المشاكل الاجتماعية تتأثر بشكل عام بالسياق الاجتماعي والعوامل الاجتماعية كما تتأثر بالمناطق التي تحدث فيها المشاكل الاجتماعية والتجارب السابقة، لذا يدرس علماء الاجتماع السياق الاجتماعي من حيث المعنى والتأثير والعوامل وكيفية التأثير.
السياق الاجتماعي للمشاكل الاجتماعية
على مدى عقود طور الاستقصاء الاجتماعي والممارسات العملية حول المشكلات الاجتماعية توجهاً أساسياً يركز على السياق الاجتماعي للمشاكل الاجتماعية والدولة القومية وحلول السياسة داخل نظام الدولة القومية، ويدافع علماء الاجتماع عن عولمة دراسة المشكلات الاجتماعية من خلال تعديل الأطر التحليلية التي تشرح المشكلات الاجتماعية أو تعالجها أو تفسر سياقها الاجتماعي.
حيث يتم القيام بذلك من خلال:
1- أولاً، دراسة العديد من العمليات العابرة للحدود الوطنية التي توضح الطرق التي تؤدي بها القضايا العامة إلى تفجير طبقات الدول القومية بينما تنسج مساحات جديدة لظهور المشكلات الاجتماعية العالمية والتنافس عليها.
2- ثم تلخيص بإيجاز التاريخ الحديث للعولمة.
3- ويقترح أن كلا من أشكال العمليات التاريخية العالمية ونتائجها تؤدي إلى مشاكل اجتماعية جديدة محددة على الصعيد العالمي.
4- ومن خلال تكييف نظرية المشكلات الاجتماعية يتم تقديم بعد ذلك إطارًا تحليليًا لعولمة البحث في المشكلات الاجتماعية والسياق الاجتماعي والتطبيق العملي، وحالتان توضحان هذا النهج المعولم للمشاكل الاجتماعية.
5- أخيرًا يختتم برؤية مستقبل أبحاث المشكلات الاجتماعية العالمية ومكانتها في المشروع الاجتماعي الأوسع وأهمية الممارسة الفكرية والتنظيمية العابرة لحدود السياق الاجتماعي، وهناك حدود لهذا السياق الاجتماعي وهي حدود للعقول الشابة.
كيف يؤثر السياق الاجتماعي على المشاكل الاجتماعية
عندما يتفاعل الإنسان مع الآخرين يلعب السياق الاجتماعي الذي تحدث فيه الأفعال دورًا رئيسيًا في السلوك وبتالي في المشاكل الاجتماعية، وهذا يعني أن فهم المرء للأشياء والكلمات والعواطف والإشارات الاجتماعية قد يختلف اعتمادًا على المكان الذي يتم مواجهتهم فيه، وهنا يوضح علماء الاجتماع كيف يؤثر السياق الاجتماعي على المشاكل الاجتماعية والعمليات العقلية اليومية بدءًا من كيفية رؤية الأشخاص للأشياء إلى كيفية تصرفهم مع الآخرين، وبعد ذلك يتم تقديم نموذج شبكة السياق الاجتماعي للمشكلات الاجتماعية.
ويشرح هذا النموذج كيف يعالج الناس الإشارات السياقية عندما يتفاعلون، من خلال نشاط مناطق الدماغ الأمامية والزمانية والجزرية، وبعد ذلك يوضح علماء الاجتماع إنه عندما تتأثر السياقات الاجتماعية هذه ببعض المشاكل الاجتماعية يجد علماء الاجتماع صعوبة في معالجة الإشارات السياقية، وأخيرًا يقومون بوصف طرقًا جديدة لاستكشاف السلوك الاجتماعي من خلال تسجيلات السياق الاجتماعي في المواقف اليومية.
