السيميائية وعلوم القرار وأنظمة القيم

اقرأ في هذا المقال


يتم استنتاج أن التمييز بين العلامات في السيميائية وعلوم القرار وأنظمة القيم موجود أيضًا على المستوى الجزيئي، ويمثل في الواقع انقسامًا بين نوعين مختلفين جدًا من العمليات الجزيئية، وتُستخدم متواليات الكودات كعلامات طبيعية في النسخ الجزيئي وكعلامات تقليدية في الترميز الجزيئي، بمعنى آخر يعتمد تكاثر القرارات وأنظمة القيم على العلامات العضوية الطبيعية، بينما يعتمد تخليق الكودات على العلامات العضوية التقليدية.

السيميائية وعلوم القرار وأنظمة القيم

السيميائية كعلم العلامات وأنظمة الإشارة كانت موجودة طوال الوقت مزامنةً مع تطور الفكر، وشهدت هذه الرحلة منذ العصور القديمة في مهب كامل الوجود السيميائي في القرن العشرين من خلال أعمال دو سوسور وتشارلز بيرس، ومع ذلك كان السير جريماس هو الذي طور طريقة معقدة للتحليل السيميائي التي وسعت آفاقها للتطبيق على الواقع العملي والتطبيقي.

وعمل السير جريماس مكن دراسة هياكل صنع المعنى ذات المستوى العميق، والموجودة على نطاق واسع من المساعي البشرية، والأهم من ذلك أن هذا العمل الرائد فتح الأبواب إلى العمليات المتعلقة بالسرد والخطاب الموجودة عبر مختلف مظاهر الواقع.

وإن قوة إلغاء التشفير هذه بالضبط هي التي تكشف عن أهمية السيميائية لسياقات المجتمع المعاصرة، حيث قوة الاضطراب وعدم اليقين كمناهج جديدة للظهور وخلق فرص جديدة للفكر والعمل، وعلوم القرار مثل الإدارة والاقتصاد والعلوم السياسية هي منظمة وفقًا لأنظمة القيم السائدة التي تنشر وتشكل العقلانية الجوهرية والافتراضات المسلم بها التي تميز كل ثقافة.

ومؤطرة بوقت محدد وطويل الأجل كإعدادات الفضاء، وهي نفسها الهياكل النشطة التي تحدد السرديات الجدلية الكامنة وراء كل منها وتؤثر عليها في علم صنع القرار، ووفقًا لذلك:

أولاً، السيميائية إلزامية باعتبارها استكشافية المنهجية في سياق علوم القرار.

ثانيًا، توفر الطرق السيميائية مصفوفة قراءة قوية للتعامل مع تعقيد المجتمعات المعاصرة.

وأخيرًا، تقدم أعمال السير غريماس توليفًا منظمًا وموضوعيًا وعلميًا من الجوانب القائمة على التحليل والديناميكية المفتوحة للعالم الذاتي والحدسي من صنع المعنى، حيث يشير السير غريماس إلى الهياكل السفلية وراء الثقافات وأنظمة القيم.

مما يتيح إعادة وضع مثل هذه الحالات وإعادة تأسيسها، وبالتالي تكثيف قوتهم الدلالية وقوة الأفكار ونشرها والتطور والعمل كخط أنابيب يتم تقديم هيكله بواسطة طرق السيميائية، وهذه إن العرض ليس حزمة جاهزة بل هو سبب منطقي يكشف النقاب عنه بمجرد اعتماده أدائها وقوتها التفسيرية.

ويمكن استخدام السيميائية في علوم القرار وأنظمة القيم وذلك من قبل صانع النسخ لإنتاج نسخة تكميلية من نفسه، وفي هذه الحالة لم تعد العلاقة بين السيميائية وعلوم القرار وأنظمة القيم تتأسس عن طريق الكود ولكن من خلال التفاعلات الفيزيائية المباشرة بين الأسطح التكميلية، ومع ذلك تحدث هذه التفاعلات بين مناطق صغيرة جدًا من الجزيئات.

وهذا يعني أن السيميائية وعلوم القرار توفر فقط عددًا محدودًا من المحددات الفيزيائية للسيميائية وأنظمة القيم، بعبارة أخرى، فإن التسلسل الأول له علاقة مادية مع الثاني، لكن هذه العلاقة غير محددة وبالتالي لا تمثل سوى إشارة أي علامة طبيعية بالنسبة إلى الثانية.

المبادئ الرئيسية في السيميائية وعلوم القرار وأنظمة القيم

ويستخدم السير غريماس لغة فظة لوصف الجدل المعقد وهذا النوع من النهج يتناسب بشكل جيد مع الأوقات المضطربة والمعقدة للمجتمعات المعاصرة، ومن الصعب للغاية التحدث عن المعنى والقدرة على قول شيء ما ذو معنى.

ومن أجل تحقيق هذا بشكل مناسب فإن الطريقة الوحيدة الممكنة ستكون بناء لغة يجب أن تكون بلا معنى لذلك يمكن للمرء أن يؤسس لغة مسافة موضوعية، والتي من شأنها أن تمكن من استخدام خطاب لا معنى له يتم تطبيقها على خطاب هادف، فظاهرة الضغوط البيئية والقضايا الأمنية والثورات التكنولوجية والبيانات الضخمة هي أمثلة على التوترات الإبداعية التي تكشف مدى تعقيد واقع التيار.

وفي هذا السياق فإن علوم صنع القرار، والتي تشمل الاقتصاد والحوكمة الإدارية والأخلاقية هي حالات من المواجهة السياسية والاجتماعية التي تميز العمليات المفتوحة لصنع المعنى، والتقاط وتفسير ونشر ومعالجة وإدماج مثل هذه العمليات في مواقف الحياة الحقيقية، وهو التحدي الذي قد يجيب عمل السير جريماس المبتكر.

ويبدو أن العالم البشري قد تم تعريفه أساسًا على إنه عالم الدلالة، فالروابط بين السرد ونظم القيم وعالم التأثيرات العواطف والمشاعر ذات صلة خاصة بالسياقات الحالية، وهذا الافتراض صحيح عند النظر في التحديات الفردية أو المؤسسية.

حتى الأهم من ذلك أن هذا النهج يتيح معالجة كل من الواقع اليومي والعادي، مشيرة إلى القضايا التي تميل إلى أن تكون مسلمة بطرق غير مناسبة، وكذلك تمكن من معالجة المواقف المتغيرة للحياة والمواقف المحددة حيث توجد التوترات امتدت إلى الحد الأقصى.

وتغطي الحالات الاجتماعية والسياسية للسلطة والصراع و المفارقة، والظاهر في الخطاب هو ارتباط ضمني من خلال ألف تلميح إلى كائن من النص السيميائي الذي يتم التلميح إليه كمرجع داخلي، والقيادة والتحفيز والحماس الموجودان في العلاقات الكاريزمية وفي المواقف النموذجية يمكن تصميمها وإعادة تصميمها وهندستها.

فهو نهج سيميائية بارع وخلاق للسير جريماس ويعتبر الكل في الكل في السيميائية وعلوم القرار وأنظمة القيم، والدلالة وصنع المعنى هم عمليتان مفتوحان، كما إنها القوة الخطابية والسردية التي تمكن البشر من المقاومة الفوضى ومقاومة المرء للظروف التي تكشف على أفضل وجه لقوة السيميائية، والقوة بمعنى إعطاء الدليل على وضوح الواقع ودور الإنسان كمشارك نشط في عملية الظهور تلك.

والجانب المركزي الذي يجب تسليط الضوء عليه هو أن عمل السير جريماس هو توليفة من رؤى قوية تقدم نهجًا قائمًا على الأدلة لتكوين المعنى، وهذه لا تعتمد الأدلة على حنكة المترجم الخبير بل هي كذلك موجودة بالفعل في الحياة اليومية وفي أبسط المهام البشرية.

وبهذا المعنى الدراسة يشبهها السير جريماس الدخول إلى الصندوق الأسود لإنتاج الدلالة بشكل مستمر وكمثال على الوجود البشري، لتحديد الأشكال المتعددة لوجود المعنى وأنماطه الوجود، ولتفسيرها على أنها حالات أفقية وكمستويات رأسية من الدلالة، ولوصف مسارات التبديلات والتحولات والمحتويات.

مثل المهام التي لم تعد تبدو وكأنها يوتوبيا، فقط من هذا النوع قد تصبح سيميائية الأشكال، وفي المستقبل يمكن التنبؤ به كلغة تمكن للحديث عن المعنى، وعلى وجه التحديد فإن الشكل السيميائي ليس سوى معنى تعني نفسها، ويغطي عمل السير جريماس مساحات واسعة متباعدة والنماذج السيميائية التي تقترحها هي مثال على رشاقتها.

ويحدد المربع السيميائي الهياكل التأسيسية من خلال العلاقات المتوترة، كما إنها سيميائية توليدية وتحولية بمعنى أن يتم التعبير عن المعنى من خلال الهياكل القائمة على السرد والخطاب.

على الرغم من ذلك قد تظهر من خلال أشكال غير نصية ولا أشكال سردية، وقد يتم التقاط المخططات المتنوعة من مصادر الدلالة ومن التجارب الجمالية إلى العواطف والتأثيرات، فالنظرية جزءاً لا يتجزأ من الممارسة والنطق هو مثال حاسم على التمكين التطبيق العملي.

بمعنى آخر يصبح البشر على طبيعتهم من خلال العمل ومن خلال ممارسة قدراتهم ومهاراتهم، وبالتالي اكتساب الكفاءة الخطابية وتجسيد المعنى كفرد وكعملية جماعية.


شارك المقالة: