الفعل البشري البنية والفعل من تحديات علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


الفعل البشري البنية والفعل من مآزق علم الاجتماع:

من جملة الأسئلة المهمة في هذا الصدد، إلى أي حد نكون فاعلين إنسانيين ناشطين نسيطر في الشروط والظروف التي تكتنف حياتنا الإنسانية؟ أم الجانب الأغلب مما نقوم به هو من جراء للقوى الاجتماعية العامة التي لا نمتلك السيطرة عليها؟ إن هذه القضية ما زالت محط اهتمام وتجاذب بين علماء الاجتماع، إذ يشدد فيبر وبعده التفاعليون الرمزيون، على العنصر الابتكاري النشط الخلاق للسلوك البشري، هذا فيما تؤكد مقاربات أخرى، كتلك التي وضعها دور كايم، على الطبيعة التقييدية للمؤثرات الاجتماعية على أفعالنا.

إن إحدى الأطروحات الأساسية التي تقدم بها دور كايم، وباحثون اجتماعيون آخرون خلال القرن الماضي، هي أن المجتمعات التي نعيش فيها وتنتسب إليها تفرض قيوداً وضغوطاً مجتمعية على أفعالنا، وكان دور كايم يرى أن للمجتمع اليد العليا على الإنسان الفرد، والمجتمع اكبر وأهم وأضخم بكثير من مجموع الأفعال والتصرفات الفردية، ففيه صلابة أو ثبات مستقر يشبه ما في البنى الموجودة في البيئة الطبيعية حولنا.

ويمكننا أن نتصور هذا الوضع إذا ما تخيلنا شخصياً يقف في غرفة ذات أبواب عديدة، إن بنية الغرفة أو الحجرة تحدد مدى أنشطة هذا الشخص الممكنة، وموقع الجدران والأبواب، على سبيل المثال، يحدد منافذ الدخول والخروج، وتقوم البنية الاجتماعية وفي نظر دور كايم ، بتقييد أنشطتنا بصورة متوازية، إذ إنها تحدد المسارات لما يمكن أن نفعله كأفراد، إنها خارجة عنا، شأنها في ذلك شأن جدران الغرفة.

وعلى الرغم من أن لدور كايم أنصاراً كثيرين في ما يراه، فإن هذا الاتجاه تعرض، ولا يزال لانتقادات حادة، ويتساءل النقاد في هذا المجال، ما هو المجتمع، إذا لم يكن توليفة لمجموع الأفعال الفردية؟ ويضيف النقاد وأغلبهم من علماء الاجتماع المتأثرين بالمدرسة التفاعلية الرمزية، أننا بوصفنا مخلوقات بشرية نفكر وتصدر تصرفاتنا، في أغلب الأحيان، وفق أسباب ودوافع، وأننا نعيش في عالم اجتماعي تتغلغل فيه الدلالات الثقافية، والظواهر الاجتماعية، في رأيهم ليست أشياء صلبة جامدة، لكنها تعتمد على المعاني الرمزية التي نستثمرها في ما نقوم به من تصرفات، إننا باختصار لسنا صنيعة المجتمع، بل صانعوه في الوقت نفسه.


شارك المقالة: