السيميائية والنقد الثقافي

اقرأ في هذا المقال


هناك بعض المفاهيم الأساسية في علم السيميائية، وتوضح كيف تمكن السيميائية من إيجاد معنى في النصوص والظواهر الثقافية، ومحاولة شرح كل مفهوم بأكبر قدر ممكن من البساطة، والاقتباس بإسهاب من الأدبيات المهمة حول علاقة السيميائية بالنقد الثقافي، وذلك لإعطاء فكرة عن كيفية تعبير السيميائية للسياق الثقافي، ومع ذلك هناك قدر معين من اللغة الفنية النقدية المتضمنة في التحليل السيميائي والتي لا يمكن تجنبها.

السيميائية والنقد الثقافي

يمكن اعتبار السيميائية كشكل من أشكال علم اللغة التطبيقي، وتم تطبيق التحليل السيميائي على كل شيء من الموضة إلى الإعلان ومن قصص جيمس بوند إلى حرب النجوم، والمفهوم الأساسي في علم السيميائية هو العلامة، ويفترض المنظرون السيميائيون أن البشر هم حيوانات تصنع الإشارات وتفسر الإشارات، ويبدأ هذا النقاش حول السيميائية والنقد الثقافي بعلامات في علم السيميائية وعلم السيميولوجيا.

فالسيميائية بالمعنى الحرفي للكلمة هو علم العلامات وتأتي كلمة سيميائية من الجذر اليوناني سيميون أو علامة، وتستخدم لوصف محاولة منهجية لفهم ماهية العلامات وكيف تعمل، ومن المحتمل أن يكون المصطلح السيميائية هو المصطلح الأكثر استخدامًا، لكن بعض علماء العلامات يستخدمون مصطلح علم السيميولوجيا.

وحرفياً الكلمات حول العلامات ترتبط بالسيميائية وبعمل الفيلسوف الأمريكي تشارلز بيرس على الرغم من أن جذورها تعود إلى فلسفة العصور الوسطى وعلم اللغة مع عمل اللغوي السويسري فرديناند دي سوسور، وكلاهما يهتم بكيفية توليد المعنى وتوصيله، ويذكر دو سوسور عام 1966 في كتابه المنشور بعد وفاته دورة في اللغويات العامة.

فاللغة هي نظام من الإشارات التي تعبر عن الأفكار، وبالتالي يمكن مقارنتها بنظام الكتابة وأبجدية الصم والبكم والإشارات العسكرية، إلخ، لكنها الأهم من بين كل هذه الأنظمة، ويمكن تصور العلم الذي يدرس حياة العلامات داخل المجتمع إنه سيكون جزءًا من علم النفس الاجتماعي وبالتالي من علم النفس العام، وسماها علم السيميولوجيا من اليونانية، وعلامة السيميائية ستُظهر علم السيميولوجيا لما يشكل العلامات، وما هي القوانين التي تحكمها، وقد يُنظر إلى هذا على إنه أحد عبارات الميثاق حول السيميائية أو علم السيميولوجيا.

ويقترح دو سوسور أن الإشارات تتكون من جزأين الدال الصوت والشيء والصورة أو ما شابه والمدلول المفهوم والعلاقة الموجودة بين الدال والمدلّول هي علاقة تعسفية، وتستند إلى اصطلاح أو لاستخدام المصطلح التقني وغير مدفوعة بسبب هذه الحقيقة يقوم علماء الاجتماع بتطوير واستخدام الأكواد للمساعدة على معرفة ما تعنيه بعض العلامات.

بالإضافة إلى ذلك يؤكد دو سوسور أن المفاهيم لا تعني شيئًا في حد ذاتها، ويكتسبون معانيهم فقط بصورة علائقية أو تفاضلية، والمفاهيم تفاضلية بحتة ولا يتم تعريفها من خلال خصائصها الإيجابية ولكن بشكل سلبي من خلال علاقاتها مع المصطلحات الأخرى للنظام، ولجميع الأغراض العملية فإن العلاقة الأكثر أهمية بين المصطلحات هي المعارضة الثنائية.

أحد الفروق بين علم السيميائية والسيميولوجيا هو أن السيميائية تستمد أفكارها الأساسية من ثلاثية الأبعاد التي وضعها تشارلز بيرس عام 1958، ووفقًا لتشارلز بيرس هناك ثلاثة أنواع من العلامات الرموز والفهارس والإشارات، ويتم تحديد كل علامة من خلال موضوعها، إما أولاً، من خلال المشاركة في أحرف الكائن عندما تسمى علامة أيقونة.

ثانيًا، أن تكون حقًا وفي وجودها الفردي مرتبطة بالكائن الفردي عندما تسمى العلامة مؤشر، ثالثاً، أن تكون أوليه وذات يقين تقريبي بأنه سيتم تفسيره على إنه دلالة على الشيء، ونتيجة لعادة وهو المصطلح الذي يستخدمه على إنه يشمل التصرف الطبيعي عندما تسمى العلامة رمزًا.

ونظرًا لأن السيميائية تهتم بكل ما يمكن اعتباره علامة، وبالنظر إلى إنه يمكن اعتبار كل شيء تقريبًا علامة أي استبدال شيء آخر، فإن السيميائية تظهر كنوع من العلوم الرئيسية التي لها فائدة في جميع المجالات المعرفة، وخاصة في العلوم الإنسانية والفنون والعلوم الاجتماعية.

وقد تم استخدامه كما هو مذكور في الأدبيات الاجتماعية واللغوية في نقد الفنون الجميلة والأدب والسينما والرواية الشعبية وكذلك في تفسير العمارة، وفي دراسة الموضة وفي تحليل تعبيرات الوجه وفي تفسير إعلانات المجلات والإعلانات التجارية الإذاعية والتلفزيونية وفي الطب وفي مجالات أخرى كثيرة، لذلك ركز العلماء في العلامات بمزيد من التفصيل مع التركيز على كيفية عملها.

كيف تعمل الإشارات والعلامات في السيميائية

يمكن أيضًا تعريف العلامة على أنها أي شيء يمكن استخدامه للدلالة على شيء آخر، ولكن فهم كيفية عمل العلامات هو شيء معقد لأنه بالنسبة لتشارلز بيرس والسيميائيين، هناك دائمًا آخرون متورطون، ووفقًا لتشارلز بيرس فإن العلامة هي شيء يرمز إلى شخص ما لشيء ما في بعض الاحترام أو الصفة.

ويضيف نقطة فلسفية حيث يبدو من الغريب عندما يتأمل المرء في الأمر، أن الإشارة يجب أن تترك مترجمها لتزويد جزء من معناها، لكن تفسير الظاهرة يكمن في حقيقة أن الكون بأكمله ليس مجرد كون الوجود، ولكن كل ذلك الكون الأوسع، الذي يحتضن كون الوجود كجزء الكون الذي اعتاد الناس جميعًا أن يشير إليه بالحقيقة أن كل هذا الكون مليء بالعلامات إذا لم يكن مؤلفًا فقط من العلامات.

فإذا كان الكون ممتلئًا بعلامات إن لم يكن مؤلفًا بشكل حصري فإن البشر هم بالضرورة حيوانات سيميائية أيًا كان ما قد يكونون كائنات عقلانية وصانعو أدوات وذوات قدمين بلا ريش وما إلى ذلك، وأضاف أومبرتو إيكو عام 1976 نظرة ثاقبة تستحق الدراسة إذا كان من الممكن استخدام العلامات لقول الحقيقة فيمكن أيضًا استخدامها للكذب.

وتهتم السيميائية بكل ما يمكن اعتباره علامة، فالعلامة هي كل شيء يمكن اعتباره بديلاً عن شيء آخر، وهذا الشيء الآخر ليس بالضرورة أن يكون موجودًا أو أن يكون بالفعل في مكان ما في الوقت الذي ترمز إليه الإشارة، وبالتالي فإن السيميائية هي من حيث المبدأ النظام الذي يدرس كل شيء يمكن استخدامه من أجل الكذب، وإذا كان هناك شيء لا يمكن استخدامه لقول الكذب فلا يمكن استخدامه لقول الحقيقة، ولا يمكن استخدامه ليقول على الإطلاق.

وتتضمن الظواهر مثل الشعر المستعار والشعر المصبوغ وأحذية المصاعد والأطعمة المقلدة والمقلدين والمحتالين الكذب بعلامات، ويصف دو سوسور عام 1966 أولاً العلامات على أنها مكونة من مفهوم وصورة صوتية والإشارة اللغوية توحد، وليس شيئًا واسمًا بل مفهوم وصورة صوتية، وقام لاحقًا بتعديل تعريفه وأقترح الاحتفاظ بعلامة الكلمة التوقيع لتعيين الكل واستبدال المفهوم والصورة الصوتية على التوالي بعلامة دلالة والدلالة مهمة، ويتمتع المصطلحان الأخيران بميزة توضيح التضاد الذي يفصلهما عن كلهما.


شارك المقالة: