المؤسسات الاجتماعية في عهد الملك سعود بن عبد العزير آل سعود

اقرأ في هذا المقال


المؤسسات الاجتماعية:

إنّ مجتمع المملكة العربية السعودية يشمل على العديد من المؤسسات الاجتماعية؛ وذلك لأنه احتوى كغيره من المجتمعات على الأيتام، العجزة، الأحداث، الجانحين، الذين كانوا بحاجة لكل عون من الحكومة. وقد كان على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أن تشرف على هذه المؤسسات والدور والجمعيات لتؤدي مهامها على أكمل وجه.

أهم المؤسسات الاجتماعية:

كان من أهم المؤسسات الاجتماعية في المملكة هي مؤسسة الضمان الاجتماعي، حيث صدر في عام 1382/ 1992 ميلادي مرسوم ملكي يقضي بإقامة النظام الاجتماعي وإقامة أجهزة تنفيذه معه أيضاً وبموجب هذا النظام أصبح لكل شخص فقير الحق في الحصول على معاش يدوم ما دامت حالة الفقر. وتنص المادة الثالثة من النظام الملكي الذي تأسست بموجبه على أنّ هناك أربعة مصادر لتمويل هذا المشروع منها: ما يجبي من الزكاة وأيضاً الأموال التي تخصص من الخزانة العامة للدولة.

وكذلك التبرعات والهبات من المواطنين والأرباح الناتجة عن الأموال الواقعة تحت إدارة هذه المؤسسة، حيث تودع أموال المؤسسة في حساب خاص بأحد بنوك المملكة. ويدير شؤون المؤسسة مجلس إدارة مكون من القطاعين الحكومي والأهلي على السواء، فوزير العمل والشؤون الاجتماعية رئيس هذا المجلس ويعاونه ثلاثة أعضاء حكوميين هم، وكيل وزارة المالية ووكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومدير مصلحة الضمان الاجتماعي.

ويقوم في معاونته خمسة من القطاع الأهلي ويرشحهم وزير العمل ويقرر مجلس الوزراء تعيينهم لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. ومن اختصاصات هذا المجلس إقرار مشروع ميزانية إيرادات ومصروفات المؤسسة ومشروع الحساب الختامي والإشراف على أموال المؤسسة وإقامة مشروعات تحقق أهداف المؤسسة.

كذلك إصدار القرارات واللوائح الخاصة بالمؤسسة. ولا تخضع هذه المؤسسة المالية إلا لرقابة ديوان المراقبة فيما يتعلق باعتماد حسابها الختامي. وقد ارتكز نظام الضمان الاجتماعي على نقطتين أساسيتين الأولى تخصيص معاشات دورية ودائمة لغير القادرين على العمل ومساعدات وقتية للعاطلين الفقراء أو المرضى الفقراء وتتوقف عند انتهاء تلك الظروف.

وكذلك تأهيل القادرين من الفقراء ليعملوا في صناعات تدلهم عليها المؤسسة. ولقد أضيف إلى نشاطات هذه المؤسسة الاجتماعية نقطة مهمة ارتكزت عليها وهي تقديم المساعدات المالية لمن يحتاج إليها من أجل إنشاء مشروع صغير خاص به، يُدر عليه دخلاً مناسبة، مع تقديم مساعدة مستمرة إلى أن يحقق المشروع الدخل المناسب له وأكد هذا النمط جدارته عندما تحول كثير من المعولين إلى عائلين.

لقد كانت الفئة الأولى تخصيص معاشات دورية، فقد اهتم نظام الضمان الاجتماعي بتقرير معاشات تصرف بصفة دورية أو دائمة للفئات المستحقة لها وذلك وفقاً للشروط التي حددها النظام وهذه الفئات الأيتام: واليتيم حسب نظام هذه المؤسسة هو من توفي والداه، أو والده فقط وتزوجت والدته، أو مجهول الأب، فإن كانت الأم لم تتزوج فيصرف لها ولولدها معاش المرأة التي لا عائل لها.

أما إن كان اليتيم وحيداً فيحال إلى دور الرعاية الاجتماعية، وإن كانوا إخوة فلا يدفع لهم ما يزيد عن معاش خمسة أيتام، واليتيم دون الثامنة عشرة يحصل على 390 ريالاً على الأقل في السنة. وإنّ المرأة التي لا عائل لها: هي الأرملة أو المطلقة أو التي لم يسبق لها الزواج بشرط أن تتجاوز سن الثامنة عشرة  والعوانس يشملهن النظام إذا تجاوزن الخامسة والثلاثين ومعاشهن السنوي هو 390  ريالاً. والعاجزون عن العمل عجزاً كلياً سواء بسبب الشيخوخة أو أي أسباب أخرى.

ويشترط النظام في هؤلاء أن يتجاوزوا الستين عاماً، كذلك أن يثبت الفحص الطبي عدم قدرته على العمل كلياً. ومؤسسة الضمان الاجتماعي لا يطبق عملها فقط على المعوزين الدائمين، لكن هناك حالات أخرى في المجتمع يكون العوز فيها طارئاً ومؤقتاً مثل البطالة والمرض المؤقت وغيرها، لذلك نص النظام في مثل هذه الحالة أن لكل واحد من هؤلاء الحق بالحصول على مساعدة تدوم ما دامت حالته الطارئة، فتقدم لهم المؤسسة المساعدات النقدية أو العينية.

وإذا أضفنا إلى ذلك أن كل مواطن سعودي قد ضمنت له الدولة الحق بالعلاج المجاني داخل مؤسساتها الصحية أو في الخارج، كما ضمنت له حق الدراسة المجانية من دور الأطفال حتى الجامعة  وهذه كلها تعد ضمانات من الدولة لرعايتهم. أما الفئة الثانية: وهي تأهيل القادرين على العمل في صناعات تدربهم عليها المؤسسة وذلك بإنشاء مراكز التدريب المهني في كل منطقة، من أجل تدريب العمال السعوديين البالغين من جهة وإيجاد وظائف للعاطلين ومن هم بحاجة للعمل بعد أن يكسبوا الخبرة اللازمة لأي مهنة، وتتراوح مدة التعليم في هذه المراكز من ثلاثة إلى تسعة أشهر.

وهدف هذه المساعدات لم تقتصر على المواطنين السعوديين فقط، بل شملت المحتاجين من المسلمين المقيمين في المملكة. واهتمت الدولة بفتح مكاتبها للضمان الاجتماعي في كل قرية ومدينة ليسهل خدمة الشعب، حيث بلغ عددها عام 1382 هجري حوالي 28 مكتبة.

مؤسسات ودور التربية الاجتماعية:

إنّ هذه الدور اختصت بقبول الأحداث الجانحين وتقوم الوزارة بتنظيم العمل داخل هذه الدور وزودتها بوسائل التعليم الخاصة بهم ووفرت لهم المدربين المهنيين الأكفاء وتختلف هذه الدور وتتنوع وفق حاجات المجتمع فيها وكانت المصادر الأساسية والوحيدة لتمويل هذه الدور هي: أموال الزكاة، كذلك الهبات والعطايا من المحسنين إلى جانب إعانات الدولة.

كان من أشهر هذه الدور: دور التربية الاجتماعية للبنين التي أنشئت عام 1380/ 1960 ميلادي، أيضاً دور التربية الاجتماعية للبنات في عام 1383/ 1992 ميلادي، حيث صدر الأمر السامي الكريم بربط دور الأيتام والعجزة إدارياً ومالياً بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية. وقد أسس قبلها دار لإيواء اليتيمات باسم مبرة كريمات الملك سعود التي افتتحت في عام 1379/ 1956 ميلادي والتي تستقبل اليتيمات من جميع أنحاء المملكة، بشرط ألا تزيد أعمارهن عن 10 سنوات ويتعلمن في هذه الدار القراءة، الكتابة، التدبير المنزلي.

والهدف من هذه الدور هو توفير أسباب الرعاية الكاملة للأيتام ومن في حكمهم من ذوي المشكلات النفسية والعقلية. وتنشئتهم النشأة السليمة عن طريق تقديم أنواع الرعاية المختلفة المنصوص عليها في لائحة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وتقدم خدماتها للبنين والبنات.

وامتداداً لتوفير الرعاية المتكاملة للأيتام ومن في حكمهم، فقد أنشات الدولة مؤسسات التربية النموذجية للذكور، فعندما يبلغ الطفل النزيل في دور التربية الاجتماعية فوق سن الثانية عشر وتكون الظروف التي بسببها أودع الدار ما زالت مستمرة، فإنه يتم نقله إلى مؤسسة التربية النموذجية، حيث يقدم له خدمات تناسب سنه، ولقد تم إنشاء مؤسستين إحداهما في الرياض والثانية في مكة.

