الذاكرة والصدمات والسيميائية الثقافية

اقرأ في هذا المقال


دراسة الذاكرة والصدمات في السيميائية الثقافية هي دراسة تركز على التفسيرات في سياقها الاجتماعي  والثقافي والتاريخي.

الذاكرة والصدمات والسيميائية الثقافية

نظرًا لأن السيميائية الثقافية تفترض أن الذاكرة والصدمات تقع داخل ولا يمكن عزلها عن سياقها الاجتماعي، يجب أن ترتكز تفسيرات مثل هذه الظواهر في سياقها الاجتماعي التاريخي، وهذا يعني إنه ينبغي ملاحظة المتغيرات السياقية وأخذها في الاعتبار عند البحث عن تفسيرات لظاهرة مثيرة للاهتمام، على الرغم من أن حساسية السياق قد تحد من قابلية تعميم الاستدلالات.

وغالبًا ما يكون الباحثون جزءًا لا يتجزأ من السياق الاجتماعي الذي يدرسونه، ويعتبرون جزءًا من أداة جمع البيانات حيث يجب عليهم استخدام مهاراتهم في الملاحظة وثقتهم بالمشاركين وقدرتهم على استخراج المعلومات الصحيحة.

علاوة على ذلك فإن رؤاهم الشخصية ومعارفهم وخبراتهم في السياق الاجتماعي ضرورية لتفسير الذاكرة والصدمات والاهتمام بدقة، وفي الوقت نفسه يجب أن يكون الباحثون مدركين تمامًا لتحيزاتهم الشخصية ومفاهيمهم المسبقة، وألا يدعوا مثل هذه التحيزات تتداخل مع قدرتهم على تقديم صورة عادلة ودقيقة للظاهرة.

ويجب تفسير الملاحظات من خلال عيون المشاركين المضمنة في السياق الاجتماعي، ويجب أن يحدث التفسير على مستويين، يتضمن المستوى الأول استخدام الذاكرة أو تجربتها من وجهات النظر الذاتية للمشاركين الاجتماعيين لتذكر الصدمات.

والمستوى الثاني هو فهم معنى تجارب المشاركين من أجل تقديم وصف مفصل أو قصة سردية غنية لظاهرة الاهتمام التي يمكن أن توضح سبب تصرف المشاركين بالطريقة التي فعلوها.

ويعد توثيق اللغة اللفظية وغير اللفظية للمشاركين وتحليل هذه اللغة من المكونات الأساسية للتحليل السيميائي للذاكرة والصدمات، ويجب أن تضمن الدراسة أن القصة تُرى من خلال عيون الشخص وليس الآلة، ويجب أن تصور عواطف وتجارب ذلك الشخص.

وحتى يتمكن القراء من فهم ذلك الشخص والارتباط به، يعد استخدام الصور والاستعارات والسخرية وأشكال الكلام الأخرى أمرًا شائعًا جدًا في تحليل السيميائية الثقافية.

وغالبًا ما لا يهتم تحليل السيميائية الثقافية بالبحث عن إجابات محددة، ولكنه يهتم بفهم أو فهم عملية اجتماعية ديناميكية أثناء تطورها بمرور الوقت، ومن ثم فإن مثل هذا البحث يتطلب من الباحث الانغماس في موقع الدراسة لفترة طويلة من الزمن من أجل التقاط التطور الكامل لظاهرة الاهتمام.

وتحليل السيميائية الثقافية للذاكرة والصدمات هو عملية تكرارية للانتقال ذهابًا وإيابًا من أجزاء من الملاحظات، إلى مجمل الظاهرة الاجتماعية كالسياق، للتوفيق بين الخلاف الظاهري وبناء نظرية تتوافق مع التنوع، وجهات النظر والتجارب الشخصية للمشاركين المنضمين، يجب أن تستمر لمثل هذه التكرارات بين فهم معنى الظاهرة والملاحظات حتى يتم الوصول إلى التشبع النظري، حيث لا يؤدي أي تكرار إضافي إلى مزيد من التبصر في ظاهرة الاهتمام.

جمع البيانات السيميائية

1- يتم جمع البيانات في السيميائية باستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات، والأسلوب الأكثر استخدامًا هو المقابلات وجهاً لوجه أو عبر الهاتف أو مجموعات التركيز.

2- الأسلوب الثاني هو الملاحظة وتشمل تقنيات المراقبة والملاحظة المباشرة، حيث يكون الباحث مراقبًا خارجيًا محايدًا وغير فعال، ولا يشارك في ظاهرة الاهتمام كما في حالة البحث ومراقبة المشارك، حيث يكون الباحث مشاركًا نشطًا في الظاهرة، وتؤثر المدخلات أو مجرد الوجود على الظاهرة التي تتم دراستها كما هو الحال في البحث الإجرائي.

2- التقنية الثالثة هي التوثيق، حيث يمكن استخدام المستندات الخارجية والداخلية مثل المذكرات أو رسائل البريد الإلكتروني أو التقارير السنوية أو البيانات المالية أو المقالات الصحفية أو مواقع الويب لإلقاء نظرة ثاقبة على ظاهرة الاهتمام أو لتأكيد أشكال أخرى من الأدلة.

تصاميم البحث السيميائية

بحث الحالة: أن دراسة الحالة هي دراسة طولية مكثفة لظاهرة في واحد أو أكثر من مواقع البحث بغرض استخلاص استنتاجات مفصلة وسياقية وفهم العملية الديناميكية الكامنة وراء ظاهرة الاهتمام، وإن بحث الحالة هو تصميم بحث فريد من نوعه حيث يمكن استخدامه بطريقة تفسيرية لبناء النظريات، أو بطريقة إيجابية لاختبار النظريات.

علاوة على ذلك فإن باحث الحالة هو مراقب محايد لملاحظة مباشرة في البيئة الاجتماعية، وليس مشاركًا نشطًا لملاحظة المشارك، كما هو الحال مع أي نهج تفسيري آخر.

البحث الإجرائي: البحث الإجرائي هو تصميم بحث نوعي ولكنه إيجابي يهدف إلى اختبار النظرية بدلاً من بناء النظرية، وهذا تصميم تفاعلي يفترض أن الظواهر الاجتماعية المعقدة يمكن فهمها بشكل أفضل من خلال إدخال تغييرات أو تدخلات أو إجراءات في تلك الظواهر، ومراقبة نتائج مثل هذه الإجراءات على الظواهر موضع الاهتمام.

وفي هذه الطريقة يكون الباحث عادةً مستشارًا أو عضوًا تنظيميًا مدمجًا في سياق اجتماعي مثل منظمة الذي يبدأ إجراءً استجابةً لمشكلة اجتماعية، ويفحص كيف يؤثر عملهم على الظاهرة، بينما يتعلم أيضًا ويولد رؤى حول العلاقة بين الفعل والظاهرة.

وقد تتضمن أمثلة الإجراءات برامج التغيير التنظيمي مثل إدخال عمليات وإجراءات تنظيمية جديدة وبدأ أفراد أو التكنولوجيا أو استبدال القديمة بهدف تحسين أداء المنظمة الربحية، يجب أن يعتمد اختيار الباحث للأفعال على النظرية، والتي يجب أن تشرح لماذا وكيف يمكن أن تؤدي هذه الإجراءات إلى التغيير الاجتماعي المرغوب.

ويتم التحقق من صحة النظرية من خلال مدى نجاح الإجراء المختار في معالجة المشكلة المستهدفة، ويعد حل المشكلات المتزامن وتكوين الأفكار السمة المركزية التي تميز البحوث السيميائية عن طرق البحث الأخرى التي قد لا تتضمن حل المشكلات، وعن الاستشارات التي قد لا تتضمن تكوين البصيرة، ومن ثم فإن البحث السيميائي هو وسيلة ممتازة للربط بين البحث والممارسة.

البحث التشاركي: أكثر هذه الأساليب شيوعًا هو البحث التشاركي الذي صممه سوسمان وإيفريد، وتتبع هذه الطريقة دورة بحث إجرائي تتكون من خمس مراحل: التشخيص وتخطيط العمل واتخاذ الإجراءات والتقييم والتعلم، ويتضمن التشخيص تحديد وتعريف مشكلة في سياقها الاجتماعي.

ويتضمن تخطيط العمل تحديد وتقييم الحلول البديلة للمشكلة، واتخاذ قرار بشأن مسار العمل المستقبلي بناءً على الأساس المنطقي النظري، واتخاذ الإجراءات هو تنفيذ مسار العمل المخطط له.

والتقييم تدرس المرحلة إلى أي مدى يكون الإجراء الذي تم البدء فيه ناجحًا في حل المشكلة الأصلية أي ما إذا كانت التأثيرات النظرية قد تحققت بالفعل في الممارسة العملية، وفي مرحلة التعلم تُستخدم الخبرات والتعليقات من تقييم الإجراء لتكوين رؤى حول المشكلة واقتراح تعديلات أو تحسينات مستقبلية على الإجراء.

وبناءً على تقييم الإجراء والتعلم، يمكن تعديل الإجراء أو تعديله لمعالجة المشكلة بشكل أفضل، وتتكرر دورة البحث الإجرائي مع تسلسل الإجراء المعدل، ويُقترح اجتياز دورة البحث الإجرائي بأكملها مرتين على الأقل حتى يمكن تنفيذ التعلم من الدورة الأولى في الدورة الثانية.

والنمط الأساسي لجمع البيانات هو ملاحظة المشاركين، على الرغم من إمكانية استخدام تقنيات أخرى مثل المقابلات والأدلة الوثائقية لتأكيد ملاحظات الباحث.


شارك المقالة: