الفعل المنطقي واللامنطقي في النظرية السوسيولوجية عند فلفريدو باريتو:
ينطلق باريتو مسلمة فلسفية واجتماعية أساسية، وهي أن الفرد ليس كائناً رشيداً، بل هو كائن لاعقلاني، بمعنى أن جل أدائه غير رشيدة وغير منطقية، وليس هناك ارتباط وثيق بين الغاية والوسيلة، وليس هناك أيضاً تطابق بين الذات والموضوع، ويعني هذا أن جل أفعال الإنسان غير منطقية، ﻷنها مرتبطة بالغرائز والانفعالات والوجدان، وبالتالي فهي أفعال تتحكم فيها الرواسب بشكل أساسي.
أما الفعل العقلاني، فهو متصل بالمعرفة العلمية المنطقية التجريبية، ويرتبط فيه الذاتي بالموضوعي، وتنسجم فيه الوسيلة مع الغاية والهدف كعمل المهندس مثلاً، ومن ثم يدافع باريتو عن اﻷداء الرشيد أو الأداء الموجود عند الإنسان الاقتصادي، والذي يقوم على الخبرة والاستدلال، والاستقراء المنطقي.
الأفعال الإنسانية عند باريتو:
ويقسم باريتو الأفعال الإنسانية إلى قسمين، أفعال منطقية وأفعال غير منطقية، فالأفعال المنطقية هي الأفعال التي تكون أهدافها الموضوعية متطابقة مع أهدافها الذاتية، كما يتجلى ذلك عند الإنسان الاقتصادي، وبمفهوم آخر، هي التعبير الحقيقي المباشر للطبيعة الإنسانية أي تكون الأفعال منطقية إذا كانت النتائج التي يتنبأ بها الفاعل مطابقة للنتائج التي يمكن التنبؤ بها من خلال معرفة أكبر ونظرة كاملة وشاملة.
أما الأفعال غير المنطقية، فهي تلك الأفعال التي لا تماثل أهدافها الموضوعية مع أهدافها الذاتية، بمعنى أن المواطنون يقومون بسلسلة من الأفعال لا يعرفون الغاية أو المراد منها، أي تكون الدوافع غير واضحة ومعقدة، وقد قام الأشخاص ولا يزالون يقومون بأعمال دون أن يعلموا ﻷي سبب يقومون بها.
فالدوافع الصحيحة للفعل في الغالب ما تكون متنوعة عن الأشياء التي يحصلون عليها، والمواطنون في سعيهم للوصول ﻷهداف شعورية، كثيراً ما يحصلون على أمور لم تكن في حسبانهم، إما ﻷنهم لن ينتهجوا السبيل القويم، أو ﻷنهم لم يتبصروا عواقب أعمالهم، وتبدو شوق المواطنين على المنطق والتعقل في محاولتهم تفسير أعمالهم وإعطائها صورة منطقية على الرغم من أنها ناشئة عن دوافع غير شعورية معقدة.
وقد أظهر العديد من الباحثين العناصر غير اليقينية في الأداء الإنساني، وخاصة الخرافات والأباطيل المخترعة لتصوير الأداء بشكل منطقي، على الرغم من أن التحليل العلمي لا يؤيده.