دار اليتامى في مكة والمدينة:

من أجل تأمين مستقبل حياة ملائمة فقد خيرت الطالب بعد إنهاء دراسته الابتدائية بين البقاء في الدار موظفة أو أن يتابع دراسته على نفقة الدار. وأما دار الأيتام في المدينة: فقد تجمع بين التعليم الابتدائي والتعليم الصناعي، فالطالب بعد أن يلم بشيء من العلوم يوجه إلى صناعة من الصناعات التي تفيده في حياته وكانت المؤسسة تقوم على أهل الخبرة، لكن الحكومة فيما بعد حولتها إلى مؤسسة حكومية رصدت لها ميزانية خاصة، ثم بعد ذلك بدأت دور الأيتام تنتشر في المملكة حتى بلغت أكثر من خمسة وعشرين دارة للأيتام موزعة على: ( الأحساء، الدمام، الجبيل، بريدة، وعنيزة، حائل، الزلفي، المجمعة، شقراء، الدوادمي، والخرج، ضرما، الوادي، بيشة، الطائف، جازان، جدة، ينبع، القنفذة، العلا، تبوك، بلجرشي، الجوف، القريات).

دار الرعاية الاجتماعية للمسنين:

فقد نادى الإسلام بالاهتمام بهذه الفئة، لكن هناك ظروفاً أجبرت هؤلاء على اللجوء لدور الرعاية، فإنّ الرعاية الاجتماعية للمسنين من خلال  هذه المؤسسات صفة رسمية يمكن إرجاعها لعهد الملك عبد العزيز وكانت توجد ثلاث دور للرعاية الاجتماعية في مكة والمدينة، الرياض، ولقد كانت تسمى” دور العجزة وتشرف عليها الخاصة الملكية، ثم ألحقت بالرئاسة العامة لدور الأيتام بعد إنشائها في عام 1375/1955 ميلادي، ثم ضمت إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عام 1380/1990 ميلادي.

وللحفاظ على التوازن في مسؤولية الأبناء والأسرة وللحد من الإفراط في العقوق فلم تترك الدولة المجال لضعاف النفوس من الأبناء للتخلي عن رعاية والديهم فاشترطت في قبول المسن عدم وجود أسرة ترعى المسن. وتقدم المؤسسة الرعاية والإيواء، بالإضافة إلى مصروف يقدر ب 45 ريالاً شهرياً وتصرف لهم ملابس وأدوات وكل ما يحتاج إليه النزيل، كذلك تعمل على إشغال وقت فراغه بالعمل المناسب والمحبب إليه وتقدم لهم الخدمات الصحية وغيرها.

الجمعيات النسائية:

لا يستطيع أحد أن ينكر دور المرأة في المجتمع وتنميته، فلها أكبر دور في دفع عملية التقدم  ونظراً لتدني مستوى المرأة التعليمي والثقافي لأسباب اجتماعية واقتصادية وجغرافية واضحة بدأت تظهر جهود نسوية تهدف إلى تنشيط دور المرأة والرقي بها اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وذلك عن طريق إنشاء الجمعيات الخيرية النسوية، ففي عام 1381/ 1991 ميلادي تأسست أول جمعية خيرية للخدمات الاجتماعية في مدينة صفوى وبعدها بعام واحد أنشئت جمعية سيهات الخيرية.

وفي عام 1992/ 1382 ميلادي أنشئت جمعية النسائية الخيرية في الرياض وهي جمعية أهلية، كان يطلق عليها  نادي فتاة الجزيرة وانحصر نشاطها في بداية نشأتها على تعليم الأميات القراءة والكتابة، أيضاً تقديم المساعدات المادية والعينية للعائلات الفقيرة، ثم عدل اسمها إلى ” جمعية النهضة السعودية واستمر نشاطها الاجتماعي الخاص على برامج محو الأمية، ثم تطورت أنشطتها فيما بعد.

وفي عام 1383/1992 ميلادي أنشئت الجمعية النسائية الخيرية، في كل من الرياض وجدة وليتم تظيم جهود هذه الجمعيات النسوية قامت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بسن نظام خاص للجمعيات والمؤسسات الاجتماعية والأهلية.


شارك المقالة: