شرع علماء الاجتماع إلى تعريف مفهوم السيميائيات التي تعني دراسة العلامات والرموز وربطها بعلم الدلالة، كما اهتموا بتوضيح تطبيقاتها على كافة المستويات والمجالات والعلوم سواء العلوم المعرفية والاجتماعية والثقافية.
مفهوم السيميائيات وتطبيقاتها
من وجهة نظر علماء الاجتماع سيتم اعتبار السيميائيات علمًا يمكن تطبيق وجهة نظره على أي ظاهرة ينتجها الجنس البشري أو على نطاق أوسع الكائنات الحية، وتتكون وجهة النظر هذه بمصطلحات سوسورية في تحقيق لوجهة النظر نفسها والتي تعادل من منظور تشارلز بيرس دراسة الوساطة.
وبعبارة أخرى فإن السيميائيات تهتم بالأشكال والتشكيلات المختلفة التي تُعطى للوسائل التي يعتقد الجنس البشري أنها تستطيع من خلالها الوصول إلى العالم، وهذه على الأقل هي الطريقة التي صاغت بها مهمة السيميائيات في عملها السابق مع علم الدلالة، لأسباب عديدة والتي كانت واضحة مع ظهور العلوم المعرفية وعلم الأحياء الحيوي.
ويبدو الآن من المستحيل حصر السيميائية فقط بالطريقة التي يُمنح بها العالم البشري المعنى، وحتى عند مناقشة الصور التي تعتبر خاصة بالبشر لا يمكن إلا أن يُفهم خصوصيتها على النقيض من المعاني التي تتعامل معها الحيوانات الأخرى.
لذلك سيكون من الأفضل تجنب أي نوع من المسندات في توصيف السيميائية، وبالتالي يجب أن يقال هنا أن السيميائية تهتم بالأشكال والتوافق المختلفة المعطاة للوسائل التي يتم من خلالها ملاحظة الكائنات الحية، من خلال تفاعلها معها للوصول إلى العالم.
وإن مصطلح وجهة نظر هو بالطبع استعارة بصرية، ومع ذلك فإن النقطة وهي وجهة نظر تهم أكثر من طريقة المعنى، وفي دراسة هذه الظواهر يجب أن تحتل السيميائية وجهة نظر البشرية نفسها وأجزاءها المختلفة.
وفي الواقع كما يجادل دو سوسور توجد الأشياء السيميائية فقط كوجهات نظر يتم تبنيها على كائنات مادية أخرى، وهذا هو السبب في أن وجهات النظر هذه لا يمكن تغييرها دون أن تكون النتيجة هي اختفاء الأشياء السيميائية على هذا النحو، وبالمثل فقد قيل إنه يجب تكييف وجهة نظر الخفاش ناهي عن القراد لكن ليس من الواضح ما إذا كان يمكن القيام بذلك بنفس المعنى.
ومن خلال أخذ وجهة نظر المستخدمين ومحاولة شرح استخدامهم الخاص لا يمكن مثل الفيلسوف نيلسون جودمان عام 1968، رفض الفكرة الشعبية للصورة بسبب عدم ترابطها، ولكن يجب أن يتم اكتشاف نظاميتها الخاصة، لكنه لا يتبع كما يدعي أمبيرتو إيكو إنه يجب عليهم قصر دراستهم على المعرفة التي يشاركها جميع مستخدمي النظام، لأنه من الضروري النزول على الأقل إلى مستوى واحد من التحليل دون المستوى النهائي الذي يدرك المستخدم، ومن أجل مراعاة الافتراضات الكامنة وراء استخدام النظام.
يجب أن تتجاوز السيميائية وجهة نظر المستخدم لتشرح طريقة عمل هذه المعرفة العملية، وإن كانت ضمنية، التي تكمن وراء السلوك المكون لأي نظام للدلالة، وهذا لا يعني أن النتائج السيميائية يجب أن تصاغ من حيث قانون تغطية همبل مل.
علاوة على ذلك فإن السيميائية مكرسة لهذه الظواهر المدروسة في جوانبها النوعية بدلاً من الجوانب الكمية، وهي موجهة إلى القواعد والأنظمة، بدلاً من الكائنات الفريدة، وهذا يعني أن السيميائية التصويرية مثلها مثل جميع العلوم السيميائية بما في ذلك علم اللغة.
فهي علم حركي وعلم يهتم بالعموميات وليس علمًا خاصًا بالمصطلح العلم، ويمكن مقارنته بتاريخ الفن ومعظم العلوم الإنسانية التقليدية الأخرى، والتي تتخذ كهدف لها مجموعة من الظواهر الفردية، والطبيعة المشتركة والترابط الذي يعتبرونه أمرًا مفروغًا منه.
ويود علماء الاجتماع أن يصروا على هذا المزيج هنا لأنه يتجاوز الفجوة التقليدية بين العلوم الإنسانية والعلوم الأخرى، والتي يفترضها التقليد التأويلي من تشارلز بيرس إلى دو سوسور ورولان بارت حتى الانضباط شبه الراسخ مثل علم اللغة.
بما في ذلك دراسة أي لغة معينة، ينطوي على إنشاء القوانين والأنظمة وليس الحقائق الفردية تمامًا مثل علم اللغة، ولكن على عكس العلوم الطبيعية وبعض أنواع العلوم الاجتماعية، فإن جميع العلوم السيميائية تهتم بالصفات وليس الكميات أي هم مهتمون بالفئات أكثر من الأرقام.
وهكذا فإن السيميائية تشترك مع العلوم الاجتماعية والطبيعية في صفة كونها علمًا باحثًا عن القانون أو علمًا علميًا، وليس علمًا عقليًا، مع الحفاظ على التركيز على الفئات، وعلى حساب الكميات الخاصة بالعلوم الإنسانية كونها سيميائية ونوعية، فإن السيميائية التصويرية لها موضوعها الرئيسي كفئة يمكن تسميتها بالصورة، وهي نسخة غريبة من الأيقونية.
وفي هذه المرحلة إذن يمكن القول أن علم السيميائيات بالإضافة إلى كونه أسلوبًا منظمًا ومنهجيًا بشكل خاص لوصف وتحليل أو بشكل عام تفسير جزء معين من الواقع، قد يكون أيضًا طريقة منهجية لمتابعة عدد من المشاكل الناشئة من وجهة نظر معينة تؤخذ على الواقع وكذلك الحلول المقدمة لهذه المشاكل والمشاكل الجديدة الناتجة عن هذه الحلول، بهذا المعنى فإن السيميائية هي بالتأكيد علم.
تطبيقات السيميائية بين الإنسان والعلوم الطبيعية
في الأدبيات التي يستند إليها الادعاء الرئيسي لإرنست كاسيري عام 1972 بأنه رائد في علم السيميائية يعلن أن علم اللغة جزء من السيميائية وليس من الفيزياء، وهذا مع ذلك كل ما لديه ليقوله عن السيميائية يتم تناول بالجزء الأكبر من النص من خلال مناقشة أكثر كلاسيكية ما إذا كان يجب اعتبار علم اللغة جزءًا من السيميائيات أو الصوتيات.
ولقد تعلم لإرنست كاسيرير درس مدرسة براغ جيدًا فهو يقتبس معارضة تروبيتز كوي بين الصوتيات التي تهتم بالحقائق المادية، مثل الاهتزازات الصوتية أو حركة أعضاء الكلام، وعلم الأصوات الذي يهتم بالأشياء غير المادية.
أي مثل السيميائيات كنقطة مع تحديد الوحدات حسب المعنى، ولا يقتصر الأمر على تقسيم العالم فحسب، بل يعتمد أيضًا على تجزئة الشكل الخارجي للغة، وعلى وجهة نظر العالم إنه تأثير قطع السوسوري المزدوج من خلال كتلتين غير متبلورتين، كتلتان الفكر والصوت، فعلم الأصوات إذن وكل علم اللغة هو سيميائيات.
والأهم من ذلك يلاحظ لإرنست كاسيرير إنه في هذا الصراع المنهجي برمته على سبيل المثال في أعمال ديلثي وريكيرت لم يتم ذكر حقيقة وجود شيء مثل الكلام البشري وأن هناك شيئًا مثل علم اللغة، وهو لا يتردد في وصف ذلك بأنه حقيقة مؤسفة للغاية.
وخطيئة تقصير لا يمكن إلا أن تكون لها عواقبها، وفي الوقت الحاضر، يمكن إضافة إنه حيث تم تعميم علم اللغة الآن على سلسلة من العلوم السيميائية المعينة، مثل السيميائية التصويرية ودراسات الإيماءات والسيميائية الثقافية، وما إلى ذلك، نتيجة إهمال مجالات الدراسة هذه في نظرية المعرفة بل هي أشد وطأة.