة سوءاً فقرر دخول بغداد، فغادرها الخليفة وأهلها، وبكى الناس لخروجه.

وعاد السلطان محمود فاستعطقه بالعودة، ولم يقلل، وحدث الخلاف بين الخليفة والسلطان، وجرى بينهما القتال، وانتصر السلطان على الخليفة، ودخل بغداد عام (521 هجري)، ونهبت عساكره دار الخلافة. عاد القتال إذ دخل الخليفة بغداد من جانبها الشرقي على رأس ثلاثين ألف مُقاتل غير أن مغادرة أبي الهيجاء بجزء من جيش الخليفة وانضمامه إلى السلطان، ووصول عماد الدين زنكي أمير واسط لدعم السلطان كل هذا قد جعل الخليفة يميل إلى السلم.

فعفا الخليفة عن السلطان، وبدا اعتذار السلطان للخليفة، وسار إلى بغداد عام (521 هجري)، ونحو إلى همدان، ثم رجع إلى بغداد عام (523 هجري)، ليقوم بالصلح بين الخليفة ودبيس به صدقة، وقد تمَّ ذلك إلا أن دبيساً لم يلبث أن شق عصا الطاعة على الخليفة والسلطان معأ فأرسل السلطان له جيشاً أجبره على الفرار والاختفاء مُغادراً البصرة.

خالف مسعود أخاه السلطان محموداً وسار كل منهما إلى الآخر غير أنهما تصالحا وتوفي السلطان محمود فى شوال (525 هجري)، وخلغه ابنه داود. كان محمود حليماً يسمع ما يكره ولا يعاقب عليه مع القدرة، قليل قليل الطمع في أموال الرعايا عفيفاً عنها كافّاً أصحابه عن التطرق إلى شيء منها.

وكان قوي الذكاء مُلماً بالعربية، يحفظ الأشعار والأمثال، يعرف بالتواريخ والسير، مُهتم بميله إلى أهل العلم والخير. وكان ميالاً إلى العفو فنلاحظ عفوه عن أخيه طغرل، وعن أخيه مسعود، واستعطافه للخليفة، وعفوه عن أهل بغداد وقد حاربوه، وأشار عليه بعض الناس بحرق مدينتهم.

وقام بأمر كبير ومهم وهو مُقاتلة الباطنية، وتمكّن أن يدخل قلعة ألموت في فارس، وقلعة بانياس في بلاد الشام، وهاتان القلعتان من أقوى حصون الباطنية، وإن صغر سنه عند توليه الأمر قد أطمع فيه الأمراء فقاتلوه، وانتصر عليهم، ثم عفا عنهم. نازع مسعود بن محمد ابن أخيه داود بن محمود واحتل تبريز، ثم تصالحا، وسار مسعود إلى بغداد وفي رغبته استلام السلطنة، وطلب من الخليفة ذلك فاستشار الخليفة سنجر شيخ البيت السلجوقي فأشار عليه أن تكون الخطبة للخليفة وحده.

سار طغرل بن محمد إلى عمه سنجر في الريّ وتكلّما في ميول مسعود إلى استلام السلطنة فسارا إلى مسعود والتقيا به في نهاوند، فهُزم مسعود، وأُخذ أسيراً مع وزيره وبعض أُمرائه في عام (526 هجري). وحكم طغرل الريّ باسم عمه سنجر. اقتتل داود مع عمه طغرل، وقد انتصر طغرل الذي اصطدم مع أخيه مسعود، وانتصر مسعود الذي التقئ مع ابن أخيه داود وانتصر عليه، وسار مسعودٍ إلى بغداد.

ودخلها مع ابن أخيه داود واتفقا على أن يكون مسعود سُلطاناً على السلاجقة وأن يكون ابن أخيه داود ولياً لعهدة. ومات طغرل عام (528 هجري)، أما مسعود فد التقى مع الخليفة وأسرهة وطلب سنجر من ابن أخيه إطلاق الخليفة والإحسان عليه ففعل على أن الباطنية قد قتلوا الخليفة عام (529 هجري).

دولة خوارزم:

تسلّم أمر خوارزم قطب الدين عام (490 هجري)، وقل أطاع السلاجقة وتحبب إلى سنجر الذي ملك خراسان (512 هجري)، فأقره على ولايته، وتوفي قطب الدين عام (521 هجري)، وخلفه ابنه اتسز، وسار سيرة أبيه لكنه طمع في الاستقلال وقام بثورة على سنجر فعزل عن ولايته غير أنه عاد واستلم ما كان تحت يده من قبل.

دولة الغزنويون:

حكم بهرام شاه غزنة عام (512 هجري)، وبقي على حاله.

دولة العبيديون:

تولّى أمر العبيديين عام (495 هجري)، الآمر أبو علي المنصور، وقد تخلص من الأفضل بن بدر الجمالي الذي كان على ما يبدو مُختلفاً عن العبيديين إذ ألغى الاحتفالات التي كانت تقوم بمصر بمناسبة المولد النبوي، ومولد فاطمة وعلي رضي الله عنهما، ومولد الخليفة القائم بالأمر، وقد قتل الأفضل عام (515 هجري)، وقام مقامه ابنه أحمد أبو علي بن الأفضل والذي تلقّب بالأكمل.