إذ كل ما يفعله المرء يتأثر بالموقف الذي يفعله فيه، ويسمى الموقف الذي يحيط بإجراء ما سياقه، وفي الواقع يعد تحليل السياق الاجتماعي أمرًا بالغ الأهمية للتفاعل الاجتماعي وحتى في بعض الحالات للبقاء على قيد الحياة، وتخيل علماء الاجتماع إنه عند رؤية رجلاً في حالة خوف يعتمد رد فعل المرء على تعبيرات وجهه، على سبيل المثال رفع الحاجبين وعينين مفتوحتين وأيضًا على سياق الموقف، ويمكن أن يكون السياق الاجتماعي خارجيًا مثل هل هناك شيء مخيف أو داخليًا هل هو هادئ أم هو خائف أيضًا، وهذه الإشارات السياقية ضرورية لفهم أي موقف.
ويشكل السياق الاجتماعي جميع العمليات في العقل، من الإدراك البصري إلى التفاعلات الاجتماعية، فالعقل لا ينفصل أبدًا عن العالم من حول الإنسان، ويعتمد المعنى المحدد لشيء أو كلمة أو عاطفة أو حدث اجتماعي على السياق الاجتماعي، وقد يكون السياق واضحًا أو خفيًا أو حقيقيًا أو متخيلًا أو واعيًا أو غير واعي، وتُظهر الخدع البصرية البسيطة أهمية السياق الاجتماعي في فهم المشاكل الاجتماعية، ويؤثر هذا السياق الاجتماعي على إدراكك حجم المشاكل الاجتماعية المركزية، ويؤثر السياق الاجتماعي أيضاً على إدراكك اتجاه العوامل التي تؤدي إلى حدوث المشاكل الاجتماعية، وهذه العوامل متوازية لكن ممكن رؤيتها متقاربة أو متباعدة.
وأخيرًا تعد الإشارات السياقية مهمة أيضًا للمشاكل الاجتماعية وللتفاعل الاجتماعي، على سبيل المثال تشكل المشاهد المرئية والأصوات والأجساد والوجوه الأخرى والكلمات كيفية إدراك المرء للعواطف في وجهه.
أهمية السياق الاجتماعي في دراسة المشاكل الاجتماعية
1- السياق الاجتماعي يؤثر على كيفية رؤية الإنسان للمشاكل الاجتماعية وللأشياء.
2- كما يلعب السياق الاجتماعي دوراً هاماً في التعرف على المشاكل الاجتماعية والأشياء، حيث من السهل التعرف على الكائنات ذات الصلة بالسياق الاجتماعي.
3- تساعد الإشارات السياقية أيضًا على فهم المواقف الأخرى للمشاكل الاجتماعية، حيث ما هو مناسب في مكان ما قد لا يكون مناسبا في مكان آخر.
4- ويؤثر السياق الاجتماعي أيضًا على شعور المرء عندما يرى شيئًا ما يحدث لشخص آخر، فعند تخيل شخصًا يتعرض للضرب في الشارع، فإذا كان الشخص الذي يتعرض للضرب هو أفضل صديق لذلك المرء، فهل سيرد بنفس الطريقة كما لو كان شخصًا غريبًا؟سبب إجابته على الأرجح بلا هو أن تعاطفه قد يتأثر بالسياق.
5- وسيحدد السياق الاجتماعي ما إذا كان المرء سيقفز للمساعدة أو يهرب خوفًا، باختصار تتشكل المواقف الاجتماعية من خلال عوامل سياقية تؤثر على المشاكل الاجتماعية والشعور والتصرف.
الإشارات السياقية للمشاكل الاجتماعية
وتعتبر الإشارات السياقية مهمة لتفسير المواقف الاجتماعية، ومع ذلك فقد تم تجاهلها إلى حد كبير في عالم العلوم، ولسد هذه الفجوة اقترح علماء الاجتماع نموذج شبكة السياق الاجتماعي، ويصف هذا النموذج شبكة المشاكل الاجتماعية التي تدمج المعلومات السياقية أثناء العمليات الاجتماعية، وتجمع شبكة المشاكل الاجتماعية هذه بين نشاط عدة مناطق مختلفة وهي المناطق الزمانية والجزئية، مع أن العديد من مناطق الدماغ الأخرى تشارك في معالجة المعلومات السياقية.
على سبيل المثال يؤثر السياق الاجتماعي الذي يمكن رؤيته على العمليات في مناطق الرؤية في الدماغ، ومع ذلك فإن الشبكة التي اقترحها نموذج علماء الاجتماع تتضمن المجالات الرئيسية والمشاركة في معالجة السياق الاجتماعي، وحتى التعرف المرئي السياقي يتضمن نشاط المناطق الزمنية والجبهة المدرجة في النموذج، ويقترح هذا النموذج أن الإشارات السياقية الاجتماعية تتم معالجتها بواسطة شبكة من العوامل الاجتماعية المحددة، وتتكون هذه الشبكة من عوامل مؤقتة وغير مؤقتة، ولتفسير السياق الاجتماعي في البيئات الاجتماعية يعتمد المرء على شبكة من المناطق التي تحدث فيها المشاكل الاجتماعية.
وتساعد هذه المناطق على تحديث المعلومات السياقية عندما تركز على شيء ما، وتساعد هذه المعلومات على توقع ما قد يحدث بعد ذلك بناءً على التجارب السابقة، وإذا كان هناك تغيير فستقوم المناطق بتنشيط وتحديث التوقعات وقد يكون هذا خطيرًا، وستتأثر هذه التنبؤات بالسياق الاجتماعي للمشاكل الاجتماعية والتجارب السابقة، فإذا تضررت المناطق فسيجد علماء الاجتماع صعوبة في التعرف على تأثير السياق الاجتماعي، وبالتالي قد لا يُنظر إلى المشاكل الاجتماعية على أنها تهديد، ويتمثل الدور الرئيسي لهذه المناطق في التنبؤ بمعنى الإجراءات من خلال تحليل الأحداث السياقية التي تحيط بالأفعال.
عندما لا يمكن معالجة السياق الاجتماعي
يساعد نموذج علماء الاجتماع في شرح النتائج التي توصل إليها الباحثون والسكان الذين يعانون من المشاكل الاجتماعية، ويواجه هؤلاء صعوبات في معالجة الإشارات السياقية، على سبيل المثال يجد الأشخاص المصابون بالتوحد صعوبة في التواصل بالعين والتفاعل مع الآخرين، وقد يظهرون سلوكيات متكررة، على سبيل المثال اصطفاف سيارات اللعب باستمرار أو الاهتمام المفرط بموضوع ما، وقد يتصرفون أيضًا بشكل غير لائق ويواجهون صعوبة في التكيف مع المدرسة أو المنزل أو العمل، وقد يفشل الأشخاص المصابون بالتوحد في التعرف على المشاعر في وجوه الآخرين وقد يتم تقليل تعاطفهم أيضًا.
وإحدى دراسات علماء الاجتماع أظهرت أن هذه المشكلات الاجتماعية مرتبطة بانخفاض القدرة على معالجة المعلومات السياقية، كالأشخاص المصابون بالتوحد والأشخاص الأصحاء يؤدون مهامًا تنطوي على مهارات اجتماعية مختلفة، وكان أداء الأشخاص المصابين بالتوحد ضعيفًا في المهام التي تعتمد على الإشارات السياقية، على سبيل المثال اكتشاف مشاعر الشخص بناءً على إيماءاته أو نبرة صوته، لكن الأشخاص الذين يعانون من التوحد قاموا بعمل جيد في المهام التي لا تتطلب تحليل السياق الاجتماعي، على سبيل المثال المهام التي يمكن إكمالها باتباع قواعد عامة جدًا، وبالتالي فإن المشكلات الاجتماعية التي يتم رؤيتها غالبًا ما تكون بسبب الأخلاقيات في السياق الاجتماعي.