سَبب الصِراع الخَفي والطبيعي تباين أو تعارض معايير الجماعات المتعدّدة التي ينتمي إليها الإنسان المُعاصِر لحاجته لها في إشباع حاجاته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية والتي بواسطتها يَكتسب روح عَصره المُتَمدّن المُتَّصف بالتنوّع والتباين والتعارض في الأهداف والمعايير والقيم ويَحكم انتماءه إلى هذه الجماعات.
أمثلة الجماعات التي يحدث فيها الصراع الخفي والطبيعي
ومن أمثلة هذه الجماعات: شركات، نقابة، شِلَل صداقية، نادي رياضي، نادي اجتماعي، حزب سياسي، مجتمع محلي، جماعة عمل، تَجمّع ثقافي أو جماعة فنية؛ يكتسب الإنسان معايير كلّ الجماعات التي لا تكوّن وحدة واحدة بل مُتباينة حسب اختصاصها وعملها وشروطها ومُستلزَماتها.
الصِّراع الخفي والطبيعي
وتتبلور عند الإنسان التزامات عديدة ومتنوّعة ومُتباينة تنعكس على سلوكه اليومي مُسبّبة له تناقضاً في فِعله المُنظّم. أي يكون غير متناسق في بعض الأحيان وليس في أغلبه.
وإذا استمرَّ عدم التنسيق هذا فسوف يُوَلّد صراعاً في فِعله الاجتماعي الذي يصبح الصراع حالة طبيعية تُفرزها روح الحياة العصرية المُتّصِفة بالتبدلات الاجتماعية السريعة فالابتعاد عن الأسرة بسبب العمل اليومي يُمسي حالة طبيعية بعد ما كانت شاذّة وممارَسة سلوكية مهنية تتعارض مع المعايير الأسرية أو الدينية أو الثقافية، وتصبح حالة مألوفة بعد ما كانت غير مألوفة.
وتَقبّل السلوكيات الغريبة يغدو أمراً حضارياً بعد ما كان مرفوضاً وعمل المرأة في أعمال لم تألفها سابقاً صار مقبولاً واشتغال الصِبيَة في الوِرَش الصناعية أثناء العُطل الصيفية أمسى ضرورياً بعد ما كان متعارَضاً والإنجاب بدون زواج أضحى وارداً على الرَّغم من تعارضه مع القيم الديني، وبيع بعض أعضاء جسد الإنسان وهو على قيد الحياة أضحى رائجاً بعد ما كان ممنوعاً ومُحرّماً، وأخيراً بات تعقيم الرجال جنسياً مقبولاً بعد ما كان مُستهجناً. جميع ذلك نُعِدُّها مشكلات اجتماعية قريبة المدى ومنتشرة داخل المجتمع المعاصر.