وفي عام (524 هجري)، قتل الآمر على يد الباطنية لأنهم كانوا يرون أن الخلافة العبيدية يجب أن تكون في أولاد نزار، وخلفه ابن عمه الحافظ أبو الميمون عبد المجيد بن محمد بن الخليفة المستنصر، وبخلافة الحافظ قوي أمر الأكمل، وقد قبض على الخليفة وحبسه وأخذ ما فى قصر الخلافة. وفي عام (529 هجري)، جاء إلى القاهرة والي الغربية بهرام الأرمني، وحاصر القاهرة، فلم يرَ الحافظ بُدّاً من تعيينه وزيراً على الرغم من أنه نصراني، وبدأ يتقوى ويستقدم الأرمن من أرمينية.

دولة آل زيري:

بعد أن توفي الأمير علي بن يحيى عام (515 هجري)، خلفه ابنه الحسن، وكان عمره اثنتي عشرة سنة، وكان الوزراء يقومون بتدبير أمور الدولة، وقد جاء النورماندوين إلى قتال المسلمين، وحاصروا جزيرة قوصرة، واستمر الصراع بين الأمير الحسن والنورمانديين مُدة من الزمن. أما إمارة بني حمّاد فقّد توفي العزيز بن المنصور عام (515 هجري)، وخلفه ابنه يحيى الذي بقى حتى قضى على الدولة الحمادية عام (547 هجري).

دولة المرابطون:

‏ظهرت دعوة الموحدين عام (514 هجري)، على يد محمد بن تومرت الذي يرجع في أصله إلى قبيلة (هرغة)، إحدى بطون قبيلة مصمودة التي تنتشر في أغلب أراضي المغرب الأقصى، ويقول بالانتساب إلى رسول الله، ومنهم من أيد هذا الانتساب ومنهم من أنكره، وكان يرى التأويل، وينكر على أهل المغرب في عدولهم عن التأويل، وقد سار إلى الشرق ودرس العلم، وعاد إلى المغرب والتقى بعبد المؤمن بن علي الذي أصبح خليفته.

وأضحى يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وقد تمّ أخذ على المُرابطين سفور نسائهم على عادة الملثمين، والتقى بعلي بن يوسف بن تاشفين، واجتمع بالعلماء واختلف معهم، إلا أن علي بن يوسف بن تاشفين لم يقبل أن يلحق به أذى لتقواه وورعه، وانتقل ابن تومرت إلى أغمات حيث أهله وقبيلته، وبدأ يعمل بدعوته وينتقد مفاسد المرابطين، وألف جيشاً ضمَّ عِدة قبائل.

كان مقره حصن تينمُل، وقد عمل على تناوئ المرابطين، وقد تواجه الطرفان بمعركة البحيرة التي انتصر فيها المرابطون، وقتل فيها قائد الجيش الموحدي وأعداد كبيرة معه، وكان الجيش المُرابطي بقيادة أبي بكر علي بن يوسف بن تاشفين. ومرض بعدها ابن تومرت، وتوفي عام (524 هجري)، وخلفه عبد المؤمن بن علي في قيادة الموحدين، واستطاع أن يُعيد للموحدين قوتهم، وأن يستولي على أكثر بلاد السوس.

إمارة الأندلس:

مع ظهور قوة الموحدين ومناوأتهم للمرابطين، ضعفت قوة المرابطين في الأندلس، وعاد الخلاف بين ملوك الطوائف، وازداد تفكك المسلمين.

إمارة اليمن:

كان يحكم دولة بني نجاح منصور بن فاتك وقد توفي عام (521 هجري)، وخلفه ابنه فاتك بن منصور، وبقي في حكمه حتى عام (540 هجري). أما الصليحيون فكانت أروى بنت أحمد الصليحي هي سيدة دولتهم، وكان ارتباطها بالعبيديين بمصر. وفي عدن كان بني زريع، وقد خلص للداعي سبأ بن أبي سعود حُكم المنطقة، واستمر في حُكمه حتى عام (533 هجري).

وتغلب على صنعاء وما حولها حاتم بن علي المغلّسي الهمداني، وخضعت له قبائل همدان، وظلّت المنطقة في أيدي بني حاتم حتى حكمها الإمام المتوكل أحمد سليمان عام (532 هجري)، وقد تعاقب عليها السلاطين الآتية أسماؤهم :

  1. حاتم‏ بن على الهمداني (492 – 502 هجري).
  2. عبد الله بن حاتم (502 – 505 هجري).
  3. معن بن حاتم (505 – 510 هجري).
  4. هشام بن القتيب (510 – 518 هجري).
  5. حماس بن القتيب (518 – 527 هجري).

شارك المقالة: