يميل الآباء الإجراميون وغير الاجتماعيون إلى إنجاب أطفال جانحين وغير اجتماعيين، كما هو موضح في الاستطلاعات الطولية الكلاسيكية التي أجراها جوان ماكورد (Joan McCord) في بوسطن ولي روبينز (Lee Robins) في سانت لويس، وقد تم إجراء أكثر الأبحاث شمولاً حول تركيز الجاني في العائلات في دراسة كامبريدج في التنمية الجانحة، وتوقع الأب أو الأم أو الأخ أو الأخت المدان قناعات الصبي الخاصة وكان جميع الأقارب الأربعة مهمين بشكل مستقل كمتنبئين.
دراسات التوائم
هناك العديد من النظريات المحتملة (التي لا تستبعد بعضها البعض) لماذا يميل الجاني إلى التركيز في عائلات معينة وينتقل من جيل إلى جيل، فأولاً يمكن التوسط في تأثير الوالد المجرم على جاني الطفل من خلال الآليات الجينية، وبالاتفاق مع هذا تُظهر الدراسات التوائم أنّ التوائم المتطابقة أكثر توافقًا في مخالفتهم من التوائم الشقيقة، ومع ذلك فإنّ التشابه السلوكي الأكبر للتوائم المتطابقة يمكن أن يعكس تشابهًا بيئيًا أكبر، وبالاتفاق أيضًا مع الآليات الجينية تظهر دراسات التبني أنّ الإساءة للأطفال المتبنين مرتبطة بشكل كبير بإساءة آبائهم البيولوجيين، ومع ذلك قد يكون بعض الأطفال قد اتصلوا بوالديهم البيولوجيين لذلك من الصعب مرة أخرى رفض التفسير البيئي لهذه النتيجة.
في تصميم أكثر إقناعًا يقارن التوافق بين التوائم المتماثلة التي تمت تربيتها معًا وتربية توأمان متطابقين عن بعضهما البعض، وجد ويليام جروف (William Grove) وزملاؤه أنّ التوريث كان 41 بالمائة لاضطراب سلوك الطفولة و 28 بالمائة لاضطراب الشخصية المعادية للمجتمع عند البالغين، ومن ثم فإنّ انتقال المخالف بين الأجيال يمكن أن يُعزى جزئيًا إلى عوامل وراثية، ولا يمكن للجريمة أن تنتقل وراثيًا لأنّها بناء قانوني، ولكن بعض التركيبات الأساسية مثل العدوانية يمكن أن تنتقل وراثيًا.
لكن السؤال المهم هو كيف تتفاعل الإمكانية الجينية (النمط الجيني) مع البيئة لإنتاج السلوك المسيء (النمط الظاهري)، فقد جادل ديفيد رو (David Rowe) في عام 1994 بأنّ التأثيرات الجينية يجب دائمًا تقديرها في دراسة الروابط بين العوامل الأسرية والجنوح.
نظرية التزاوج المتنوع
تركز نظرية بديلة على التزاوج المتنوع، بحيث تميل المجرمات إلى التعايش مع المذنبين الذكور أو الزواج منهم، وفي دراسة دنيدن (Dunedin) في نيوزيلندا وهي دراسة استقصائية طولية لأكثر من ألف طفل من سن الثالثة وجد روبرت كروجر (Robert Krueger) وزملاؤه أنّ الشركاء الجنسيين يميلون إلى أن يكونوا متشابهين في سلوكهم المعادي للمجتمع المبلغ عنه ذاتيًا، فمن المرجح أن يكون الأطفال الذين لديهم أبوين مجرمين معاديين للمجتمع بشكل غير متناسب، وهناك فئتان رئيسيتان من التفسيرات بشأن سبب ميل الأشخاص المتشابهين إلى الزواج أو التعايش أو أن يصبحوا شركاء جنسيين وهما:
1- الأول يسمى التجانس الاجتماعي، بحيث يميل الأشخاص المدانون إلى اختيار بعضهم البعض كأصحاب بسبب القرب المادي والاجتماعي، ويلتقون ببعضهم البعض في نفس المدارس والأحياء والنوادي والحانات وما إلى ذلك.
2- العملية الثانية تسمى تشكيلة النمط الظاهري، بحيث يفحص الناس شخصية بعضهم البعض وسلوكهم ويختارون شركاء يشبهونهم.
تركز نظريات الانتقال الأخرى بين الأجيال على الاستمرارية بين الأجيال في التعرض لعوامل الخطر المتعددة والتأثيرات المباشرة والمتبادلة لأفراد الأسرة على بعضهم البعض، وعلى عوامل الخطر التي قد تتدخل بين الآباء المجرمين والأطفال الجانحين (مثل ضعف الإشراف أو اضطراب الأسر)، ويبدو من المحتمل أن كل من العوامل الوراثية والبيئية متورطة.
نظرية فارينجتون
تحاول نظرية فارينجتون (Farrington) في عام 1996 عن السلوك المسيء والمعادي للمجتمع دمج افتراضات من عدة نظريات أخرى، وتميز صراحةً بين تطور الميول المعادية للمجتمع وحدوث الأفعال المعادية للمجتمع، تقترح هذه النظرية أن الإساءة هي النتيجة النهائية لعمليات التنشيط والتوجيه أو الإخراج والتثبيط واتخاذ القرار.
