السيكولوجيا وعلم الاقتصاد عند غابرييل تارد في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


السيكولوجيا وعلم الاقتصاد عند غابرييل تارد في علم الاجتماع:

تعتبر السيكولوجيا وعلم الاقتصاد من المواضيع المفضلة عند تارد وهو السلوك الاقتصادي للأفراد في المجتمع، وهنا أيضاً يعارض النزعة النفعية ونظرية الإنسان الاقتصادي، اللتين كانتا تزعمان أن الحاجات الإنسانية طبيعية وأن خيارات الاستهلاك تعتمد على مجرد حساب عقلاني للكلفة، الفائدة.

حاول تارد على العكس أن يبين أن الحاجات ناتجة عن الرغبات والاعتقادات المشتركة في هذا المجتمع أو في تلك الزمرة الثانوية منه، وهكذا رسم الخطوط الكبرى لسيكو، سوسيولوجيا الأذواق والعادات الاستهلاكية، وللأسف حاول تارد بعد ذلك مباشرة أن يعيد تفسير كل شيء بواسطة قوانينه شديدة التجريد عن التقليد وعن الابتكار وعن التكيف، هو مجال جديد من البحث ما كاد يرتسم حتى زعم أنه حصل منه على النتائج النهائية، هذا الموقف للميتامُنظر (منظر الشامل) الفريد لم يكن من دون أثر على إخفاقه النهائي، وفي الواقع لقد تمتع خلال حياته بتقدير أكبر مما حظي به دور كايم، لكن سرعان ما سيكون تحت هيمنة خصمه، الذي سيقيم برنامجاً بحثياً ويجمع حوله فريقاً من الشباب الجامعيين لتقصي هذا البرنامج.

الجريمة كواقعة اجتماعية عند تارد:

في بداية سنة 1880 كان علم الجريمة خاضعاً بالكامل للتفسيرات البيولوجية، فبالنسبة للأنثروبولوجيين، وخاصة بالنسبة للطبيب سيزار لومبروزو الإنسان المجرم، كان المجرم بشكل رئيسي كائناً أدنى من الناحية البيولوجية، مشوهاً أو منحلاً على غرار المجنون أو المتوحش، وبالتالي يتعذر إصلاحه، وبإمكان المجتمع التخلص منه بدون الندم عليه.

لكن في مؤلفات علم الجريمة المقارن، فلسفة العقاب ودراسات اجتماعية وجزائية، كان تارد أحد أوائل من اعترضوا على هذا النمط من التفسير، فأن يكون هناك مجرمون هم مرضى عقليون، أي المجرمون بالولادة بالنسبة للمبروزو وفيري، فهذا لا يسمح بتوسيع النظرية لتشمل كافة المجرمين سليمي العقل.

برهن تارد أن للجريمة أسباباً نفسية واجتماعية تسمح الإحصاءات بإثباتها، وهكذا بدلاً من أن تتراجع بقيت من العصور البربرية، فإن الجريمة تتجدد وتتطور مع الحضارة الصناعية، ومن جهة أخرى يأتي المجرمون من طبقات اجتماعية وزمر خاصة تتفاوت فيما بينها المعايير.

وانتهاك القوانين والخطأ إذن مقولتان نسبيتان من الناحيتين التاريخية والاجتماعية، فالجريمة وقمعها يطرحان قبل كل شيء مشاكل اجتماعية وأخلاقية، واهتم تارد طيلة حياته بهاتين المسألتين من خلال مشاركته في المؤتمرات الدولية المخصصة لعلوم الجريمة.


شارك المقالة: