الفعل المتبادل والرباط الاجتماعي عند جورج زيمل في علم الاجتماع:
كان زيمل قبل كل شيء مفكراً متأثراً بالقرن الذي نشأ فيه، القرن الذي تنعقد فيه بحركة واحدة ثورة النزعة الفردية الحديثة والغزو المتزايد للعقل الأداتي، كذلك أليس من المذهل أن واحداً من تساؤلاته المركزية كان عن التمايز الاجتماعي، وقد اشتهر في صغره الذي يعود إلى عام 1909، وظل شهيراً، قدم تحليلاً إحيائياً للحثيثة الاجتماعية.
فهو ينظر على أن الحياة الاجتماعية حركة لا تستمر العلاقات بين الأفراد عن طريقها عن تعديل بعضها البعض، وهذه العلاقات على شاكلة الجسر الذي يصل والباب الذي يفصل، هي علامات لميول متضاربة نحو التماسك والتعبثر، وبشكل أوضح قدم زيمل في سبيل تحليل هذه العلاقات تصوراً رئيسياً، هو الفعل المتبادل، وببساطة هو يعني بالفعل المتبادل التأثير الذي يمارسه كل فرد على الغير.
وهو فعل مرشد لمجموعة من الدوافع المتنوعة (الغرائز الجنسية، المصالح العملية، المعتقد الديني، متطلبات النجاة أو العدوان، المتعة في اللعب، العمل)، وإن الكلية التي تتحرك دوماً لهذه الأفعال، هي التي تساهم في توحيد كل الافراد في مجتمع بمجمله.
لكن الموضوع الرئيسي لتحليل زيمل ليس الشخص وليس المجتمع بما هما عليه، كل اكتراثه وتركيزه على التفاعل المبدع بين هذين الطرفين، إن إنتاج المجتمع بهذا المقصود هو المنشأ الذي أسس للترابط الاجتماعي، وعلى العكس من دور كايم ينحاز جورج زيمل إلى صيرورة المجتمع، وليس إلى الضغط الذي يمارسه هذا المجتمع، ولهذا السبب يتكلم براحة عن التنشئة الاجتماعية أكثر مما تكلم عن المجتمع.
ومع ذلك لا ينكر زيمل أيضاً وجود منشآت ذات ثقل تقوم على تكرار الإنتاج الاجتماعي، وهو بصورة مبسطة يكون لها عالماً يقارن مع هذه الأحداث الميكرو اجتماعية في الحياة اليومية، مع هذه التفاعلات الكثيرة والعابرة ظهرت الألفة الاجتماعية التي تشكل أيضاً جوهر العلاقات الإنسانية.
وفي المقابل محتوى فعل الدوافع التي توجه الفعل البشري، فيطلق زيمل تسمية الأشكال الاجتماعية على منتج الأفعال المتبادلة، يمكن لهذا التبلور أن يأخذ أشكالاً رسمية بشكل عابر، أو على العكس، أن يتكلل باكتساب الصفة الموضوعية، يمكن أيضاً تبعاً لجوليان فرند، أن نميز أربعة أنماط من الأشكال الاجتماعية عند جورج زيمل وهي:
الأشكال المتصفة بالديمومة (العائلة، الدولة، المنشآت) وهي المؤسسات، والأشكال التي هي تصميمات متشكله سابقاً والتي تتشكل المنظمات تبعاً لها ( التراتبية، الصراع، الميراث، التقليد) وهي أشكال مشكلة، والأشكال التي تكوّن الإطار العام الذي تحدث ضمنه التنشئة الاجتماعية (السياسة، القانون، الدين) وهي التشكلات، وأخيراً الأشكال العابرة التي تؤسس للطقوس اليومية ( العادات الطعام المشترك، التهذيب).