الطريقة الاجتماعية في دراسة التخلف الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


بعد إحباط محاولات تطبيق نظريات علم اجتماع الدول المتحضرة والمتقدمة على دول العالم الثالث، بدأت تكشف ملامح علم اجتماع مختص بالدول النامية، حيث اتخذ الأمر أولاً طابع الاعتقادات النظرية، والأفكار القبلية التي لم تؤديها الحقائق الميدانية، ثم عن طريق الاحتكاك المباشر أخذت الخصائص الاجتماعية للدول النامية تتبيّن بصورة تدريجية.

الطريقة الاجتماعية في دراسة التخلف الاجتماعي

من أهم محكات التخلف الاجتماعية المحكات الاقتصادية والإنتاجية، التي تشمل على تبديد الثروات وسوء الاستفادة منها، وعدم الاستفادة من الطاقة العاملة المتوفرة، وتصنيع مقصور وغير كامل، ووضعية التبعية الاقتصادية، ويضاف إليها محكات خاصة بالسكان، وأخرى تتعلق بالبنى الاجتماعية.

رأي أدولف كوست في الانفجار السكاني

أما السكان فيتسمون بعدة صفات أولية، أبرزها على الإطلاق في رأي أودلف كوست الانفجار السكاني الذي يشهده العالم الثالث بعد الحرب العالمية الثانية، فبعض دول العالم المتخلف يتزايد نسبة سكانه خلال خمس عشرة سنة، وبالتالي يزيد أربع مرات خلال السنوات العشر التالية، كما تنشأ هذه الزيادة الكبيرة من عدة مسببات، أبرزها انخفاض المستوى الثقافي، وانحسار عدد الوفيات بين الأطفال نتيجة للقضاء على الأوبئة والأمراض الخطيرة بفضل العقاقير الجديدة قليلة الثمن، وصغر عمر المرأة عند الزواج، ما يجعل مدة الإخصاب كبيرة المدى، حيث يقدر بعض الباحثين مسيرة الأمومة عند المرأة في العالم المتخلف تقريباً عشرة أولاد، بينما هي تقريباً النصف أو الثلث في العالم المتقدم.

وعلى عكس هذه الزيادة الكبيرة فإن الموارد الاقتصادية لا تزيد القدر ذاته، ما ينشأ اختلالاً متزايداً في التوازن بين عدد السكان والموارد المتاحة، ويؤدي إلى مآزق اقتصادية واجتماعية مختلفة تسير نحو تفاقم الخطورة مهددة بالكوارث.

يزداد الاختلال نظراً لقلة الإنتاجية التي تنبع من الأمية المنتشرة ولسوء التغذية، وقلة الاهتمام الصحي والنظافة، هذه المسببات الأخيرة تساعد على انتشار الأمراض الخطيرة التي تهدد الصحة وتستنزف قوى اليد التي تعمل، مما يجعل إنتاجية العامل متضائلة باضطراد، كما أن غزو الأمراض الخطيرة لصحة العامل، تجعله يخرج بسرعة كبيرة نسبياً من دائرة الإنتاج، دافعة إلى الهامش المهني، إلى الطفيلية والبطالة المقنعة.

يضاف إلى ذلك كله، ويزيد من خطورة اختلال التوازن بين عدد السكان والموارد، تفشي قلة الاستعمال بصورة واسعة، وبمظاهر مختلفة، فالعالم الثالث هو عالم العاطلين المزمنين عن العمل، التخلف وانخفاض إمكانيات العمل يسيران معاً.


شارك المقالة: