هناك معلومات قيمة ومهمة حول السيميائية وعلاقتها بالتصور الرقمي؛ وذلك لأن هذا العلم يدرس كافة الصور والوسائط الرقمية والأغاني والأفلام والشعر، كما إنه يقوم بدراسة طبيعة المعنى الحقيقي وصنعه.
السيميائية في التصور الرقمي
يعتقد علماء الاجتماع أن شيئًا مجرد المعنى لا يمكن أن يفهمه العلم ويبدو أن كل شيء يتعلق بطبيعة المعنى تفسيري وذاتي وشخصي، لذا لا بد من إدخال السيميائية في التصور الرقمي التي تدرس طبيعة المعنى وصنعه، كما يهتم هذا التخصص بالرمزية التي تنقلها الأشياء والكلمات في المستوى الأكثر بدائية، والمعنى هو نتاج التفاعل بين نظام الإشارة ومزيل التشفير، وعلماء الاجتماع في جميع الأوقات منخرطون دائمًا في هذه العلاقة ويفكون تشفير العلامات من حولهم باستمرار.
ووفقًا للسيميائية في التصور الرقمي يرى أومبرتو إيكو إنه يمكن فهم معنى أي شيء له قيمة رمزية على خمسة مستويات المادية والميكانيكية والاقتصادية والاجتماعية والدلالية، ويستخدم أومبرتو إيكو مثال سيارة لتوضيح منطقة المعنى التي يهتم بها كل مستوى من المستويات الخمسة:
1- على المستوى المادي تُفهم السيارة من خلال وزنها والمعادن والمواد المحددة التي تتكون منها، والتفاصيل الحسية الأخرى مثل الرائحة والشعور.
2- على المستوى الميكانيكي تُفهم السيارة على أنها تستخدم لأداء وظيفة النقل والطريقة التي تطيع بها قوانين معينة للميكانيكا مثل السرعة والجاذبية.
3- على المستوى الاقتصادي تُفهم السيارة على أنها أصل يحتوي على قيمة تبادلية.
4- على المستوى الاجتماعي تُفهم السيارة على أنها مؤشر للوضع الاجتماعي والسلطة والهيبة على الآخرين.
5- على المستوى الدلالي تُفهم السيارة على أنها وحدة ثقافية واحدة في نظام ثقافي أكبر بكثير يتألف من عدة وحدات، وهذه الوحدات هي علامات تم إنشاؤها بواسطة العلاقات الثقافية، وتكتسب هذه العلامات القيمة الرمزية التي تخلق معنى في الاتصال اللفظي أو الأيقوني.
ويقترح أومبرتو إيكو إنه يمكن دراسة كل ظاهرة ثقافية على أنها اتصال، ونظرًا لأن وسائل الاتصال أصبحت أكثر تعقيدًا وانتشارًا في كل مكان يصبح من المهم بشكل متزايد أن يكون لدى المرء وعي للمعنى الكامن وراء العلامات من حوله، ومن خلال تقسيم كل علامة إلى أبعاد المعنى الخمسة التي اقترحها أومبرتو إيكو يمكن الوصول إلى رؤى قيمة حول المعنى الذي توصله هذه العلامات إلى المجتمع.
وتقدم السيميائية في التصور الرقمي عدسة يمكن من خلالها فهم الظواهر في الاتصالات الجماهيرية لأنها تقدم طريقة موحدة لفهم جميع أنواع الاتصالات الحديثة كالصور والوسائط الرقمية والأغاني والأفلام والشعر بناءً على خصائصها المشتركة، وفي النظرية السيميائية يوضح أومبرتو إيكو إنه يمكن ملاحظة ودراسة الاتصال الجماهيري ككائن وحدوي طالما توجد ثلاثة شروط:
1- مجتمع صناعي يبدو متجانسًا نسبيًا ولكنه في الواقع مليء بالاختلافات والتناقضات.
2- قنوات الاتصال التي تجعل من الممكن الوصول إلى دائرة غير محددة من المستقبلات في المواقف الاجتماعية المختلفة.
3- توجد مجموعات منتجة تعمل بنشاط وترسل رسائل معينة بالوسائل الصناعية.
عندما توجد هذه الظروف كما هو الحال في المجتمع المعاصر تتلاشى الاختلافات في الطبيعة والتأثير بين مختلف وسائل الاتصال في الخلفية مقارنة بظهور الهياكل والتأثيرات المشتركة، ويعمل السلوك وعلاقات الإنتاج والقيمة على هذا النحو على وجه التحديد لإنهم يخضعون للقوانين السيميائية، ونتيجة لذلك يمكن أن توفر السيميائية في التصور الرقمي منهجية فردية يمكن تطبيقها على تحليل أي ظاهرة اتصال جماهيري.
تركيز علماء السيميائية في التصور الرقمي
وتسمح تقنيات الوسائط الرقمية الجديدة وخاصة الشبكات الاجتماعية بظواهر الاتصالات الجماهيرية بشكل أسرع من أي وقت مضى، وأدى النمو الهائل للوسائط الرقمية إلى تركيز علماء السيميائية بشكل خاص على كيفية تأثير المصالح الاجتماعية والأيديولوجيات على المعنى المتطور للإشارات، ونظرًا لأن الشبكات الاجتماعية أصبحت مأهولة بكل من الأشخاص وكيانات الشركات فقد تعلمت الشركات الاستفادة من هذه التقنيات الرقمية ونمت لتلعب دورًا مهمًا في التأثير على تطور العلامات وتوجيهه.
وفي الشبكات الاجتماعية تُستخدم الكلمات والصور لرواية القصص وبناء السرد ويمكن تحليل هذه الروايات بطريقة شبه تلقائية، وفي التحليل السيميائي للغة الشركة الحدود التنظيمية والمغامرة المشتركة، تستخدم تقنيات سردية للكشف عن أنماط تعريفات الحدود الداخلية والخارجية في الرسائل التي ترسلها شركات المواد الكيميائية إلى المساهمين، وتعتبر خطابات المساهمين مجموعة بيانات رائعة لعلماء السيميائية لأنهم يشتركون في الهدف المشترك المتمثل في تصوير صورة إيجابية للشركة لدائرة انتخابية مهمة.
ويحكم إنتاجهم مجموعة صارمة من الاتفاقيات المتعلقة بتنسيقها وما يجب عليهم معالجته، والإنتاج النهائي هو المعتمدة من قبل الرئيس التنفيذي، وتستخدم الحروف الرمزية ورواية القصص لتحقيق هذه الأهداف التي تهتم بتشكيل المعنى، ومن خلال تفكيك القصص التي رويت في 30 حرفًا للمساهمين إلى أجزاء مكونة للسرد.
اكتشف فيول أن الهياكل السردية داخل رسائل أفضل الشركات كانت مشابهة جدًا لأنماط السرد الموجودة في الأساطير والحكايات الشعبية، وإن أفضل طريقة لتحقيق وظيفة خلق المعنى في هذه الحروف هي عندما تقلد نفس أنماط خلق المعنى التي تظهر في القطع الأثرية الثقافية مثل الأساطير والحكايات الشعبية.
ونظرًا لأن المساهمين كانوا أكثر تقبلاً للرسائل التي اتبعت النمط السردي للقصة الشعبية، فقد كان التحليل السيميائي قادراً على إعلام الرؤساء التنفيذيين بكيفية صياغة قصصهم للمساهمين بشكل أفضل، مما أدى بدوره إلى توليد قيمة ملموسة لهذه الشركات، وفي قراءة الصور والقواعد النحوية للتصميم المرئي، استخدم علماء الاجتماع النهج الاجتماعي السيميائي للتوصل إلى سبع استنتاجات رئيسية حول سلوك القراء الباحثين عن المعنى، وكانت التأكيدات السبعة:
1- يفضل القراء المعلومات الجديدة ويتوقعون أن تكون على اليمين في الفضاء السيميائي.
2- القراء يفضلون المعلومات الأكثر عمومية في الأعلى والمعلومات الأكثر تحديدًا في الأسفل.
3- يبحث القراء عن أهم المعلومات في وسط الصفحة والمعلومات الأقل أهمية عن الهامش.
4- يبحث القراء عن العناصر البارزة بيانياً ومع ذلك ما يتم إبرازه يتم تحديده ثقافياً.
5- القراء يبحثون عن المهارات الحياتية.
6- يتابع القراء العناصر المتصلة ببعضها البعض عن طريق تأطير الأجهزة مثل الخطوط والسهام.
7- يقوم القراء بمسح الفضاء السيميائي قبل إلقاء نظرة فاحصة على وحدات معينة.
على الرغم من أن بعض هذه التأكيدات قد تبدو تعميمات واضحة فمن المهم أن يتم وضع في الاعتبار أن السيميائية هي علم اجتماعي يسعى إلى تصنيف هذه التأكيدات كقوانين بدلاً من التعميمات، وإذا تم التمكن من استخدام السيميائية في التصور الرقمي للتنبؤ بسلوك البحث عن المعنى في استهلاك الوسائط بدرجة من الدقة العلمية، فإن القيمة المحتملة للتحليل السيميائي في التطبيقات المختلفة ستكون مذهلة، وتم اختبار هذه التأكيدات لاحقًا وتأهيلها باستخدام البيانات التجريبية في نقاط الدخول ومسارات القراءة على هوامش الصحف.