القوة والمعنى واستدراك تحليل النظرية السوسيولوجية قصيرة المدى:
يحتوي التحليل السوسيولوجي قصير المدى، ثلاثة منظورات رئيسية هي: التفاعل الرمزي، الظاهراتية، والإثنوميثودولوجي (المنهجية الشعبية)، وإذ تمثل المعاني التي ينتجها الأفراد في تفاعلاتهم جوهر الأطروحة الرئيسية لهذه المنظورات، فيمكن اعتبارها منظورات في المعنى الاجتماعي أساساً.
لقد ركز التحليل السوسيولوجي (علم الاجتماع) قصير المدى، على أن الأنساق الاجتماعية نتاجاً إنسانياً يتشكل علمياً بموجب تفاعلات الأفراد مع بعضهم، وهذه الفكرة تقف على الجانب الآخر من الوجود الاجتماعي الذي ركزت عليه البنائية الوظيفية، أي الأنساق، ومستلزماتها، وطرق تحقيق تلك المستلزمات.
يشرح كريغ كالهون وزملاؤه في مؤلفهم في النظرية السوسيولوجية المعاصرة، أن علم الاجتماع قصير المدى، يحتوي على ثلاثة مكونات رئيسية: الأول هو التركيز على تفاعلات وجه لوجه للفاعلين الاجتماعيين، أكثر من التركيز على الوحدات الاجتماعية المجردة كالطبقات، والثاني: هو التركيز على المعاني أكثر من الوظائف، ولذلك يحاول تفسير المعاني التي يلصقها الأفراد بأفعالهم، والثالث: أنه يركز على الخبرة المعاشة أكثر من المفاهيم المجردة مثل المجتمع، والمؤسسات.
إن النشاط النظري هذا، كما يبين إيان كريب، يتضمن اتجاهاً يساهم نحو الابتعاد عن أي نظرة ترى المجتمع كياناً قائماً بذاته منفرداً عن أفراده المكونين له، والتركيز بدلاً من ذلك، تركيزاً كبيراً، على الأساليب التي يخلق بواسطتها البشر عالمهم الاجتماعي.
في الاتجاه ذاته تنكرت هذه المنظورات لكل القوى الخارجية، التي يمكن أن تمارس تأثيراً على الأفراد، وتوجه سياقات المعنى في تفاعلاتهم وبشكل خاص بناءات القوة وعلاقاتها، الأمر الذي زاد من طروحاتها طابع ما يمكن تسميته ب(اتساقية المعنى)، والابتعاد عن سياقات التفاصيل، والتمايز واللااتساق المتصل بمعاني المؤسسة في علاقات القوة.
يتكون المعنى من خلال العملية الاجتماعية، ويبقى متصلاً بقوة مع هذه العملية، ويمكن وجود المعنى موضوعياًً، حتى في غياب الوعي، ويقول ميد بهذا الخصوص، إن المعنى هو تطور لشيء موضوعي، موجود كعلاقة بين أطوار معينة في الفعل الاجتماعي إنه ليس زيادة فيزيقية لهذا الفعل، كما أنه ليس فكرة تم تصورها بالطريقة التقليدية، إن الاستجابة التوافقية لكائن تجاه الآخر هي معناه، ففي مبارزة السيف تعتبر محاولة التجنب تأويلاً لمحاولة الطعن.