مرحلة التنشيط
وفقًا لهذه النظرية فإنّ عوامل التنشيط الرئيسية طويلة المدى التي تؤدي في النهاية إلى اختلافات في الميول المعادية للمجتمع هي الرغبات في السلع المادية والمكانة بين المقربين والإثارة، وعوامل التنشيط الرئيسية قصيرة المدى التي تؤدي إلى اختلافات في الميول المعادية للمجتمع هي الملل والإحباط والغضب واستهلاك الكحول.
قد تكون الرغبة في الإثارة أكبر بين الأطفال من الأسر الفقيرة لعدة أسباب وهي: يتم تقدير الإثارة لدى أفراد الطبقة الدنيا أكثر من الطبقة المتوسطة، والأطفال الأكثر فقراً يعتقدون أنّهم يعيشون حياة مملة أو الأطفال الأكثر فقراً هم أقل قدرة على ذلك، وتأجيل الإشباع الفوري لصالح الأهداف طويلة المدى (والتي يمكن ربطها بالتركيز في ثقافة الطبقة الدنيا على الملموس والحاضر بدلاً من المجرد والمستقبل).
مرحلة الإخراج
في مرحلة الإخراج تنتج هذه الدوافع ميولًا معادية للمجتمع إذا تم اختيار طرق مرفوضة اجتماعيًا لإشباعها بشكل اعتيادي، والأساليب المختارة تعتمد على النضج والمهارات السلوكية، فعلى سبيل المثال سيجد طفل يبلغ من العمر خمس سنوات صعوبة في سرقة سيارة، وبعض الناس (على سبيل المثال الأطفال من الأسر الفقيرة) أقل قدرة على إشباع رغباتهم من السلع المادية والإثارة والوضع الاجتماعي بالطرق القانونية أو المعتمدة اجتماعيًا، وبالتالي يميلون إلى اختيار أساليب غير قانونية أو مرفوضة اجتماعيًا.
يمكن أن يكون عدم القدرة النسبية للأطفال الأفقر على تحقيق الأهداف من خلال الأساليب المشروعة لأنّهم يميلون إلى الفشل في المدرسة، ويميلون إلى أن يكون لديهم تاريخ وظيفي متقلب ومنخفض المكانة، وقد يكون الفشل المدرسي بدوره نتيجة البيئة الفكرية غير المحفزة التي يميل الآباء من الطبقة الدنيا إلى توفيرها لأطفالهم وعدم تركيزهم على المفاهيم المجردة.
مرحلة التثبيط
في مرحلة التثبيط يمكن منع الميول المعادية للمجتمع من خلال المعتقدات والمواقف الداخلية التي تم إنشاؤها في عملية التعلم الاجتماعي كنتيجة لتاريخ من المكافآت والعقوبات، ويميل الاعتقاد بأن الإساءة خطأ أو وجود ضمير قوي إلى التكون إذا كان الآباء يفضلون القواعد القانونية وإذا مارسوا إشرافًا دقيقًا على أطفالهم، وإذا قاموا بمعاقبة السلوك المرفوض اجتماعيًا باستخدام الانضباط الحازم ولكن اللطيف، ويمكن أيضًا منع الميول المعادية للمجتمع من خلال التعاطف والذي قد يتطور نتيجة لعلاقات الوالدين الدافئ والمحبة.
يميل الاعتقاد بأنّ الإساءة مشروعة (والمواقف المناهضة للمؤسسة عمومًا)، إلى أن تتراكم إذا تعرض الأطفال لمواقف وسلوكيات تفضل الإساءة (على سبيل المثال في عملية النمذجة) خاصة من قبل أفراد أسرهم ومن قبل أصدقائهم وفي مجتمعاتهم.
مرحلة اتخاذ القرار
في مرحلة اتخاذ القرار التي تحدد التفاعل بين الفرد والبيئة يعتمد ما إذا كان الشخص الذي لديه درجة معينة من الميل المعادي للمجتمع، بحيث يرتكب فعلًا غير اجتماعي في موقف معين على الفرص والتكاليف والفوائد، وعلى الاحتمالات الذاتية للنتائج المختلفة، وتشمل التكاليف والفوائد عوامل ظرفية فورية مثل البضائع المادية التي يمكن سرقتها واحتمال وعواقب القبض من قبل الشرطة كما يراها الفرد.
كما تشمل أيضًا عوامل اجتماعية مثل الرفض المحتمل من قبل الوالدين أو الزوجين والتشجيع أو التعزيز من الأقران، وبشكل عام يميل الناس إلى اتخاذ قرارات عقلانية، ومع ذلك فإنّ الأشخاص الأكثر اندفاعًا هم أقل عرضة للنظر في العواقب المحتملة لأفعالهم، وخاصة العواقب التي من المحتمل أن تتأخر لفترة طويلة، وهناك أيضًا عملية تعلم تغذي العمليات الأخرى حيث يتعلم الناس من عواقب أفعالهم.