تتزايد أعداد الأشخاص في فئات العمر بالتدريج بين سكان المجتمعات المختلفة، ومع حدوث التَّغيُّر الاجتماعي في تركيب وبناء ووظائف الأسرة، فإنه بدأ يُلاحَظ بالتَّدريج ارتباط التَّحوُّل نحو التصنيع والحضارة الحديثة، وظهور مشكلة رعاية كبار السِنّ.
النظرة القديمة والحديثة لكبار السن
١- في المجتمع الزراعي التقليدي القديم كانت تسود فيه الأسرة المُمتدّة أو المُركَّبة، وكان كبير السِنّ في هذه الأسرة يحتلّ مكانة اجتماعية عالية ويُحاط بالتركيز والاحترام للاستفادة من خبراتهم ومهاراته في النشاط الاقتصادي والاجتماعي للأسرة.
٢- في المجتمعات الصناعية الحالية تحوّل الاهتمام إلى التصنيع، وظهور الأسرة النووية الصغيرة وتغيَّرت المكانة لكبار السِنّ، وفقدهم لمكانتهم الاجتماعية وما كانوا يُحاطون به من اهتمام وتكريم واحترام، ولم يعد يوجد لدى الأسرة الصغيرة مكان أو وظيفة هامَّة لرعاية أفرادها من كبار السِنّ والشيوخ، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى ضرورة تنظيم برامج لخدمات ورعاية كبار السِنّ.
الحاجة إلى رعاية كبار السن
أوضحت الدراسات أنَّ كثيراً من مشاكل كبار السن لا تكون فقط في المعاناة الجسمية نتيجة إصابتهم بأمراض الشيخوخة، وبعض هذه الأمراض مزمنة بل إنها تتعدى ذلك إلى مشاعر البؤس والشقاء الذي ينتج عند إحساسهم بأنهم أصبحوا بلا فائدة في المجتمع، وإلى مشاعر الحِدّة واليأس التي تنتابهم خصوصاً الذين أصبحوا بلا أبناء بعد أن انتقلوا إلى حياة جديدة وكونوا أسرة بعيداً عن أسرهم الأصلية.
وأصبح من الواجب التفكير في أنَّ مشكلة كبار السن ليست فقط في ضرورة توفير السكن والملبس والمأكل والمشرب باعتبارها حاجات مادية أساسية ضرورية فضلاً عن الرعاية الصحية، بل إنَّ الرعاية يجب أن تمتدَّ لكي تشمل إشباع الحاجة إلى التقدير من الآخرين والتفاهم والتعاطف، وتكون لهم صداقاتهم في المجتمع، وتوفير الرضا والاستقرار النفسي لهم، وذلك حتى يعطيهم الأمل في المجتمع والحياة.
وعلى هذا عندما يفقد الإنسان الكبير السِنّ قدرته على رعاية نفسه وتكون أسرته في موقف لا تستطيع معه التمكُّن من رعايته أو تمريضه، فإنه لا بُدّ من إيجاد بيئة تحمية وتكفيه وتقدّم لهُ الرعاية التي يحتاجها. وإن رعاية هذه الفئة من الآباء والأجداد الذين ضحّوا بعمرهم وفكرهم من أجل أن تظلّ عجلة الحياة دائرة أصبح واجب رعايتهم ضرورة حتميَّة تحتمها القِيَم الأخلاقية وتدعمها القوانين.
الفهم والتقدير لفئة كبار السن
كبار السن، أحد الفئات العمرية المميزة في مجتمعنا، يمثلون مصدرًا هامًا للحكمة والتجربة. يتم تعريف كبار السن عادةً بأنهم الأفراد الذين تجاوزوا سن الستين أو السبعين، ولكن يمكن أيضًا تحديد الفئة بناءً على عوامل أخرى مثل الصحة العامة والتفاعل الاجتماعي.
مرحلة الحياة الفريدة لكبار السن
تُعد مرحلة الشيخوخة فترة حياة فريدة تتسم بالتحولات الجسدية والنفسية، تظهر العلامات التقدمية للعمر وتتغير الاحتياجات الحياتية، مما يتطلب فهمًا واحترامًا خاصين لضمان رفاهية وجودة حياة كبار السن.
تنوع كبار السن
رغم أن عبارة “كبار السن” تشير إلى فئة عمرية محددة، إلا أن هناك تنوعًا كبيرًا داخل هذه الفئة. يمكن أن يكون لكل فرد خلفيته الثقافية والاقتصادية والصحية الخاصة به، مما يؤثر على تجربته الشخصية واحتياجاته الفردية.
الصحة والرفاهية لكبار السن
تتنوع حالة الصحة بين كبار السن، حيث يمكن أن يتمتع البعض بصحة جيدة ونشاط بدني، في حين يواجه البعض الآخر تحديات صحية، تحظى الرعاية الطبية الجيدة والحياة النشطة بأهمية بالغة في الحفاظ على صحة ورفاهية كبار السن.
دور كبار السن في المجتمع
كبار السن ليسوا فقط مستفيدين من المجتمع، بل يلعبون أيضًا أدوارًا هامة في نسيجه، يمكن أن يسهموا في تحقيق التوازن بين الأجيال، حيث يمتلكون الحكمة والخبرة التي يمكن أن تسهم في توجيه وتشجيع الأجيال الأصغر.
التحديات التي قد تواجه كبار السن
مع التقدم في العمر قد تظهر بعض التحديات مثل التغيرات الصحية، وفقدان الأحباء، والاعتماد على الآخرين في بعض الحالات. يشكل فهم هذه التحديات وتقديم الدعم اللازم جزءًا أساسيًا من الرعاية الشاملة.
في ختام المطاف يستحق كبار السن الاحترام والاهتمام لتعزيز جودة حياتهم وتحفيزهم على المشاركة الفعّالة في المجتمع. يمكن أن يسهم التفهم العميق والدعم في تكوين بيئة تعزز رفاهيتهم وتجعل مرحلة الشيخوخة تجربة مميزة ومليئة بالإثراء.