الديمقراطية والمجال العام عند يورغن هابرماس في علم الاجتماع:
يقر المفكر يورغن هابرماس، أن كثيراً من أفكار ماركس قد أتى عليها الزمن، ويتحول إلى فيبر بحثاً عن مسارات فكرية بديلة، غير أنه يريد المحافظة على عدد من الأصول التي انتهجتها المفكرون الماركسيون، فهو يرى أن لا بديل للرأسمالية؛ ﻷنها أثبتت قدرتها على توليد مقادير هائلة من الثورة، غير أن الإشكاليات التي حددها ماركس في الاقتصاد الرأسمالي ما زالت قائمة حتى اليوم مثل النزعة لخلق النكوص والأزمات الاقتصادية.
لا بدّ لنا في مثل هذه الحالة من أن نستعيد تحكمنا على المسارات الاقتصادية التي أصبحت تتحكم في حياتنا أكثر مما نتحكم نحن بها، وتتمثل الوسيلة الأساسية لتحقيق هذه الغاية بإحياء ما يسميه هابرماس المجال العام، الذي تشكله الديمقراطية إطاره العام.
ويرى هابرماس أن الإجراءات الديمقراطية التقليدية مثل البرلمانات والأحزاب، لا تتضمن الأصل النهائي بإجراء اتخاذ القرار الجماعي، فإن علينا تعديل المسارات الديمقراطية التقليدية.
وصحيح أن وسائل الإعلام والاتصال الحديثة تترك آثارها على حياتنا المجتمعية، على النحو الذي أوضحه بوديار، غير أن بوسع هذه الثورة الإعلامية الاتصالية أن تسهم بصورة جوهرية في تنمية التوجهات والممارسات الديمقراطية، ورغم أن التلفاز والصحافة على سبيل المثال يخضعان للاعتبارات والمصالح التجارية، فإن جانياً كبيراً من أنشطة هذه الوسائل، بالإضافة إلى الانترنت تفتح مجالات واسعة لتنمية المناقشات والحوارات المفتوحة.
ويرغب العديد من المنظرين المحدثين إلى الأخذ بعدد من الأفكار الرئيسية التي طرحها هابرماس في مؤلفه الشهير نظرية الفعل التواصلي، فإنه تعرض لانتقادات حادة، ولا سيما من المدرسة النسوية؛ ﻷنه في معرض حديثه عن دولة المواطنة، تغلب فيها مصالح الرجال واهتماماتهم على ما يتحقق للنساء.
حيث يقف أولريخ بك، موقف المعارضة والرفض إزاء الاتجاهات ما بعد الحداثية، إننا نعيش في عالم ما بعد الحديث، بل إننا نتحرك الآن إلى مرحلة يمكن أن نسميها الحداثة الثانية، التي تعولمت فيها المؤسسات الحديثة فيما انفلتت فيها حياتنا اليومية من قبضة التقاليد والعادات.
ولقد بدأ المجتمع الصناعي القديم بالاندثار، تاركاً الطريق ليحل مكانه مجتمع الإضطراب، وما يطلق عليه منظرو ما بعد الحداثة مصطلح عالم الفوضى، إنما يمثل غياب أنماط الحياة المستقرة ومعايير السلوك الإرشادية.